تجفيف الأحواز.. جريمة ضد الإنسانية والطبيعة
الأحواز هي بقعة جميلة وساحرة من جنوب العراق، تُمثّل الماضي والحاضر، وتحكي قصة حضارة منسية، كتبت حروفها بكل قصبة نبتت على ضفاف نهري دجلة والفرات. ارتبطت الأحواز بالحكمة السومرية الشهيرة التي تقول “حيثما تغمر المياه الأرض ينمو الخير وتخرج أجنحة السعادة إلى الوجود”. هذه الحكمة التي بقيت شاهدة على أصالة تلك الأرض وجريان مياهها وغابات نخيلها والقصب والبردي.. وقد تجلّى الإبداع الإلهي في صور ناصعة في جماليات الأرض والمياه والسماء.. وقد أطلق المستشرقون على هذه المنطقة، التي أحبّوها وألهمتهم كتابة روايات وقصائد وكتب، تسمية “جنة الله على الأرض “..
ومثل ما أحب سكان الأحواز تلك البقعة أحبتهم، ففاض عطاؤها بحجم مياهها العذبة، وجودة أرزها ونخيلها وأسماكها وطيورها المهاجرة. وقد أكد الكثير من الباحثين بأن مجتمع الأحواز هو امتداد للمجتمع السومري القديم، وذلك استناداً إلى دراسات علمية وتاريخية أثبتت الشبه الكبير بين كلا المجتمعين .
تعتبر مناطق الأحواز العراقية أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وغربي آسيا. وتبلغ مساحة هذا المستنقع المائي الشاسع نحو 16 ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من مساحة دولة لبنان. وتمتد الأحواز بين ثلاث محافظات جنوبية هي العمارة، والناصرية، والبصرة. وهي جزء لا يتجزأ من طرق عبور الطيور المهاجرة ما بين القارات، ودعم أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، واستمرارية مناطق صيد أسماك المياه العذبة، وكذلك النظام البيئي البحري في الخليج. وإضافة إلى أهميتها البيئية، تعتبر مناطق الأحواز تراثاً إنسانياً لا نظير له، وقد كانت موطناً للسكان الأصليين منذ آلاف السنين. وقد قدّر الباحث غافن يونغ عُمْرَ هذا المجتمع بخمسة آلاف سنة. وكانت منطقة الأحواز حاضنة للكثير من المعارضين للأنظمة السياسية على امتداد تاريخ البلاد، وذلك لوجود متاهات عديدة تخفي مئات الأفراد، ومنها انطلقت العديد من الثورات .
وتذكر إحصائيات أن عدد سكان الأحواز كان في بداية سبعينيات القرن الماضي يقدر بنصف مليون نسمة ينتشرون على مسطح مائي يصل الى 20 ألف كيلو متر مربع، هو عبارة عن سلسلة من المستنقعات والبحيرات المتداخلة تمتد بين مدن العمارة والناصرية والبصرة، تسكنها عشائر مختلفة في العادات واللهجات. وكان سكان الأحواز في سنوات متأخرة من الفتح الإسلامي يتكلمون اللغة الآرامية .
الثروات الطبيعية والحيوانية
تحوي منطقة الأحواز على موارد طبيعية وثروات حيوانية نادرة الأنواع: من طيور وأسماك وجواميس. فبالنسبة إلى جواميس كانت تصل أعدادها في بداية تسعينيات القرن الماضي بحدود 200 ألف رأس، ليتناقص العدد ويصل إلى 130 ألف رأس فتصبح نسبة الانخفاض 35 بالمائة. ويتميز الجاموس بإنتاجية عالية من الحليب الدسم الذي يدخل في صناعة الألبان، والنقص الحاصل في أعداد الجواميس جاء نتيجة الهجرة القسرية، وقلة المواد العلفية أو الرعاية البيطرية، أو تعرّضها للجفاف نتيجة تجفيف الأحواز .
وأسفل المسطحات المائية يوجد احتياط نفطي يقدر بـ30 مليار برميل من النفط الخام. ويحصل سكان هذه المناطق على غذائهم من حقول الأَرُزْ الكبيرة التي كانوا يزرعونها، والجواميس التي توفر لهم الحليب ومشتقاته. وكذلك يحصلون على الأسماك والطيور من المستنقعات المحيطة بهم. وهذا ما جعلهم ينعزلون عن المجتمعات المدنية .
