قراءة في كلمة الدكتور “عارف الكعبي”رئيس تنفيذية دولة الأحواز العربية.
سامر كعكرلي
سكرتير المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي السوري.
نادراً ما نسمع في زمن الثورات، وزمن التحرير الوطني كلاماً سياسياً موزوناً يوجه رسائل واضحة المعالم. ولكن ما سمعته اليوم في الكلمة المُتلفزة التي وجهها الدكتور “عارف الكعبي”رئيس تنفيذية دولة الأحواز العربية للشعب الأحوازي تخرج من تلك القاعدة لتكون استثناءً، وذلك نظراً لما تضمنته من رسائل أعتقد وبرأي الشخصي المتواضع بأنها رسائل هامة لفتت نظري، ويمكنني أن أستعرضها على عجل.
بالبداية يجب أن أُثني على توقيت الكلمة، حيث جاءت في وقت تجتاح منطقة الشرق الأوسط الصراعات الكبيرة، والتي تُشبه الصراعات التي سبقت الحروب العالمية التي أفرزت خارطة منطقتنا سواء تشكيل دولنا العربية وفق منظور سايكس بيكو أو احتلال دولة الأحواز من قبل إيران، وفي هذا برأيي إشارة واضحة بأنه يجب على شعوب المنطقة ومنها الشعب الأحوازي عدم الاستكانة للتغيرات التي قد تأتي كنتيجة لتلك الصراعات الدولية، كما استكانت خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية فخسرت تلك الشعوب الكثير من مقومات وجوده كدول وطنية لها دورها الطبيعي في تاريخ الأمم.
أول نقطة لفتت نظري هو عدم تبرأ الدكتور الكعبي من القضية الفلسطينية، بل اعتبرها قضية شعب صاحب حقوق مشروعة، ولكنه وبكل ذكاء نأى بنفسه ونأى بالشعب الأحوازي الذي يناضل للحصول على استقلاله عن تلك القضية، والأذكى بأنه طلب من الشعب الأحوازي إعادة القضية الفلسطينية لأصحابها الحقيقيين وليسوا الطارئين على الشعب الفلسطيني، والذين يدخلونهم في مغامرات غير محسوبة الأبعاد، فقد قال بأن من يجب أن يتكلم عن القضية الفلسطينية هي السلطة الفلسطينية برئاسة “محمود عباس”، وبذلك ضرب عصفورين بحجر واحد الأول: أنه أبعد الشعب الأحوازي عن الانغماس بقضية ليست قضيته وهو يعيش حالة احتلال. والثاني: هو تجاهل حركة حماس التي تُغرد وفق “المايسترو الإيراني” الذي يُسخرها لخدمته، وليس لخدمة الشعب الفلسطيني. وبنفس السياق وفي علاقة الأحوازيين مع الدول العربية التي أسماها دولاً شقيقة، فلم يفتح النار على الدول العربية ولاسيما الخليجية الجارة لدولة الأحواز لتقصيرهم في دعم القضية الأحوازية، كما يفعل بعض أصحاب بعض التيارات ولا سيما تيار الإسلام السياسي بالنسبة للقضية الفلسطينية، بل تفهم المصلحة الوطنية لكل دولة عربية ولاسيما المملكة العربية السعودية وأكد بأن قضية تحرر الأحوازيين من نير الاحتلال الإيراني تعني بالدرجة الأولى الشعب الأحوازي المؤمن بعدالة قضيته.
النقطة الثانية التي لفتت نظري والتي أعتقد بأن “الدكتور الكعبي” قد وفق بها هي نأي القضية الأحوازية عن مشاكل القوميات المُتعددة في إيران الحالية مثل الكُّرد والبلوش والآذريين وغيرهم من القوميات التي تسكن في إيران. وصحيح بأن “الدكتور الكعبي” قد أصر على تسمية دولة الأحواز بالدولة العربية ووصف الخليج بالوصف العربي، ولكن هذا يأتي هذا ضمن حالة توصيف الواقع ليس أكثر، وبهذا النأي عن المشاكل القومية أوضح “الدكتور الكعبي” بأن نضال الأحوازيين ومناهضة إيران ليس من باب قومي ضيق في زمن يدعي به الجميع للتعايش السلمي ما بين القوميات، بل أكد بهذا النأي بأن نضال الأحوازيين ضد إيران يأتي من باب الوطنية الأحوازية ضد إيران التي استباحت دولة الأحواز العربية واحتلتها ودمرت كيانها وقتلت أميرها “الشيخ خزعل الكعبي”.
والنقطة الثالثة التي لفتت نظري هو استشعار “الدكتور الكعبي” لحساسية العالم تجاه من يحملون السلاح والذين يمكن وصفهم بالإرهابيين، ومع أنه لم يُسقط هذا الخيار عندما قال حرفياً ((أن الحق يُؤخذ ولا يُعطى))، ولكنه أعطى أهمية كبيرة للنضال السياسي والنضال الحقوقي، مؤكداً بذلك أن قضية الأحواز العربية قضية حقوقية بالدرجة الأولى تتلخص بحق الشعب الأحوازي في تقرير مصيره.
أيضاً هناك نقطة أعتقدها مهمة وهي المُغازلة الدينية التي وجهها “الدكتور الكعبي” عندما استشهد بأحد الفقرات بكلام “الحُسين” وهذه رسالة تبين امرين، الأول: معرفة “الدكتور الكعبي” الدقيقة بطبيعة مجتمعاتنا التي تميل للتدين، والثاني: رد الكُرة لإيران التي تلعب لعبا” طائفيا، ليقول لها ولكل العرب الذين يسيرون في ركبها بسبب المذهب بأن الحُسين منا ولنا وليس لإيران.
وأخر نقطة لفتت نظري هي قول “الدكتور الكعبي” بأنه في زمن التحرر الوطني ليس هناك رئيس ومرؤوس، بل أنه يجب أن تكون المهام الوطنية التي تهدف لتحقيق الوطنية الأحوازية موزعة على الجميع كل حسب استطاعته وحسب قدراته.
في المُجمل كانت كلمة الدكتور “عارف الكعبي” كلمة هامة حملت بضمنها العديد من الرسائل الواجب علينا نحن السوريين أن نتلقى تلك الرسائل، وأن نُترجمها لتحالفات مع أعداء إيران، الذين يحتلون أرضنا ويدعمون قاتلنا المجرم بشار الأسد.
15/10/2024