محمد بن زايد.. خيرُ خلف لخير سلف
د. عبدالحق عزوزي
ستظل شخصية المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ملهمةً للكثيرين، ومنبعاً لا ينضب للاستسقاء والارتواء. وقديماً قيل: كل عظيم يبتدئ تأثيره في المحيط المباشر، ثم يتسع تدريجياً حتى يشمل آفاقاً أخرى أكثر اتساعاً، وبقدر اتساع تأثيراته وشمولها الأرجاءَ البعيدةَ النائيةَ، بقدر ما تعظم عظمتُه وتسمو منزلتُه ويعلو مقامُه.. وهكذا تبرز عظَمةُ الشيخ خليفة بمآثره وأبعاده، إذ رفع للأعمال النافعة والإنجازات المفيدة رايةً عاليةً حتى ترامت أخبارُه إلى سائر الأقطار، وهي أخبار مدرسة زايد التي ينتمي إليها فقيد الإمارات والإنسانية ككل، والتي عُرفت في مشارق الأرض ومغاربها، وعَظُمَت شهرتها والتمس الجميعُ لديها الملاذَ والأمانَ.
لقد أسس الشيخ زايد مدرسةً في العمل الوطني والقومي والإنساني، وحرص أبناؤه من بعده على ترسيخ مقوماتِها، وسهروا على إرهاف الوعي العام وإزاحة رواسب صراع القوى ومعترك المذاهب وصدام التيارات. والآن تفقد الإماراتُ والإنسانيةُ كلُّها المغفورَ له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله، وفي هذا الحدث الجلل يصدق قول الراثي:
جلت رزيئته فعم مصابه
فالناس فيه كلهم مأجور
والناس مأتمهم عليه واحد
في كل جار رنة وزفير
ردت صنائعه عليه حياته
فكأنه من نشرها منشور
سيثني عليك لسان من لم توله
خيراً لأنك بالثناء جدير
إن انتخاب المجلس الأعلى للاتحاد صاحبَ السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة، مسألةٌ طبيعيةٌ في ظل دولة القانون والمؤسسات القائمة، فمحمد بن زايد هو ظل المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو حامي حمى الاتحاد، وهو من شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أُكلَها كلَّ حين بإذن ربها.. يعرفه الجميع قائداً استثنائياً وزعيماً وطنياً، له حكمة عميقة، ورؤية استراتيجية في مسائل الداخل والخارج، وله حضور فكري وشخصي ومؤسساتي في المحافل الدولية وعند أصحاب القرار في سائر أرجاء المعمورة. وهو يبهرك عندما يتحدث معك لسعة علمه وكثرة اطلاعه ودقة تفكيره.
إنها المسيرة التي تستنير كل وقت من أوقات الالتقاء، وكل خطوة من خطوات الاستبصار والاستجلاء والتحليل والتقييم، بنور كاشف ويقين وهاج، فشخصية محمد بن زايد شخصية جذابة أخّاذة، ثرية وسخية، قائمة على أصول راسخة، فهو مؤمن أقوى وأصلب ما يكون الإيمان، بأمثل المبادئ وأسمى القيم.. ثاقب البصيرة نافذ الإدراك لكل التيارات والمذاهب، قديمها وحديثها. وسعة اطلاعه تجعلُه، في شعوره وتفكيره وممارسته وتوجيهه، متشبثاً بالأصالة ومتطلعاً للحداثة.. يستسيغ من القديم والحديث معاً ما يتطلبه واقع العصر، وتقتضيه أصالة الالتزام وقوامة المنهج.
صحيفة الاتحاد الإماراتية