ويقول تقرير لبرنامج الأمم المتحدة البيئي المهتم بإعادة تأهيل الأحواز: “في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، كانت مناطق الأحواز تتألف من مجموعة بحيرات وأراضٍ طينية وأراضٍ مستنقعية متصلة بعضها مع البعض الآخر، في الجزء الأدنى من حوض دجلة والفرات. وتمتد على مساحة أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع من العراق وإيران. وقد سبـّب إنشاء السدود العالية انخفاضاً في انسياب المياه، وأوقف التدفقات التي كانت تغذي أراضي الأحواز في الحوض الأسفل، مما زاد في تركيز التلوّث. وبحلول العام 2000، كان أكثر من 90 في المائة من المنطقة قد جفّ، وظهرت طبقات من الملح أساءت إلى النظام الطبيعي. ومما أسرع في ذلك، إنشاء كثير من مشاريع تصريف المياه. ونتيجة للمعدل السريع للتدهور، ظهرت إمكانية اختفاء الأحواز كلياً في منتصف السنوات 2000 “.
فمن قتل كل هذا الإبداع والجمال، ودمّر حيوات سكان الأحواز وأرزاقهم ، وهجّر عشرات الألوف منهم، وذلك عبر تجفيف مياهها وقتل كل أشكال الحياة فيها؟ ..
قمع الانتفاضة الشعبية
لم يتردد نظام صدام حسين أبداً في تدمير مصادر الثروة المائية للأهوار، حيث قام مبكراً (منذ العام 1985) بخطوات لتجفيفها، كمقدمة لمشروع أكبر، أدى الى تدمير هذا المستنقع المائي الشاسع. فقد كشف الدكتور جيمس يراز نكتون، الأستاذ في قسم الجغرافيا في جامعة كامبريدج البريطانية، عن قيام السلطات العراقية بأعمال هندسية جديدة لتجفيف ما تبقى من مياه أهوار الحويزة المتاخمة للحدود العراقية ـ الإيرانية في العام 1985
وبعدما انطلقت شرارة انتفاضة الشعب العراقي في العام 1991، التي زعزعت نظام صدام حسين أنذاك، وبعد قمع الانتفاضة في جميع المحافظات، بقيت الأحواز منتفضة بسبب صعوبة وصول القوات العسكرية للنظام البائد إليها، وكلّف صدام حسين عزت الدوري بالإشراف على الهجوم على الأحواز والقضاء على المنتفضين. وأشرف الدوري ضابطين كبيرين لتنفيذ هذه العملية، هما إياد فتيح الراوي وعبد الواحد شنان آل رباط. وكانت مهمة فتيح الراوي تصفية مدينة العمارة، ومهمة آل رباط استعادة مناطق الأحواز. وهذا الأسلوب اتخذ أيضاً في مدينتي البصرة والناصرية، ولكن تحت إمرة ضباط آخرين. ولكن في مدينة العمارة، توجد أهوار متصلة بإيران من جهة، وبمدينة الناصرية من جهة أخرى، مما جعل الحكومة تركز عليها قبل البدء بالهجوم. وأعلنت مكبرات الصوت الحكومية من خلال طائرات مروحية بأن مدينة العمارة ستضرب بالغازات الكميائية، مما أدى إلى هروب الكثيرين من المنتفضين إلى مناطق الأحواز، وقدروا في حينها بنحو مائة ألف شاب. وفي منطقة الأحواز، خاض جيش النظام معركة كبيرة مع المنتفضين، خصوصاً تلك المعركة التي جرت في قرية الشطانية والتي استخدم فيها الجيش نحو 150 كيلوغراماً من قذائف النابالم المحرّمة دولياً، وأصيب فيها قائد الحملة آل رباط بنيران المنتفضين، واستخدمت الطائرات المروحية في جمع مئات الشبان، هم وزوارقهم، من خلال شباك المروحيات .
وقد أسفرت الاعتقالات وعمليات القتل العشوائي إلى اختفاء أكثر من 50 ألف مواطن من أبناء المنطقة، بعضهم اقتيد إلى السجون، والبعض الآخر هرب إلى إيران .
تجفيف الأحواز
وبعد قمع الانتفاضة بشتى الوسائل القذرة التي اعتاد عليها نظام صدام حسين، قام النظام البائد، وبإشراف مباشر من المجرم حسين كامل وعدد من المهندسين، بوضع خطة محكمة لتجفيف الأحواز، فقاموا في منطقة الفرات بشق قناة اطلق عليها تسمية “أم المعارك”، تمتد الى أكثر من مائة ميل حول الأحواز الأصلية في الناصرية. وعند أعلى نهر أم المعارك تم تحويل مليارات الغالونات من مياه الفرات في قناة أخرى تصب وسط الصحراء. وفي العمارة تم شق قناة نهر العز، وهي بعرض كيلومتر واحد، وتمتد من الأحواز الوسطية حتى مدخل مدينة القرنة في البصرة. وقد شفط هذا النهر الكبير مياه أهوار الشطانية والصيكل والصحين، وهذه الأحواز هي المغذية الرئيسة لهور الحمّار وهور السناف .
كما رشَّتْ العديد من طائرات النظام مادة سائلة أسهمت في موت النباتات أنذاك. وتم إسناد العاملين في تجفيف الأحواز بفرقة عسكرية هي الفرقة (18) التابعة الى الفيلق الرابع. وأسهم العقيد مزهر التكريتي، آمر استخبارات الفيلق الرابع بقتل المئات من سكان مناطق الأحواز خلال فترة التجفيف .
وقام النظام السابق خلال هذه الفترة ببناء سدود وخزانات مياه عديدة، وطلب من تركيا وسوريا تقليل كمية المياه القادمة من نهري دجلة والفرات إلى العراق. وهكذا بدأ يتوسّع التصحّر وتُشقُّ الطرق الترابية لملاحقة الفارين.
وقد زعم عدد من مسؤولي النظام السابق بأن التجفيف سيسهم في النمو الاقتصادي، بينما كان هدفه الرئيس سياسياً وأمنياً.
وبقي هور الحويزة هو الوحيد الذي يتمتع بالحياة، لأن إمداداته المائية كانت تأتي من إيران .
وكانت محافظة ميسان (العمارة) الأكثر تضرّراً، كونها تشتمل على أغلبية الأحواز في الجنوب العراقي، التي تقدر بأكثر من 45 بالمائة من المنخفضات المائية لأهوار العراق .
إن تدمير مناطق الأحواز العراقية، وما تبعه من تهجير سكان الأحواز العرب الأصليين، يعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه العراق من الناحيتين الإنسانية والبيئية. إن دور مناطق الأحواز كمصادر للمياه عبر الحدود، ووجود احتياطات بترولية فيها، قد وضع مستقبل مناطق الأحواز في لائحة أولويات إعادة بناء العراق .
الآثار البيئية
وهكذا تمت عملية تجفيف الأحواز التي سبّبت العديد من الكوارث البيئية، وأدّت إلى هجرة سكان هذه الأحواز، ونزوحهم إلى المدن التي لم يعتادوا عليها، فلم يعثروا على عمل ولا وظائف، لأن معظمهم لا يعرفون سوى مهن الصيد والزراعة وتربية المواشي .
وفي عام 2000، وزعت الإدارة الوطنية للطيران والفضاء (ناسا) في الولايات المتحدة الأميركية صوراً تؤكد تجفيف 90 في المائة من أهوار العراق، وقالت إن ذلك أكبر كارثة بيئية في العالم. وقال مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة كلاوس تويفر: “إن التدمير شبه الكامل للأهوار العراقية في ظل نظام صدام حسين كان كارثة إنسانية وبيئية كبرى، حرمت عرب الأحواز من ثقافة عمرها قرون”. وأظهرت الصور الفضائية خطوات تجفيف الأحواز في جنوب العراق، التي حوّلت مجرى نهر الفرات وروافده، ما يعني منعه من تغذية الأحواز من جهة، والتأثير على منسوب مياه شط العرب من جهة أخرى .
فقد أدى تجفيف الأحواز الى تعريض المناخ البيئي لعوامل سلبية أثرت في معدلات الحرارة والرطوبة. إذ كان هذا المسطح المائي الواسع يسهم في تخفيف أثر الرياح التي تهب من المناطق الجنوبية والشرقية، وبذلك فقد المناخ العراقي عاملاً بيئياً مهماً يسهم في منع زيادة حرارة الصيف المرتفعة، ومنع زيادة مساحات التصحّر في المناطق المجاورة. والطيور التي وجدت في الأحواز هي الأخرى لم تسلم من الآثار السلبية لتجفيفها. وكانت قبل التجفيف نحو 18 ألف طير، وبعد فترة التجفيف تناقصت أعداد الطيور الى خمسة آلاف طير .
