أهم الأخبار

هل استفاد العراق من الاستقرار في المنطقة؟

محمد حسن الساعدي

 

حالة الصراع الأميركي – الروسي – الصيني جعلت خارطة التحرك الأميركي في منطقة الشرق الأوسط تتراجع كثيرا، فمع تصاعد حدة الصراع والاقتتال في أوكرانيا تراجع وهج واشنطن في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا العراق وسوريا واليمن، واتضح ذلك من خلال حالة الهدوء النسبي الذي يسود المنطقة، وجعل حركة الاقتصاد تتحرك فيها بسهولة، وحجم الاستثمارات يتزايد خصوصا في العراق، بالإضافة إلى المتغيرات الإيجابية التي قربت وجهات النظر بين طهران والرياض.

وقادت المباحثات التي كان العراق الراعي الرسمي لها إلى تفاهمات أفضت إلى عقد اتفاقيات وتبادل السفراء، ليس فقط بين طهران والسعودية، بل امتد ذلك إلى دول الخليج عموما، وبالفعل قاد العراق هذه المباحثات المهمة التي انعكست بالإيجاب على الوضع الإقليمي ككل، والوضع الداخلي وجعله أكثر هدوءا واستقرارا من ذي قبل.

المجتمع الدولي دعم توجهات العراق نحو تعميق علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك من أجل التغلب على مشاكله الداخلية والانفتاح السياسي والاقتصادي عليه، ما جعله لاعبا مهما في عملية الاستقرار، خصوصا بعد زوال مبررات المواقف المتشنجة تجاه العراق واعتباره “الحديقة الخلفية لإيران”. لذلك سعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أن يعمل على إحداث توازن من خلال إقامة علاقات أوثق مع دول الخليج، خصوصا أنه مدعوم من أكبر الأحزاب القوية في البلاد.

العراق بدا ملتزما تجاه الوضع العربي، حيث جاء ذلك من خلال خطابه الذي ألقاه في قمة الجامعة العربية التي عقدت في الرياض مؤخرا، والتي تعهدت باستضافة جامعة الدول العربية في بغداد عام 2025، ما يعطي إشارة واضحة على التزام العراق تجاه المجتمع العربي.

في المقابل كان موقف دول مجلس التعاون الخليجي إيجابيا تجاه الوضع في العراق، ورأت أنه على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها النظام السياسي، إلا أنه يسير نحو الاستقرار والثبات والقدرة على معالجة معالم التحديات ومواجهة الأزمات الكبرى، كالإرهاب والحركات الانفصالية والاحتجاجات الواسعة التي تخرج بين الحين والآخر. وهذا ما انعكس بالفعل من خلال الاستثمارات الكبيرة في العراق، إذ بلغت الاستثمارات السعودية لوحدها أكثر من 6 مليارات دولار شملت قطاع الطاقة وباقي قطاعات الخدمات. ومن المرجح أن تنمو هذه الاستثمارات أبعد من مجال الطاقة، لتشمل قطاعات اقتصادية مهمة أخرى في البلاد.

بات من الضروري على المجتمع الدولي، وعلى الاتحاد الأوروبي العمل على تشجيع ودعم مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لتوسيع مشاركتها في الاستثمار بالعراق، وفي كافة القطاعات وأهمها المجال الأمني والمناخي. كما ينبغي على الأوروبيين أن يبذلوا ما في وسعهم من أجل دعم الفرص التي تجذب طهران إلى أطر التعاون في المنطقة، والتي من شأنها تعزيز خفض التصعيد الإقليمي والدولي على نطاق أوسع، والوقوف في وجه التحديات التي تواجه المنطقة، مثل التي يفرضها تغير المناخ الذي بات من أهم المشاكل التي يعاني منها العالم أجمع.

 

العرب اللندنية

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى