
مئة عام على الاحتلال الأحوازي من أجل الحرية من تحت الهيمنة الإيرانية
يُشكِّل مفهوم “التحرير” محورًا مركزيًّا في حقل الدراسات الاجتماعية السياسية، لا سيما في سياق مقاومة الشعوب للاحتلال الاستيطاني. تُمثِّل حالة إقليم الأحواز (1925) نموذجًا لآليات الهيمنة الاستعمارية المعاصرة التي تجمع بين القمع العسكري الممنهج، وطمس الهُوية الثقافية، والتغيير الديموغرافي القسري. تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
1. تحليل السياسات الإيرانية المنهجية الرامية إلى قمع الهُوية العربية في الأحواز.
2. رصد الآثار الاجتماعية والاقتصادية المُترتِّبة على قرنٍ من الاحتلال.
3. تقييم فاعلية المقاومة الشعبيه والثقافية في الحفاظ على الحقوق الأحوازية.
تعتمد الدراسة على نموذجَي:
– الاستعمار الاستيطاني (Settler Colonialism) بحسب تحليل باتريك وولف،
يستولي المستوطنون على الأرض وأبادوا أو عزلوا سكانها الأصليين و تدمير كل معالهم و كل ما زرعو وتنبثق الطبيعة العنصرية للاستعمار الاستيطاني من إيمان المستوطنين بتفوقهم الحضاري واحتقارهم للسكان الأصليين، وشعورهم بالتفوق عليهم وتمدينهم بالقوة الذي يركز على آليات إحلال المُستوطنين محلَّ السكان الأصليين.
– العنف البنيوي (Structural Violence) ليوهان غالتونغ،
1تعريف العنف البنيوي:
يُعرِّف الكاتب العنف البنيوي على أنه ظروف نظامية (متعمدة أو غير متعمدة) تنتهك أو تحد من حقوق الأفراد أو الجماعات.
– يتميز بثلاثة مظاهر:
– (أ) الظلم الاجتماعي في غياب العنف المباشر الحرمان من كل شي (مثل الحرمان من التعليم).
– (ب) العنف المباشر الناتج عن نظام اجتماعي ظالم تطبيق الظلم و الاضطهاد بحجج واهيه و كثرت القتل من دون مبرر (مثل الانتحار بسبب البطالة).
– (ج) التهديد المستمر الكامن في النظام الاجتماعي (مثل الخوف من انتهاك الأقليات).
2. العدالة البنيوية
– يُقارن الكاتب بين العنف البنيوي ونظرية “العدالة كإنصاف” لجون رولز، مشيرًا إلى قصورها في معالجة التفاوتات الهيكلية المرتبطة بالجنس أو العرق.
و طرح تفوق العرقي للمستوطنين
3.العنف الثقافي
– وفقًا لـ**يوهان غالتونغ، يُعد العنف الثقافي أداة لتبرير العنف البنيوي أو المباشر عبر الرموز الدينية أو الإيديولوجية.
– مثال: تبرير العبودية تاريخيًا عبر خطاب تفوق العرق الأبيض الذي يُبرز أشكال القهر غير المُباشرة المُؤسَّسِية.
يرتبط العنف البنيوي ارتباطًا وثيقًا بالهيكل الاجتماعي، وتكمن صعوبة مواجهته في “خفائه” بسبب تطبيعه داخل المنظومة الاجتماعية.
– تتطلب مكافحته تغييرًا جذريًا في الوعي العام عبر حملات تثقيفية تعيد تشكيل المفاهيم السائدة .
جذور الهوية الأحوازية (3000 ق.م – 1925): الهوية والاستقلال**
– ثالجذور الحضارية
كشفت التنقيبات الأثرية في سوسة (عاصمة عيلام) عن تداخل الثقافة العيلامية مع المكون العربي القديم، ما يُفنِّد الرواية الفارسية الأحادية.
– الكيانية السياسية
حكمت سلالة “المشعشعين العربية الإقليمَ ككيانٍ مُستقلٍّ في القرن الخامس عشر الي قرن التاسع عشر، مدعومًا باقتصادٍ مزدهرٍ قائمٍ على الزراعة (نظام الري “دجيل و الكرخه و الجراحي “) والتجارة البحرية عبر مواني الأحواز المختلفه
2. آليات الهيمنة الإيرانية (1925–2024): من التهميش إلى التطهير الثقافي- *
طمس الهُوية:
– حظر تدريس العربية في المدارس (اليونسكو، تقرير التعليم للجميع، 2018).
– تغيير 85% من الأسماء الجغرافية العربية إلى الفارسية (مثال: “الأحواز” → “خوزستان”).
-التغيير الديموغرافي
– تهجير ميات الألف من عربيٍّ (تقديرات “مركز عيلام ا”،2020).
– توطين مليونَي مُستوطنٍ فارسيٍّ (إحصاءات غير رسمية، 2023).
الاستنزاف الاقتصادي
تصدير 85% من نفط إيران من الأحواز، مع حرمان 80% من العرب من عوائده (البنك الدولي، تقرير الفقر المتعدد الأبعاد، 2022).
3. أدوات القمع الحديثة: من السجون إلى التمييز المُؤسَّسي
– القمع الأمني
– اعتقال 300–1500سنويًّا بتهمة “الانفصال” (هيومن رايتس ووتش، 2024).
– انتشار السجون السرية (مثل سجن “شيبان ” المركزي).
– التهميش الثقافي
إغلاق 90% من المراكز الثقافية العربية منذ 2005 (توثيق “اتحاد الكتَّاب الأحوازيين”).
– منع إصدار الصحف العربية .
النتائج : الاستعمار الاستيطاني
– آليات التفكيك الاجتماعي
– تفكيك النسيج الاجتماعي عبر تشريعات منع التجمُّعات.
– تدمير الأرشيف التاريخي العربي (مخطوطات، وثائق ملكية الأراضي).
-الهيمنة الرمزية
– تزييف التاريخ عبر المناهج الدراسية (نسبة الحضارة العيلامية إلى الفرس).
– احتكار السردية الإعلامية
(حظر مصطلحات مثل “الأحواز” في الإعلام الرسمي).
– المقاومة بكل وسائل -الثقافية
– إحياء الشعر و الأدب كلغةٍ شفويةٍ مُقاوِمة.
– توثيق الذاكرة الشعبية عبر منصَّات التواصل الاجتماعي.
–الخلاصة والتوصيات: نحو إنصاف دولي
مقترحات عملية
1.الضغط القانوني
رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية لانتهاك الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري (المادة 7).
2. التوثيق الأكاديمي
– إدراج قضية الأحواز في مقرَّرات دراسات ما بعد الاستعمار (Postcolonial Studies).
3. تمكين المجتمع المدني و المقاوم – تدريب الناشطين على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وفق آليات الأمم المتحدة.
و الدفاع عن النفس بكل ما متاح
إن قرنًا من الاحتلال الإيراني لم يُثنِ إرادة الشعب الأحوازي في التمسُّك بهُويته، لكن المواجهة تتطلَّب تحالفًا دوليًّا يُواجِه الرواية الفارسية الاستعلائية بعلمية التاريخ وعدالة القانون و مقاومت الشعبيه .
لندن، ٢٠ مارس ٢٠٢٥
المهندس حسين علي الأحوازي