أهم الأخبارمقالات

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. وبعض التساؤلات

 

نورة صالح المجيم

هجمات جماعة الحوثيين اليمنية على الناقلات البحرية في منطقة البحر الأحمر، وتحديدا عند مضيق هرمز وباب المندب، ليست بالجديدة. فقد بدأت تتبدى خطورتها منذ عام 2017 وتطورت حتى عرفت باسم حرب الناقلات في البحر الأحمر.

لكنها كانت تركز هجماتها على الناقلات ، للتأثير في سوق النفط العالمي.

ومنذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، شهدت عمليات الحوثيين نقلة نوعية من حيث الاستهداف حيث ركزت على الناقلات البحرية لدول مختلفة التي يزعم دعمها لإسرائيل، أو تملكها شخصيات يهودية. وقد توسعت من حيث النطاق، حيث أصبحت أكثر تركيزاً على باب المندب وشمالي المحيط الهندي. ووفقاً للمؤسسات الدولية، أصبحت هجمات الحوثيين هذه المرة، تهديداً خطيراً على حركة التجارة العالمية، وسوق أسعار النفط. حيث تراجع الأخير على إثرها إلى مستوى 70 دولاراً للبرميل.

قد أصبح التفسير الشائع أو الراسخ لتلك الهجمات ولا سيما في ضوء استهدافها داعمي إسرائيل، هجمات انتقام من إسرائيل، ودعم أهل غزة، أو للتأثير في إسرائيل وداعميها لوقف مجازر إسرائيل على القطاع.

وربما هذا التفسير يعتريه بعض من الصواب، لكنه لا يعكس صورة كاملة شافية. وبالامكان تلخيص هدفين أساسيين، الأول: توجيه رسالة إلى إسرائيل ذاتها التي تحكمها حكومة يمينية متطرفة تعتقد أن إيران المحرض على طوفان الأقصى، مفادها استعداد إيران عبر وكلائها لردع أي هجمة إسرائيلية محتملة ضد طهران، وتحويل المنطقة برمتها إلى برميل بارود.

والآخر: إلى حلفاء إسرائيل وخاصة الولايات المتحدة، مفادها ثنى الولايات المتحدة عن مسألة التفكير بجدية لعودة تركيزها القوى في المنطقة، الذي بدأ يتضح مع طوفان الأقصى. إذ إن التركيز القوى لواشنطن في المنطقة يمثل المعوق الرئيسي لطموحات إيران في منطقة الخليج.

وبغض النظر عن وجاهة حسابات إيران من تلك الهجمات. تطرح هذه الهجمات ولا سيما مع توسعها المطرد، بعض من التساؤلات الرئيسية المحيرة. ولعل من أهمها، تأثيرها في الحضور العسكري الأميركي ودور القوى الأخرى في المنطقة. أعلنت واشنطن على إثر هذه العمليات تشكيل تحالف بحرى يضم أكثر من 20 دولة أغلبها أوروبي للتصدي لتلك الهجمات.

والواقع أن التحالفات البحرية لحماية أمن البحر الأحمر ليست بالجديدة، فقد سبق أن تشكل تحالفان خلال الأعوام الخمسة السابقة بقيادة واشنطن لغرض مواجهة القرصنة ومواجهة الإرهاب وتهديدات إيران في البحر الأحمر. لكن الجديد الذي يحمله التحالف الجديد هو كثافة القوات المشاركة فيه. وهو ما يفتح الباب لكثير من التساؤلات ولعل أهمها، هل يشكل هذا التحالف نواة لبقاء غربي مستدام في البحر الأحمر في إطار سلسلة التحالفات الدولية التي يشكلها بايدن ضد الصين وحلفائها. خاصة أن مواجهة هجمات الحوثيين لا تحتاج لهذا الحشد العسكري المكثف الذي سيضم دولا ككندا لا تفضل المشاركة العسكرية الخارجية.

ولعل السؤال الرئيسي الآخر المهم: لماذا لا تبالي الصين بتلك الهجمات، رغم تأثيرها العنيف في حركة التجارة الصينية. ونعتقد أن الصين ترى أن المشاركة الغربية الواسعة في المحيط الهندي يوفر عليها عبء الحماية، ويزيد من تورط واشنطن في المنطقة على حساب الباسيفيك. على الرغم من أن التحالف الغربي الواسع من ضمن أهدافه مواجهة النفوذ الصيني المطرد في المحيط الهندي وأفريقيا.

خلاصة القول إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ستعيد رسم التحالفات والتوازنات هناك، وستفضي خلال الأجل المنظور إلى تكثيف التوترات.

نقلاً عن “القبس”

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى