أهم الأخبارمقالات

الرئاسة اللبنانيّة بين الداخل والخارج!

 

رامي الريس

إذا كان فريق الممانعة يرتكز في إصراره على ترشيح معيّن في رئاسة الجمهوريّة على الموقف الفرنسي، فواضح أنّ ثمة متغيّرات هامة قد أدخلت على بُنية هذا الموقف السياسي. وإذا كان «فريق المعارضة» (والتسمية حتماً غير دقيقة بسبب الانقسامات الحادة التي «تميّز» هذا الفريق السياسي) يراهن على هذا التحوّل بدوره لفرض واقع جديد، فذلك لن يكون متاحاً أيضاً!

كان من المأمول أن تساعد اللجنة الخماسيّة لبنان على تجاوز الفراغ الرئاسي من خلال التوصّل إلى تسوية ما تتيح النفاذ نحو انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة عقب الفراغ الذي سيدخل عامه الأول بعد أسابيع قليلة.

وكان من المنتظر من اللجنة المذكورة أن تجري الاتصالات الدوليّة والاقليميّة المطلوبة للتأثير على القوى النافذة في لبنان، التي تقبض على ناصية القرار السياسي والدستوري بما يؤمّن المخارج الملائمة ويفتح المنافذ المقفلة. إنّما هذا لم يحصل، بل وقع الخلاف بين أعضاء اللجنة أنفسهم ولم تُفتح عمليّاً أي اتصالات ديبلوماسيّة مع اللاعبين الآخرين المؤثّرين في الساحة اللبنانيّة.

التعويل الآن هو على الحراك القطري الذي أخذ زخماً إضافيّاً نتيجة تراجع الدور الفرنسي الذي صدف أنّه تزامن مع سلسلة من الانكسارات السياسيّة والديبلوماسيّة والعسكريّة الفرنسيّة في أفريقيا وسواها من البقع حول العالم. بطبيعة الحال، نجاح هذه الوساطة منوط بالقدرة على مدى استعداد سائر أعضاء اللجنة الخماسيّة تسهيلها، وبمدى القدرة على تحقيق خرق جدي مع القوى الاقليميّة التي لم تُشرك في المباحثات بشكل جدي حتى اللحظة.

التجربة القطريّة السابقة في رعاية اتفاق الدوحة سنة 2008 قد تُشكّل مرتكزاً لوضع أسس الحل المفترض إذا ما استطاعت بناء شبكة تفاهمات خارجيّة ومحليّة على حد سواء. يومذاك، وعلى الرغم من كل الملاحظات السياسيّة على اتفاق الدوحة إلا أنه وفّر على البلاد الغرق في مستنقع خطير من الاقتتال الداخلي الذي لم يكن الخروج منه ممكناً بسهولة بفعل الانقسامات العميقة بين اللبنانيين.

بطبيعة الحال، الظروف السياسيّة اليوم مختلفة تماماً. إلا أنّ اللاعبين الأساسيين والمؤثّرين في الساحة اللبنانيّة لا يزالون هم ذاتهم، وإن تبدلت موازين القوى بعض الشيء صعوداً أو هبوطاً لمصلحة هذا الفريق السياسي أو ذاك. القوى السياسيّة ذاتها تقريباً مع دخول «فولكلوري» (إذا صحّ التعبير) لبعض القوى التغييريّة التي ضربت رقماً قياسيّاً في الانقسام السياسي والبرلماني في ما بينها بما تجاوز بأشواط أداء القوى السياسيّة «التقليديّة» كما يسمونها!

بمعزل عن تطورات المشهد الخارجي وتعقيداته، تبقى الصورة المحليّة أكثر إيلاماً! أن تنتظر القوى السياسيّة نتائج الحراك السياسي والديبلوماسي الخارجي لكي تبني على الشيء مقتضاه فهو أمر معيب بحق اللبنانيين جميعاً. إذا كان الاستحقاق الرئاسي تاريخيّاً يتأثر بالمعطيات الخارجيّة، فليس مقبولاً أن يصبح متكلاً عليها بالكامل وأن تُفقد زمام المبادرة المحليّة أو أن تُقفل كل المنافذ والطروحات دون تقديم البدائل.

صحيحٌ أنّ الهدف الأسمى يبقى باحترام الدستور وتطبيقه بحرفيته، ولكن العناد والعناد المضاد لا يؤدي سوى إلى المزيد من التعثر والانقسام، والشعب اللبناني هو وحده من يدفع الثمن!

نقلا عن نداء الوطن

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى