تقارير

مجزرة معشور الأحوازية!

لم تكن المجزرة التي ارتكبتها القوات التابعة للحرس الثوري الإيراني الإرهابي في مدينة معشور الأحوازية، والتي راح ضحيتها العشرات من شباب الأحواز رميًا بالرصاص، واعتقل فيها المئات من الثوار الأحوازيين خلال ثلاثة أيام فقط من عمر الانتفاضة التي شهدتها غالبية المدن في إيران في أواخر نوفمبر لهذا العام، ردة فعل كما يدعي الرأي الإيراني الرسمي مقابل ما سموه مجموعات مسلحة مرتبطة بأعداء إيران!
يتعلق الأمر بأسباب وسياسات أبعد من ذلك بشكل كبير وخطير جدًا قياسًا بمبادئ العهد الدولي الخاص، والمواثيق التابعة، خاصة تلك التي تلزم الدول الموقعة عليها بتطبيق «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية» الصادرة بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1966 والتي وقعت إيران عليها في 4 أبريل 1968!
لتأكيد الأمر لا نكتفي بالرجوع لادعاء أبناء الأحواز الذين تستهدفهم هذه السياسات الإيرانية العنصرية والشوفينية التي تهدد وجودهم بشكل مباشر ومحتدم، بل الموضوع تجاوز أصوات الأحوازيين منذ سنين ليصل إلى أروقة الأمم المتحدة وشخص الأمين العام!
أول تقرير دولي مهم يؤكد سياسات إيران العدوانية والخطيرة التي تستهدف الأحوازيين، تبنته مجموعة من العلماء الدوليين المستقلين العاملين في المنظمات غير الحكومية (NGO) المرتبطة بمنظمات الأمم المتحدة في مارس 2005 والذي أكدوا خلاله وعبر الشواهد المادية والوثائق الرصينة، التي وصلوا إليها من خلال البحث والتحقيق العلمي، الدالة على ارتكاب السلطات الإيرانية سياسات خطيرة ضد الشعب العربي الأحوازي ترتقي إلى جرائم التطهير العرقي الممنهج!
أهم النقاط التي جاءت في التقرير هي:
 
– «الأحواز» منطقة عربية أغلب سكانها عرب يتجاوز عددهم السكاني 4.5 مليون نسمة، يعتبرون أنفسهم شعبًا غير إيراني، والدولة الإيرانية احتلتهم (ضمتهم) في عام 1925!
 
تشكل «الأحواز» أكثر من 80% من الدخل الإيراني الحاصل من استخراج النفط والغاز من الأراضي الأحوازية.
– تعتبر إيران «الأحواز» منطقة عسكرية، وتتعامل مع الشعب الأحوازي على أساس أمني، وتحكم على أي مطالب حقوقية أحوازية على أنها مهددة للأمن القومي الإيراني!
– تكثف إيران وجودها العسكري في «الأحواز» باستمرار وتجعلها ثكنة عسكرية وأمنية واسعة بامتياز.
 
– لا تسمح السلطات الإيرانية لأي باحث أو إعلامي دولي بزيارة «الأحواز» والبحث عن حقيقة ما يدور هناك، وكيف تتعامل إيران مع الأحوازيين.
– تتعامل السلطات الإيرانية مع الشباب الأحوازي باعتبار أنه تهديد محتمل على الدوام ومصدر العنف والجريمة في الأحواز.
– يطالب الأحوازيون بممارسة حقهم في تقرير المصير كأحد الحقوق البديهية التي تقع ضمن ميثاق «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية» الموقع عليها من قبل إيران!
الأهمية التي كسبها هذا التقرير المهم لدى الأمم المتحدة هو الذي دفع مؤسساتها إلى الإصرار على إرسال مقرر خاص من الأمم المتحدة لتحري حقيقة ما جاء في التقرير!
لأسباب إنسانية وحقوقية عديدة؛ ومنها هذا التقرير، وبعد إصرار دولي أرغمت الأمم المتحدة إيران بقبول مقررها الخاص أن يزور إيران، ومنها الأحواز آنذاك!
ذهب المقرر الخاص للأمم المتحدة في شؤون الإسكان التابع لـ«المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي» في الأمم المتحدة السيد «ميلون كوثاري» في نهاية يوليو عام 2005 إلى مناطق مختلفة في إيران ومنها الأحواز العربية، ثم ورجع بتقرير مهم جدًا للقضية الأحوازية وتاريخها وقدمه في نهاية نوفمبر للعام نفسه إلى المجلس المذكور أعلاه!
اكد السيد م. كوثاري في تقريره على صحة الكثير من النقاط المسجلة في التقرير السابق التي كانت قد قدمته مجموعة من العلماء المستقلين التابعين لمنظمات غير حكومية إلى الأمين العام في مارس للعام نفسه!
من أهم النقاط التي أكدها تقرير السيد ميلون كوثاري المقرر الخاص للأمم المتحدة في «شؤون الإسكان» نجد النقاط المهمة الآتية:
– لقد تم ترحيل 1,2 مليون مواطن عربي من سكان إقليم الأحواز إلى أقاليم إيرانية أخرى، واستقدام 1,5 مليون شخص من غير العرب مكانهم.
– تقوم السلطات الإيرانية ببناء مستوطنات كثيرة وكبيرة وتوطن فيها فقط المستوطنين القادمين من المحافظات المركزية في إيران، من قبيل مستوطنات رامين 1و2و3 ومستوطنة “شيرين شهر” المبنية على الأراضي العربية المصادرة إلى جانب إسكان أعداد أخرى من المستوطنين في جيوب داخل المدن العربية، كالأحواز العاصمة والمحمرة وعبادان والخفاجية وميناء معشور والعميدية ومنطقة الشعيبية التي أسكنوا فيها عشرين ألفًا من اللور الوافدين إليها.
– تشييد هذه المستوطنات على أراضي العرب التي تصادرها السلطات الإيرانية، بحيث خلال السنوات العشر الماضية تم بناءً على توجيهات كانت قد صدرت من أعلى المستويات الحكومية في إيران ـ مصادرة ما يزيد على 220,000 هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة من المزارعين العرب لصالح المستوطنين الجدد الذين جيء بهم من الأقاليم الإيرانية الأخرى بغية تغيير التركيبة السكانية
– تتابع السلطات الإيرانية وبشكل منهجي سياسة إيجاد تركيبة ديمغرافية مزيجة في الأحواز(المناطق العربية في إيران) وصولًا إلى محو الهوية العربية للأرض والإنسان في الأحواز وتجريدهم من هويتهم القومية والوطنية والثقافية، وكذلك القضاء على اللغة والثقافة العربية.
– ترغم السلطات الإيرانية السكان العرب في إطار سياسة التفريس على تعلم اللغة الفارسية، دون أن يسمح لهم تعليم اللغة العربية بشكل منهجي، الأمر الذي يؤدي حسب اعتراف البيانات الحكومية الرسمية في إيران إلى هروب التلاميذ العرب بنسبة 30% في المرحلة الابتدائية و50% في المرحلة المتوسطة و70% في المرحلة الثانوية. كما أن 80% من أطفال العرب يعانون سوء التغذية.
قال السيد «ميلون كوثاري» المقرر الخاص بشؤون الإسكان في الأمم المتحدة في مقابلة صحفية للتعليق على تقريره:
 
– “عندما زرت مدينة الأحواز(العاصمة) في مقاطعة خوزستان الايرانية (وهي التسمية الفارسية الرسمية لقطر الأحواز المحتل) في غرب إيران والمحاذية للعراق، وجدت من حيث الظروف المعاكسة للغاية في الأحياء السكنية، أن هناك يعيش آلاف الناس إلى جانب المجاري لمياه الصرف الصحي المفتوحة دون أي مرافق صحية عادية، وهم محرومون حتى من مياه الشرب الصالحة ومن الغاز والكهرباء”.
ويضيف مقرر الأمم المتحدة السيد ميلون كوثاري:
– “إن المسألة الثالثة الأخرى فتتمثل في محاولات الحكومة لبناء مدن جديدة وجلب سكان جدد إليها من المقاطعات الأخرى، فعلى سبيل المثال هناك بلدة جديدة يطلق عليها اسم «شيرين شهر» حيث معظم سكانها من غير العرب يأتون من محافظة يزد (في وسط إيران) ولا يوجد فيها أحوازي عربي واحد”.
 
يؤكد السيد كوثاري كذلك أثناء مقابلته أنه:
 
– “بناء على التقارير التي تلقيناها وتؤكد هجرة عدد يتراوح بين 200 و 250 ألفًا من العرب من قراهم بسبب هذه المشاريع، والسؤال الذي تبادر إلى ذهني هو: ما السبب الذي جعل هذه المشاريع تنفذ مباشرة على الأرض التي كانت تضم بيوت هؤلاء الناس لأجيال؟”
 
بعد مراجعة هذه التقارير الأممية والشواهد العينية المستندة بالوثائق المهمة التي تحمل إحصائيات وأرقامًا دقيقة لا نجد أي مبرر للشك في نوايا السلطات الإيرانية بعزل المناطق العربية في جنوب وجنوب غرب إيران، والتعامل معها بعدائية مفرطة باعتبارها أرضًا محتلة والشعب الأحوازي الذي يسكن فيها شعب معادٍ متهم بزعزعة الأمن القومي الإيراني، والمباح بناءً على هذه السياسات المنهجية دمه ومصادرة كل حقوقه!
 
وكذلك؛ نجد أن السياسات الإيرانية المتلاحقة التي يعتمد تطبيقها في الأحواز العربية لا تحمل أي مشاريع تنموية بشرية، ولا فيها أدنى درجة من العدالة والإنصاف، ولا تلتزم بأي مبدأ من مبادئ القانون الدولي ولا أي ميثاق دولي، حتى تلك المواثيق التي وقعت إيران عليها، باعتبار أنها ملزمة بتطبيقها.
 
وعليه لا يوجد أدنى شك أن إيران تتابع سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد عرب الأحواز، والتي تعتبر جرائم ضد الإنسانية تستدعي تحركًا دوليًّا عاجلًا لوقف هذه السياسات الإيرانية ضد البشرية وحماية الشعب العربي الأحوازي الأعزل
 
على قاطع الأحوازي

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى