مقالات

لماذا نعادي إيران؟

شريف عبد الحميد .. رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية

دأب النظام الإيراني منذ نجاح ثورة الخميني عام 1997 على إظهار وجهه القبيح لجيرانه العرب، الذين تربطهم بإيران وشائج الجوار والدين والإرث الحضاري المشترك. وكان من المفترض أن تؤدي هذه العوامل إلى صداقة عربية- إيرانية، قوامها التعاون لتحقيق مصلحة شعوب المنطقة. غير أن ملالي طهران دفعونا دفعا إلى اعتبارهم ألدّ أعداء منطقتنا، والتوجس منهم، بعد ما ذاقته بعض دولنا العربية، ومنها العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، من ويلات ومصائب على أيدي أصحاب “العمائم السوداء” وعملائهم، سواء من يعمل منهم في السر، أو يسبح بحمد إيران في العلن!
ولا جدال أن السؤال المصيري الذي يطرح نفسه، باعتباره سؤال الساعة، هو: لماذا نعادي إيران؟
في معرض الإجابة على هذا السؤال، ربما تتعدد الأسباب، لكن العداوة واحدة.

وأول أسباب العداء العربي لإيران تحت الملالي، هو حجم الكراهية والعنصرية التي تموج بها الأوساط الإيرانية حيال العرب، ففي عام 2015، انتشرت على نطاق واسع في أوساط الشباب الإيراني أغنية عنصرية اسمها “كِش عرب”، وهي الكلمة المستخدمة في لعبة الشطرنج، ومعناها “مات”. وأُذيعت هذه الأغنية العنصرية في الإذاعات على نطاق واسع بترخيص من وزارة الثقافة الإيرانية، وكانت الرسالة غير المعلنة من الأغنية هي “اقتل عربيًا”!

وكان من ضمن كلمات تلك الأغنية “لم أكن يومًا ما أحب أكلَة الجراد هؤلاء”، وهو تعبير فارسي قديم يُستخدم للدلالة على جنس العرب. وباقي كلماتها موجهة إلى الملك الفارسي القديم “قوروش”، الذي بات رمزًا للقوميين الإيرانيين المتطرفين، حيث تخاطبه قائلة “انهض يا قوروش، فقد بلغ الأمر بنا، ليتم تهديدنا من قبل العرب. وقسمًا بالخليج الفارسي، سنقضي على اسمكم، وسنضرب رقاب جميعكم عند مقبرة قوروش، ولو أخطأتم ستدفعون الثمن في الرياض، ومن اليوم فصاعدًا بات اسمي قاتل العرب”!
ويتمحور الحقد الفارسي الصفوي حاليًا في طلب “الانتقام من العرب” الذين هزموا الإمبراطورية الفارسية القديمة. ويتبدى هذا الحقد في تصريحات قادة نظام الملالي الحاكم، الذين فرضوا على الطلاب الإيرانيين مناهج دراسية تعتبر العربي “شخصًا منحطًا”، لا هم له إلاّ إشباع رغباته الجسدية، ولا صلة له من قريب أو بعيد بالتحضر أو الحضارة!
هذا الشعور المعادي للعرب تنامى بين شريحة كبيرة من جيل الشباب الإيراني ما بعد ثورة 1979، وكان يغذيه الملالي المتعصبون بمشاعر الحنين إلى الماضي، وأمجاد أسلافهم، مشفوعة بمظاهر الحقد ضد عرب الخليج خاصة، وعلى الجنس العربي بشكل عام.

ومن المؤسف أن بعض الأدباء الإيرانيين روجوا في كتاباتهم لهذه المشاعر العدوانية، حيث قدموا صورة قبيحة لـ “العنصر العربي” المتهافت في مقابل العنصر الفارسي القوي. وكان على رأس هؤلاء الروائي الشهير صادق هدايت، صاحب الرواية المعروفة “البومة العمياء”، التي تُرجمت إلى العربية كاملة، رغم ما تتضمنه من مشاعر الحقد ضد العرب. وهي الصفة التي تصطبغ بها غالبية آثار “هدايت” الأدبية، ومنها “بروين بنت الساسان” التي صوّر فيها ما أسماه “وحشية العرب” خلال الفتح الإسلامي لبلاد فارس!

وقد اعترف الدكتور صادق زيبا كلام، الأستاذ في جامعة طهران، بالكراهية التي يكنها مواطنوه للعرب والشعوب القوميات الأخرى غير الفارسية عمومًا في البلاد، قائلًا: “أعتقد أن الكثير من الإيرانيين سواء أكان متديناً أو علمانياً يكره العرب.

ومنذ الحقبة الملكية كان الأمر على هذا المنوال، حيث كانت تسود إيران نظرة تحطّ من شأن العربي، وهي صورة مستمرة إلى يومنا هذا. وأعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال، فالحقد والضغينة تجاه أهل السنة ورموزهم لدى الكثير من الإيرانيين، هو في واقع الأمر الوجه الآخر للحقد على العرب”.

مثل هذه الأباطيل تجاه العرب والعروبة، التي يتم الترويج لها على أوسع نطاق في إيران المعاصرة، هي ما أفسد العلاقة مع طهران، ناهيك عن المؤامرات والمخططات التخريبية التي نفذها الملالي في غير بلد عربي، الأمر الذي أدى إلى اعتبار حكام طهران أعداء للأمة العربية، حتى إشعار آخر!

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى