أهم الأخبارمقالات

لماذا ترفض إيران الوجود الأمريكي في دول الجوار؟

ر

هدى رؤوف

 

يعد مصدر التهديد الأساسي في منطقة الخليج من المنظور الإيراني الوجود الأمريكي في المنطقة على طول الحدود الإيرانية في أفغانستان والعراق، وفي منطقة الخليج العربي حيث تعتبرها المجال الرئيس لحركتها السياسية وضمان أمنها.

ومن هذا المنطلق عملت إيران على إحداث توترات وخلق فوضى في المساحات التي وجدت بها القوات الأمريكية، لتجبرها على الرحيل، وجعل وجودها غير آمن. ومن ثم تعاملت طهران مع الوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان باعتباره يمنحها فرصاً تستغلها لمصالحها، ومن جهة أخرى تعاملت معه باعتباره تهديداً أمنياً لها.

في عام 2003 وبعد الغزو الأمريكي للعراق، عملت طهران على زيادة نفوذها بالمنطقة، وشهدت إدارة جورج بوش الابن تعاوناً خلال تلك الفترة بين الولايات المتحدة وإيران في أفغانستان والعراق، على رغم الخطاب العدائي المتبادل بينهما حينها.

شهدت تلك الفترة تقارباً بين طهران وواشنطن، وفتحت قنوات اتصال بشأن الوضع في أفغانستان، في حين أن الإدارة الأمريكية تجاهلتها عند التعامل مع الوضع بالعراق، فشهد الغزو الأمريكي لأفغانستان تعاون إيران وفتح مفاوضات بناءة بين الطرفين، وتواصلاً على مدى 18 شهراً حول أفغانستان لحفظ الاستقرار بعد حكومة طالبان.

كما عرضت طهران مرات عدة المشاركة في برنامج تدريبي بقيادة الولايات المتحدة للجيش الأفغاني، وإطلاق حوار حول مكافحة الإرهاب مع واشنطن. وفي الجهة الأخرى عملت طهران على خلق فوضى تتحكم بها في العراق لخلخلة الوجود الأمريكي بالعراق.

ومن ثم نجد تصريحات المرشد الإيراني منذ أيام في ما يخص الوجود الأمريكي في العراق، فخلال اجتماعه مع الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد في طهران قال “إن وجود حتى أمريكي واحد في العراق أكثر من اللازم”. وفي المقابل قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن “بالنظر إلى المستقبل، فإن القوات الأمريكية مستعدة للبقاء في العراق بدعوة من الحكومة العراقية”.

حديث أوستن يوضح أن واشنطن لن تترك العراق ساحة تنفرد بها إيران، وتصريح خامنئي يوضح أن طهران ستظل تعمل على زعزعة الوجود الأمريكي بالعراق، بما يعني أن العراق ما زال معرضاً ليكون ساحة التجاذبات والصدامات الإيرانية – الأمريكية.

تؤكد تلك الاحتمالات ما نشرته وكالة “تسنيم” الإيرانية من أن متحدث حركة النجباء العراقية، التي تدعمها إيران، نصير شمري قال على “تويتر”، “إن قوات الاحتلال هدف مشروع في العراق وفي كل منطقة غرب آسيا حتى خروج آخر جندي أمريكي محتل من أرض العراق، وأن حركة النجباء غير ملزمة بأي اتفاق سياسي يتضمن هدنة أو تهدئة مع قوات الاحتلال الأمريكي، أياً كانت الأطراف القائمة على مثل هذه الأمور”.

أما أفغانستان فعقدت قمة في أوزباكستان، جمعت بين الصين وروسيا وإيران، لمناقشة الفراغ الذي خلفه رحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان، وشدد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان على التعاون الإقليمي في إعادة السلام إلى أفغانستان، وقال إن ما تحتاجه أفغانستان هو “حلول إقليمية وليس تدخلاً غربياً”، وجرى إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في الإخفاقات الأمنية بأفغانستان.

تحاول إيران في إطار سعيها للنفوذ التخلص من وجود أية قوات أجنبية يمكن أن تعرقل سياساتها، فحينما تسعى قوى ما إلى الهيمنة والسيطرة يظل وجود القوى العظمى داخل إقليمها أهم كوابح مشروعها. لذا فإنه بفرض تقاربت المصالح الأمريكية والإيرانية في بعض المساحات ونجح الطرفان في التنسيق والتعاون بما تفرضه المصالح ستظل طهران تعمل على ضمان عدم وجود أمريكي في جوارها الإقليمي، وستستمر في خلق فوضى محكومة من قبلها تجاه تلك القوات مع استمرار تقديم حلول للأزمات الأمنية لدول الجوار من وجهة النظر الإيرانية.

 

اندبندنت عربية

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى