قراءة في شكل ومضمون الاتفاق السعودي – الايراني
حسان القطب
الإعلان عن الاتفاق بين المملكة العربية السعودية ودولة إيران، كان نتيجة مفاوضات طويلة امتدت لاكثر من سنتين كما أشار البيان المشترك.. وهنا لا بد من الوقوف عند هذا الإعلان من حيث الشكل والمضمون.
الاتفاق تم بعد مناشدات عديدة أطلقها وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان، وأعلن خلالها استعداده لزيارة الرياض لحل المسائل الخلافية بين المملكة وإيران ومع سائر دول الخليج.
كما نتيجة مساعي عراقية بهدف تهدئة الاوضاع في العراق وضبط الميليشيات العراقية التي تقودها إيران.
بالأمس أعلن نصرالله في خطابه أن من يتوقع تفاهماً او اتفاقاً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، أو بين المملكة العربية السعودية وإيران.. عليه أن ينتظر مئة عام.. فجاء الإعلان اليوم الجمعة بعد 24 ساعة من كلمة نصرالله، مما يعني أنه لم يكن على علم بالحوار بين الطرفين والذي يدور في العاصمة الصينية.
منذ أيام تبين ايضاً نتيجة تناقض كلام نصرالله مع الاعلان المستجد، أن إيران لم تقم باستشارة حلفائها في المنطقة، بل ابلغوا بالاعلان الرسمي عبر وسائل الاعلام.. لذلك كانت ردودهم محدودة المضمون وغامضة التوقعات.. بانتظار ايضاحات وشروحات ايرانية رسمية..وهكذا يتم التعامل مع الاتباع..؟؟؟
الإعلان عن الاتفاق من بكين، يشير إلى أن إيران لا ترغب في أن يكون البيان الختامي أو الإعلان عن الاتفاق من بغداد العاصمة العراقية.. إذ لا يقبل نظام طهران بإعطاء دور الوساطة العراقية اية نتائج نهائية على انها نجاح لوساطتها بل رأى أن الإعلان من بكين يشكل قيمة مضافة لعلاقاته مع بكين وهي التي كانت اعترضت على البيان الختامي لزيار الرئيس الصيني لدول الخليج منذ أشهر.
اكتفى البيان الختامي بشكر دولتي عمان والعراق، بجهودهما لتذليل العقبات، بينما كان الاجدى والأكثر احتراماً هو إعلان الاتفاق من عاصمة العراق بغداد أو مسقط عاصمة دولة عمان..؟؟بعد الجهود التي تم بذلها من قبل هاتين الدولتين..؟؟
تضمن الاتفاق على نقطة تفيد باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.. وهنا تعتبر الكرة في ملعب إيران.. فالقوى اللبنانية المعارضة لمشروع إيران كان يتم التهكم عليها من قبل حزب الله، بأنه قد تم التخلي عنها من قبل المملكة منذ سنوات، فيما يؤكد نصرالله باستمرار على تواصل الدعم الإيراني لحزبه وميليشياته.. فمن هو الفريق الذي سوف يعاني من تداعيات هذا البند الذي ينص على وقف التدخلات ؟؟؟؟؟
هل ستنسحب إيران من سوريا واليمن والعراق..؟؟وكيف سيتم تفسير هذا التصرف.. وما هي تداعياته على الميليشيات التابعة..؟؟ إعادة فتح السفارات سيتم بعد شهرين.. اي أن هناك وقت محدد لمراقبة تنفيذ ما اتفق عليه.. وعدم الالتزام سوف يطيح بالاتفاق.. وبالتالي عدم فتح السفارات.. وعدم استكمال تطبيق نقاط الاتفاق.
في حالة عدم الالتزام بالاتفاق فإن دولة الصين سوف تكون محرجة وهي التي تضمن الاتفاق الذي تم في عاصمتها برغبة ايرانية.. إن أي حرب متوقعة او مفترضة مستقبلاً بين الكيان الاسرائيلي، ونظام طهران ستكون دول منطقة الخليج العربي خارج دائرة هذا الصراع مما سيحرم إيران من ورقة ضغط بتخريب اقتصاد المنطقة وبنيتها التحتية في حال نشوب حرب اقليمية.. موقف ادوات إيران أو المناذرة العرب، في حالة ارباك .
فهل سيهتف اتباع حزب الله في احتفالات امينهم العام (الموت لآل سعود).. وهل المملكة لم تعد راعية للارهاب او صاحبة فكر تكفيري ووهابي..؟؟؟ ما الذي سيقوله نصرالله لاتباعه.. وايران لشعبها واتباعها وادواتها..؟؟ الاتفاق بنصه ومضمونه وتوقيته يؤكد ان الازمة الداخلية الايرانية عميقة ومقلقة وتثير خوف النظام من تداعياته.. والوضع الاقتصادي في تراجع مستمر والاستثمار في اثارة الحروب وتسليح الميليشيات.. لم يعد ممكناً وما على إيران سوى الالتفات إلى الداخل لمعالجة همومها ومشاكلها..؟؟
الخلاصة.. الاتفاق لا زال حبره سائلاً لم يجف، والتاريخ علمنا ان هذا الفريق لا يمكن الوثوق به.. لذلك ما علينا الا الانتظار ومراقبة دقة الالتزام.. من حيث وقف التدخلات وسحب الأسلحة وتغيير النهج السياسي والأمني الإيراني في المنطقة.
واتباع إيران عليهم مسؤولية كبيرة في تبرير وتوضيح مضمون الاتفاق ولماذا اضطرت إيران للوصول إلى هذا الاتفاق.. خاصةً وان الاعلام التابع لهذا الفريق يؤكد باستمرار تراجع وانهيار المملكة ويؤكد على تفوق إيران ومحورها.. وهذا ما نشره أحد الاعلاميين منذ أيام عن كلمة لنصرالله أمام محللين وسياسيين..؟؟؟ المرحلة المقبلة كفيلة بتاكيد حسن سير الاتفاق من عدمه…وهل أن الاتفاق الذي وقعته إيران هو استراتيجية حقيقة أم ضرورة تكتيكية..؟؟
المركز اللبناني للابحاث والاستشارات