أهم الأخبارمقالات

خسارات خامنئي وخيارات التهدئة

 

حسن فحص

ما تميز به رئيسي عن غيره من رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على هذا المنصب ما بعد تولي السيد علي خامنئي خلافة المرشد في قيادة الثورة والنظام أنه كان أكثر طاعة وأشد التزاماً بتنفيذ ما يوكل إليه من مهمات.

هي الخسارة الثانية التي تلحق بالمرشد الأعلى للنظام الإيراني، فمقتل رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي بسقوط المروحية التي كانت تقله من الحدود الإيرانية – الأذربيجانية إلى مدينة تبريز يأتي بعد مقتل قائد قوة القدس قاسم سليماني بصواريخ موجهة أطلقتها مسيرات أميركية على سيارته عند خروجه من مطار بغداد الدولي، وكلتا الحادثتين وقعتا في الجو ومن الجو، وكأن السماء شريكة في إلحاق وزيادة هذه الخسارات لقائد الثورة.

من الخطأ مقارنة الدور الذي لعبه سليماني في رسم السياسات الاستراتيجية للنظام في الداخل والإقليم مع الدور الذي كان يقوم به رئيسي على رأس السلطة التنفيذية، فالأول أثبت جدارة في إدارة الملفات التي أوكلت إليه، واستطاع أن يضع النظام الإيراني على خريطة النفوذ الإقليمي إلى جانب القوى الأخرى في هذه المنطقة. وحجم الثقة التي حاز عليها من المرشد سمحت له بتخطي كل الأطر البيروقراطية والإدارية في التعامل مع الأحداث، حتى من دون الرجوع إلى قيادته العسكرية في حرس الثورة الإسلامية.

ولعله الوحيد من بين قيادات منظومة السلطة الذي استطاع محاصرة طموحات الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، عندما قطع الطريق عليهما في محاولة توظيف الإنجازات التي حققها على مستوى الإقليم وقيادة وتوجيه نفوذ أذرع أو حلفاء إيران، بمعادلة معكوسة جعلت دبلوماسية حكومة روحاني في خدمة أهداف واستراتيجية الميدان الذي كان يقود بدعم مباشر من المرشد.

وعندما بكى المرشد على سليماني عند الصلاة عليه، كان هذا البكاء تعبيراً عن حجم الخسارة التي لحقت بإدارته لملف الصراع الدولي والإقليمي، وأن تعويضه لن يكون سهلاً، حتى في عملية البحث عن البديل المدني الذي كان من المفترض أن يقود السلطة التنفيذية بعد روحاني. وكشفت التطورات عن أن البديل العسكري في قيادة قوة القدس الجنرال إسماعيل قآني لم يستطع ملء الفراغ الذي أحدثته عملية إخراج سليماني من المشهد.

في المقابل تقدم خامنئي بهدوء وأقام الصلاة على جنازة رئيسي ومرافقيه، لم يبك عليه كما فعل مع سليماني، ملتزماً باعتبارات لها علاقة بالرسالة التي أراد أن يوصلها إلى كل المراقبين على المستويين الإقليمي والدولي، بأن حجم الخسارة لا يعني بأن النظام ومنظومة السلطة تعيش أزمة أو القلق من تداعيات هذه الحادثة، وهذا الموقف جاء استكمالاً للإجراء السريع الذي اتخذه يوم إعلان مقتل رئيسي بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة وبأسرع وقت ممكن، مع التأكيد أن المسارات والسياسات للنظام لن يحدث عليها أي تغيير.

*نقلا عن إندبندنت عربية

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى