غزة بين مطرقة الحرب وسندان الاحتلال: نظرة على الواقع الجديد
شهد قطاع غزة تصعيدًا خطيرًا في الأعمال العسكرية المستمرة، حيث يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حملاته المكثفة، في ظل مراوغة قادة حماس في التوصل إلى هدنة وإنهاء معانة الشعب الفلسطيني في غزة.
و تستمر هذه العمليات في إلحاق دمار كبير بالبنية التحتية وقتل وإصابة العديد من المدنيين، ما يضيف إلى معاناة السكان الذين يعيشون ظروفًا صعبة منذ سنوات.
ويعد احتلال أجزاء من قطاع غزة والسيطرة عليها لفترة غير محدودة من قبل الجيش الإسرائيلي من أكثر التطورات الدراماتيكية في الحرب التي اندلعت بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وبحسب صحيفة هآرتس، يعتبر الجيش الإسرائيلي أن الاستيلاء على هذه المناطق خطوة استراتيجية من قبل المستوى السياسي تهدف إلى استمرار الحرب.
من جهتها، تطالب حماس بانسحاب إسرائيل من القطاع وإنهاء الحرب. وأعلنت إسرائيل أمس الأربعاء أنها تدرس الرد الجديد لحماس في المفاوضات بشأن إطلاق سراح الرهائن، لكن الطرفين لا يزالان بعيدين عن التوصل إلى اتفاق.
ووفقًا للصحيفة، فإن نشاط الجيش الإسرائيلي في المناطق المحتلة يشمل توسيع القواعد وبناء البنية التحتية وشق الطرق، اعتمادًا على صور الأقمار الصناعية وغيرها من مصادر المعلومات. وتبلغ مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي الآن حوالي 26% من القطاع.
وأشار ضابط كبير إلى أن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في قلب قطاع غزة تهدف إلى خلق واقع جديد يتمثل في سيطرة إسرائيلية طويلة الأمد على القطاع.
وبعد مرور حوالي تسعة أشهر على الحرب، أصبح ترحيل مئات الآلاف من سكان غزة إلى جنوب القطاع دائمًا. وفي المناطق الاستراتيجية التي فر منها السكان، احتل الجيش الإسرائيلي وأنشأ مساحات تستخدم للسيطرة على القطاع.
وأنشأ الجيش الإسرائيلي منطقة عازلة على طول الحدود الإسرائيلية، ودمر تقريباً جميع المباني الموجودة فيها ومنع الفلسطينيين من دخولها. كما سيطر الجيش على محور فيلادلفيا لمنع حماس من الوصول إلى مصر، وتم تدمير العديد من المباني هناك.
وأقيمت أربع قواعد عسكرية على الأقل على طريق ممر نيتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ما يمنع حماس من التحرك بحرية ويصعب عليها التعافي. كما أنشأ الجيش قاعدة مراقبة على الطريق الساحلي وأخرى على طريق صلاح الدين.
يذكر أن الأوضاع الإنسانية ومعاناة المواطنين في قطاع غزة تتفاقم وتزداد يوما بعد يوم، نتيجة استمرار قوات الاحتلال بإغلاق المعابر ووقف تدفق المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية، وحرمان آلاف المرضى والمصابين من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج.
وأفادت الأمم المتحدة بأن 90% من سكان غزة قد نزحوا داخلياً مرة واحدة على الأقل بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ نحو 9 أشهر.
وأوضح أندريا دي دومينيكو، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال مؤتمر صحفي، أن عدد السكان الحالي في غزة يقدر بنحو 2.1 مليون نسمة. وأشار إلى أن الحرب أسفرت عن مقتل أكثر من 37 ألف شخص، ومغادرة 110 آلاف شخص للقطاع منذ أكتوبر 2023، مع بقاء 300 إلى 350 ألف شخص في شمال غزة غير قادرين على الانتقال إلى الجنوب.
وأضاف دي دومينيكو أن معظم سكان غزة نزحوا داخلياً مرات متعددة، وفي بعض الحالات يصل العدد إلى 10 مرات. ولفت إلى أن النازحين الجدد في خان يونس جنوبي القطاع، بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية، لا يُضافون بالضرورة إلى إجمالي النازحين، حيث أن العديد منهم كانوا نازحين بالفعل قبل الأوامر الأخيرة.
وفي 7 مايو الماضي، احتلت قوات الاحتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، ما أدى إلى توقف تدفق المساعدات إلى القطاع وسفر الجرحى والمرضى إلى الخارج لتلقي العلاج، وفاقم من الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، تحديدا في الشمال بعد أن استنزف المواطنون ما تبقى لديهم من مواد غذائية في ظل شح المساعدات.
وارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 37953 ، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 87266، منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من أكتوبر الماضي، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.