وإضافة إلى الأضرار البيئية التي قلــّصت إمكانات المعيشة والحياة في هذه المنطقة، فإن سكان الأحواز عانوا موجات من التهجير ضمن حملات النظام السابق في التسعينيات. كذلك أصبح العديد من السكان عاطلين عن العمل بسبب أن الصيد كان يمثل مهنة وتجارة لهم. كما كانت منطقة الأحواز توفّر فرصاً مؤاتية للاستثمار الزراعي، خاصة ما تمتلكه من عوامل مناخية مساعدة على نجاح زراعة محاصيل حيوية تدخل في الاستهلاك المحلي، مثل مادة الأرز .
التداعيات الاجتماعية والاقتصادية
وواكبت هذه التداعيات البيئية التغيّر الكامل لديموغرافيا السكان، من التهجير القسري أو الهجرة الداخلية التي كسرت نمط حياة اجتماعية كانت لها امتدادات تاريخية طويلة. فسكان الأحواز امتازوا بخصوصيات اجتماعية ميّزتهم عن غيرهم من سكان العراق. فهم يعيشون قرب الماء ويمثل السمك غذاءهم الرئيس، ويعتمدون على الزواج الداخلي الذي يؤمن استمرار وجودهم الاجتماعي، وبالتالي تصبح القرابة / العشيرة هي الرابطة الأساس في حياتهم .
وفي العام 2003 ــ 2004 أشارت التقديرات إلى أن ما بين 85 ألف و100 ألف من عرب الأحواز كانوا يقيمون ضمن وحول ما تبقى من مناطقهم الأصلية، بما فيهم أقل من 10 في المائة يعيشون على الطريقة التقليدية. بينما بقي بين 100 ألف و200 الف منهم مهجرين داخلياً ضمن العراق، وحوالى 100 ألف يعيشون لاجئين خارج العراق، خصوصاً في إيران. وتعيش أيضاً في المنطقة أقليات أخرى غير عرب الأحواز .
ويروي مرود حسون ( 45 عاماً)، وهو أحد سكان الأحواز عن تلك الفترة، فيقول: “لقد عشنا تحت ظل خوف كبير، ومات العديد من أولادنا في حملات النظام ضدنا. ونحن لم نكن نعمل في السياسة. كنا فلاحين وصيادين، وهم كانوا يريدون قتل الحياة، وفعلاً حصل لهم ذلك. وأصبحنا بين لحظة وضحاها بلا أسماك وبلا طيور، ونامت الزوارق حزينة فوق الطين، وأصبح الصيادون يذهبون إلى المدينة لغرض شراء الأسماك، فالطيور لم تعد تصل إلينا”. ويضيف: “تصوّر أن أرض الأحواز الجميلة أصبحت مشققة وتخرج منها أبخرة غريبة وخانقة. وقالوا لنا: لا تخافوا، إنها حرارة النفط المتواجد بكثرة في أعماق الأرض.. إن تلك الأيام هي أيام الموت الحقيقي. مواطن آخر من سكان الأحواز، اسمه عواد حميد، تحدث عن معاناته، فقال: “نحن كنا من رعاة الجواميس التي كانت منتشية بسبب تواجد المياه. وحين اختفت، هزلت أجساد الجواميس، وأصيبت بأمراض مختلفة، مما اضطرنا الى بيعها وشراء الأغنام. لقد تغيّرت حياتنا بين ليلة وأخرى، وانتشرت بين السكان أمراض التيفوئيد والحمى السوداء والتهاب الكبد الفايروسي والتدرن”. وذكر مواطن آخر اسمه، رسن خاجي: “أن تجفيف الأحواز أسهم في تهجير أغلب سكان تلك المناطق إلى المدن الصغير المحيطة بها، وهذا الحل حرم العديد من السكان من ممارسة حياتهم وفق مايريدون ..”.
لقد دمر النظام السابق أهم معالم بقايا الحضارة السومرية، خصوصاً أن البحوث التاريخية والآثارية تشير الى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم. فقد كان صدام حسين مصمّماً على إلغاء الذاكرة العراقية الممتدة لآلاف السنين، واستبدالها بالطارىء المصنوع من قبل نظامه. والجدير ذكره أن ملك العراق فيصل الأول قد عرض عليه خلال عهده مشروع تجفيف الأحواز، فرد قائلا: “لا عراق من دون أحواز “.
إعادة إنعاش الأحواز
وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP والبنك الدولي وضع مشروعاً لتقييم الاحتياجات لإعادة إعمار العراق، واعتبار مسألة الأحواز إحدى الكوارث البيئية التي يعانيها العراق. ففي عام 2001، قام البرنامج بتنبيه المجتمع الدولي حول تدمير الأحواز، عندما قام بنشر صور الأقمار الصناعية التي توضح فقدان 90% من مساحة منطقة الأحواز. وقد أشار الخبراء حينها إلى أن الأحواز قد تختفي نهائياً من العراق في غضون خمس سنوات، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة بهذا الشأن. ومع انهيار نظام صدام حسين في العام 2003، قام السكان المحليون بفتح بوابات السدود وكسر الخزانات لإعادة تدفق المياه إلى الأحواز.
وقد قام برنامج الأمم المتحدة بتحليل صور الأقمار الاصطناعية عام 2003 التي أشارت إلى أن بعض المناطق الجافة سابقاً قد تم ّ غمرها بالماء مجدداً وقد ساعد على ذلك المناخ الرطب. وفي نيسان / أبريل 2004 كان قد تم ّ غمر حوالي 20 في المائة من المساحة الأصلية للأهوار، مقارنة بـ 7.5 في المائة في العام 2003. وتوضح صور الأقمار الصناعية التي تم تحليلها أن عمليات إعادة الإغمار مستمرة مع ملاحظة تغيّرات موسمية في مستوى الإغمار. وقد طوّرت بعض الحكومات المتبرعة مثل الولايات المتحدة وإيطاليا خططاً رائدة لإحياء مناطق الأحواز، بحيث يتم إعادة غمرها وإحيائها بشكل فعال. ويعتبر الحجم النهائي للمنطقة التي ستعاد إلى حالتها الأصلية ومواصفاتها البيئية أمراً غير مؤكد حتى الآن .
وقد بدأ مشروع “دعم الإدارة البيئية لأهوار العراق” الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة للبيئة في آب / أغسطس 2004، استجابة للطلب العراقي باعتبار مشروع تأهيل الأحواز على أسس بيئية صحيحة أولوية في مشاريع إعادة الإعمار. ويهدف المشروع إلى استعادة الأحواز وإدارتها، وذلك عن طريق: تسهيل إنشاء استراتيجية مناسبة، مراقبة حالة الأحواز، تطوير إمكانات جهات صنع القرار العراقية، توفير المعالجة المناسبة للمياه، وتوفير الأطر العامة لسياسات إدارة المسطحات المائية. وقد تم تمويل المرحلة الأولى من المشروع (2004) من قبل الأمم المتحدة والحكومة اليابانية. وفي عام 2006 حصل توسيع المشروع ليتم دعمه بتمويل ثنائي الجانب من الحكومة اليابانية والحكومة الإيطالية، ووعدت الحكومة اليابانية باستمرار تمويل المرحلة الثالثة من المشروع (2007 ـــ 2008)
وتعاني المنطقة من رداءة نوعية المياه لأسباب متعددة، وأهمها: التلوّث بمياه الصرف الصحي، ارتفاع نسبة الملوحة، التلوّث بالمبيدات الحشرية، التلوّث بالمخلفات الصناعية القادمة من أعالي الأنهار. وسبّب هذه المشكلات قلة كميات المياه الداخلة للأهوار، إضافة الى ضعف في إدارة نوعية المياه ومعالجة مياه الصرف. وقامت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بإجراء مسح صحي عام فاتضح أن الماء الصالح للشرب هو من أشد الاحتياجات الحالية للمواطنين. إذ لا يمتلك معظم السكان خياراً سوى شرب الماء غير المعالج وغير المنقى من الأحواز مباشرةً. وقد أكدت المباحثات التي أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع ممثلين عن السكان ومسؤولين في المحافظات المعنية أن توفير الماء الصالح للشرب هو الأولوية الأولى بالنسبة إلى السكان .
ويذكر أن المحكمة الجنائية العليا في العراق قد حاكمت إياد فتيح الرواي في قضية تجفيف الأحواز وتهجير أهلها.
عن بيروت نيوز عربية