استراتيجية إسرائيل الجديدة: مواجهة حزب الله بتكتيكات عسكرية محسنة
بعد مرور 48 ساعة على بدء الهجوم الإسرائيلي على لبنان، يبدو أن الجيش الإسرائيلي قد أجرى تغييرات استراتيجية كبيرة في عملياته العسكرية، حيث قام بتكثيف قوته في الجبهة اللبنانية. هذه الخطوة تعكس عزم إسرائيل على مواجهة حزب الله بقوة أكبر، وقد تؤثر أيضاً على الوضع في الجبهة الإيرانية.
,ذكر تقرير إسرائيلي أن الأمين العام لمليشيا “حزب الله”، حسن نصر الله، يواجه صعوبة في رسم صورة دقيقة للوضع الراهن وفهم الخطط العسكرية للجيش الإسرائيلي في الأيام المقبلة. وفقاً للتقرير، فإن نصر الله يجد صعوبة في تنفيذ الردود العسكرية المناسبة وإقناع عناصر الحزب بأن الذراع العسكرية المرتبطة بإيران ليست في حالة تفكك.
تقرير موقع “واللا” الإسرائيلي أشار إلى أن حزب الله فوجئ بكثافة النيران ودقة الضربات التي نفذها الجيش الإسرائيلي، الذي تمكن من تحديد مواقع الحزب ومواقع الإطلاق التي بناها على مدى عشرين عاماً. ويعاني الحزب من صعوبة في تكوين صورة عامة عن الوضع وتنفيذ أوامر الخطط نتيجة للقوة والدقة في الهجمات الإسرائيلية.
هذا يأتي بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي، يوم الاثنين، عملية “سهام الشمال” لتدمير أهداف الحزب وبنيته التحتية، حيث هاجم أكثر من 1500 هدف في جميع أنحاء لبنان. في المقابل، رد حزب الله بإطلاق صواريخ كثيفة باتجاه حيفا وكريات والجليل الأسفل.
وفقاً لتقرير “واللا”، فإن نصر الله ليس في عجلة من أمره لإطلاق الصواريخ على حيفا، رغم أن ذلك قد يكون متوقعاً. نقل الموقع عن مصدر أمني قوله إن وتيرة الهجمات سترتفع مع مرور الوقت، محذراً من أن نصر الله وحزب الله سيدفعان أثماناً باهظة أكثر مما تم رؤيته حتى الآن.
كما أفادت “القناة 12” أن مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً أشار إلى تضرر قدرة حزب الله على إطلاق مئات الصواريخ والقذائف نتيجة للهجمات المكثفة، مؤكداً أن الحزب لم يعد يمتلك سوى نصف الصواريخ الدقيقة التي كان يملكها قبيل اندلاع الحرب، مع بقاء ربع عدد الصواريخ ذات المدى 40 كيلومتراً في حوزته.
و أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن العمليات العسكرية في لبنان “ستستمر حتى نصل إلى نقطة يمكننا فيها ضمان العودة الآمنة لمجتمعات شمال إسرائيل إلى ديارها”. هذا التصريح يعكس التزام إسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية بهدف تحقيق الأمن لمواطنيها، وسط تصاعد التوترات مع حزب الله.
من جهته، توعد قائد الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بضرب “أيّ طرف يهدد مواطني دولة إسرائيل”، مما يشير إلى استعداد القوات الإسرائيلية للرد بشكل قاسٍ على أي تهديدات محتملة.
في تصريحات لوسائل الإعلام، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفخاي أدرعي أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تستعد لمهاجمة منازل في سهل البقاع اللبناني، والتي يُزعم أنها تحتوي على أسلحة استراتيجية لحزب الله. ودعا أدرعي المدنيين في المنطقة إلى إخلائها على الفور لحماية أرواحهم.
وأشار أفيخاي أدرعي إلى أن الجيش الإسرائيلي قد استهدف منذ صباح الاثنين أكثر من 300 منزل يضم أسلحة ووسائل قتالية متطورة، يُعتقد أن حزب الله ينوي استخدامها ضد إسرائيل.
ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي مايكل هورويتز أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى للضغط على حزب الله لوقف قصف الأراضي الإسرائيلية، حتى من دون اتفاق رسمي لوقف إطلاق النار في غزة. هذا الاتفاق هو الشرط الذي طرحه حزب الله والفصائل المدعومة من إيران لوقف هجماتهم على إسرائيل.
هورويتز يشير إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية واضحة، حيث تهدف إسرائيل إلى ممارسة ضغط تدريجي على حزب الله، مع زيادة القوة العسكرية، لإجباره على إعادة تقييم استراتيجيته المرتبطة بغزة. لكنه يحذر من أن الجانبين يدركان مخاطر الدخول في حرب شاملة، ما يجعلها ليست حتمية.
التصعيد في العمليات العسكرية يعكس عدم الاستقرار في المنطقة، ويزيد من المخاوف من إمكانية امتداد النزاع إلى جبهات أخرى، بما في ذلك تلك التي تشمل إيران. تكثيف القوات على الحدود اللبنانية يمكن أن يؤدي إلى توترات إضافية، حيث يُحتمل أن تقوم إيران بالتحرك لحماية مصالحها وبيادقها في المنطقة.
من جانبها، تؤكد العقيد ميري إيسن، الضابطة السابقة في الاستخبارات العسكرية، أن القيادة الإسرائيلية تعتبر تصعيد العمليات العسكرية ضد حزب الله خطوة أساسية نحو أي اتفاق لخفض التصعيد. وتوضح أن اللغة التي يتحدث بها حزب الله هي لغة العنف، مما يجعل الإجراءات العسكرية ضرورية.
إيسن تضيف أنه في الوقت الحالي، تركز العمليات الإسرائيلية على الضربات الجوية، لكنها تشير إلى إمكانية بدء عملية برية لتحقيق أهداف أكبر، مثل شل قدرة حزب الله على تنفيذ هجمات مشابهة لتلك التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
على الجهة اللبنانية، وبعد الهجمات التي تعرض لها حزب الله مؤخراً، بما في ذلك تفجير أجهزة اتصالاته واغتيال قادة قواته، أعلن نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، أن الحزب دخل “مرحلة جديدة” من المواجهات مع إسرائيل، عنوانها “الحساب المفتوح”.
هذا التحول في الاستراتيجية الإسرائيلية يشير إلى عزمها على تحقيق أهدافها العسكرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في الشرق الأوسط. تبقى التساؤلات قائمة حول التداعيات المحتملة لهذه التحركات، ومدى تأثيرها على العلاقات الإقليمية والأمن في المنطقة.
مع استمرار الغارات والعمليات العسكرية، يشعر المدنيون في لبنان بضغط متزايد، مما يثير مخاوف جديدة حول الأزمة الإنسانية التي قد تنجم عن هذا التصعيد.
وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، يوم الثلاثاء، عن ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان وشرقه يوم الاثنين إلى 558 قتيلاً، بالإضافة إلى أكثر من 1800 جريح، في أعلى حصيلة تسجل في يوم واحد منذ حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وفي مؤتمر صحفي، أفاد الوزير بأن الحصيلة المحدثة تشمل 558 قتيلاً، بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا كانوا من المدنيين العزل الذين كانوا في منازلهم.
وأضاف الأبيض أن عدد المصابين بلغ 1835، مع مشاركة 54 مستشفى في استقبال الجرحى يوم الاثنين. وكانت حصيلة سابقة لوزارة الصحة قد أفادت في وقت متأخر من يوم الاثنين بسقوط 492 قتيلاً و1645 جريحاً نتيجة الغارات.