
100 عام من المقاومة: قصة نضال الشعب الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني
في الذكرى المئوية لاحتلال الأحواز عام 1925 يبرز سؤال محوري كيف حافظ الشعب الأحوازي على جذوة المقاومة عبر قرن من القمع المنظم تجيب الوقائع التاريخية بأن سلسلة الانتفاضات المتلاحقة من ثورات مسلحة إلى حركات سلمية تشكل نسيجا متراكما لنضال وجودي ضد سياسات التفريس والاستيطان هذا التقرير يستعرض المحطات المفصلية في مسيرة الكفاح الأحوازي مع تركيز خاص على الانتفاضات التي هزت أركان الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979
الاحتلال الإيراني عام 1925.
احتلال الأحواز
وفي العشرين من أبريل 1925 دخلت القوات الإيرانية بقيادة رضا شاه بهلوي مدينة المحمرة عاصمة إمارة الأحواز آنذاك لتنهي وجود كيان سياسي عربي مستقل دام قروناجاء الغزو بتواطؤ بريطاني ضمن اتفاقيات ترسيم الحدود ما بعد الحرب العالمية الأولى حيث تنازلت لندن عن دعم الشيخ خزعل الكعبي مقابل ضمان مصالحها النفطية.
بعد الاحتلال طبقت الحكومات الإيرانية المتعاقبة خطة ثلاثية المحاور، التغيير الديموغرافي تشجيع هجرة الفرس عبر منح أراض ووظائف في قطاع النفط الذي ينتج 80% من صادرات إيران النفطية.
ومن سياسات الاحتلال أيضا القمع الثقافي حيث تم حظر التعليم باللغة العربية منذ 1928 وتغيير أسماء المدن المحمرة أصبحت خرمشهر الناصرية تحولت إلى “لأهواز”.
كما عملت الاحتلال الإيراني خلال نظامي الشاه رضا بهلوي والملالي على نهب وسرقة الموراد الاقتصادية تستخرج 87% من نفط إيران من الأحواز بينما تصل بطالة الشباب العرب إلى 45% مقابل 12% في المناطق الفارسية.
ويرصد التقرير أبرز محطات الانتفاضات الحراك الأحوازي في وجه الاحتلال الإيراني بشقيه “الملكي والملالي” عبر مائة عام من الاحتلال، لتؤكد على أن أبناء الشعب العربي الأحاوزي يواصلون تسليم راية المقاومة والقضية الأحوازية جيلا بعد جيل، حتى تحقيق الهدف بإنهاء الاحتلال الإيراني لكامل الأراضي الأحوازية.
انتفاضات ضد نظام الشاه رضا بلهوي
وتعيد ثورة الغلمان 1925 التي اندلعت بعد 3 أشهر فقط من الاحتلال الإيراني للأحواز وإسقاط حكم الأمير خزعل الكعبي آخر أمير لدوة الأحواز العربية المستقلة، من أول عمليات المقاومة الأحوازية ضد الاحتلال.
وقد هاجم مقاتلو الأمير خزعل الكعبي المخلصون الحاميات الإيرانية في المحمرة مستغلين فرار جنود إيرانيين إلى الكويت استمرت المواجهات 11 يوما قبل أن تقمع بالمدفعية الثقيلة.
ثورة الحويزة 1928
وتواصلت المقاومة والجهود الاحوازية في مواجهة الاحتلال حيث قادها محيي الدين الزئبق مع 3000 مقاتل سيطر خلالها على مناطق زراعية واسعة لمدة 6 أشهر تميزت بمشاركة نسائية لوجستية غير مسبوقة قبل أن تحاصرهم القوات الإيرانية وتجوعهم للاستسلام.
انتفاضة بني طرف 1936
وقاد بنى طرف احتجاجات واسعة ونفوا عمليات مسلحة ضد الاحتلال الإيراني مما أدى إلى اقدام الاحتلال على تنفيذ عمليات إعدامات جماعية ضد أبناء الشعب الأحوازي وبدفن 16 زعيما قبليا أحياء في الخفاجية في محاولة لكسر شوكة المقاومة القبلية.
انتفاضات ضد نظام الملالي
بعد سقوط نظام الشاه عام 1979 ووصل رجال الدين إلى السلطة بقيادة الخميني، ورغم وعود الأخير بحصول الأحوازيين على حقوقهم إلا أن الغدر كان صفة الخميني بفام بقمع انتفاضة الأحوازيين بوحشية وتنفيذ اعدامات جماعية بحق أبناء الشعب العربي الأحوازي.
انتفاضة 1979 .. غدر الخميني
مع سقوط الشاه خرج 150000 أحوازي في مسيرة تطالب بالحكم الذاتي تحت شعار الثورة للإيرانيين الحرية للأحوازيين رد نظام الخميني بإطلاق النار الحي مما أسفر عن 127 قتيلا حسب تقارير منظمة العفو الدولية وتعرض المتظاهرون لهجمات من الحرس الثوري ومنظمة مجاهدي خلق المناوئة.
انتفاضة 2005 .. صحوة الكرامة
كما شكلت انتفاضة 2005 صحوة الكرامة نقطة تحول في نمط الاحتجاجات من خلال تنظيم عبر مجموعات سرية في جامعات الأحواز وعبادان والمطالبة إلغاء وثيقة أبطحي السرية التي تخطط لتهجير 60% من العرب.
وبدأت انتفاضة 2005 في 15 أبريل من نفس العام بمظاهرات السلمية في 7 مدن أحوازية وفي 17 أبريل اقدم المتظاهرين على اقتحام سجن الشعبة السياسي بالأحواز وإطلاق سراح 32 معتقلا أحوازيا في سجون ومراكز الاحتلال الإيراني.
ولكن في 20 أبريل استخدام الهليكوبتر العسكرية لقصف المتظاهرين في حي الكوخة بمعدل 120 شهيدا أحوازيا في 48 ساعة.
انتفاضة العطش 2021.. تمرد ضد الإبادة البيئية
ارتبطت هذه الانتفاضة بأزمة مائية مصطنعة حيث حولت إيران مجرى نهر كارون الشريان المائي الرئيسي لصالح محافظات فارسية مما أدى إلى جفاف 70% من الأراضي الزراعيةو ارتفاع نسبة الأمراض الكلوية إلى 300% بسبب مياه الشرب المالحة وتحولت المطالب من الماء حقنا إلى يسقط خامنئي.
النضال السلمي 2005 حتى الآن
شهد تحولا استراتيجيا نحو الإعلام الرقمي قنوات التليغرام التي تنشر لقطات القمع بلغات متعددة والمنظمات الحقوقية ظهور كيانات مثل اتحاد المرأة الأحوازية الذي وثق 1200 حالة اعتقال تعسفي عام 2023 وإطلاق بالونات تحمل شعارات الاستقلال فوق منشآت نفطي
ويتميز نشطاء ما بعد 2021 بـ اللامركزية خلايا مستقلة عن التنظيمات التقليدية مثل الجبهة العربية لتحرير الأحواز، حيث هناك 78% من المعتقلين حديثا من حملة الشهادات الجامعية، كما يتم توظيف منصات ميتافيرس في تنظيم فعاليات افتراضية بحضور 50000 مشارك عام 2024.
تبقى المقاومة الأحوازية عنوانا لصراع وجودي لا يخبو حيث تثبت كل انتفاضة جديدة أن شعلة الحرية لا تطفأ بالرصاص ولا تدفن تحت رمال التهميش.