أهم الأخبارغير مصنفمقالات

الطوفان الايراني

نزار جاف

 

هناك مواضيع وقضايا عند طرحها وتناولها يطغي عليها التنظير ونوعا من الترف الفکري ولايمکن إعتبارها ذات صلة بالواقع وبإمکانية تفعيلها، نظير أن نتناول موضوع إسکان البشر على الکواکب الاخرى في المجموعة الشمسية أو أن نجعل من المدينة الفاضلة واقعا ملموسا، لکننا عندما نتحدث عن مواجهة الظلم والاستغلال الذي تتعرض له شعوب من جانب نظم ديکتاتورية تحکمها قسرا، فإن ذلك ليس تنظيرا وترفا فکريا وإنما أمرا يمکن تحقيقه لأن المبادئ والقيم السماوية والانسانية تصر على ذلك وهو ما يحدث ويتکرر على مر التأريخ ولاسيما التأريخ المعاصر والحديث.

حديث النضال والسعي من أجل التغيير في إيران التي يحکمها نظام ديکتاتوري قمعي والذي صار يتم طرحه بقوة وبصورة غير عادية منذ أواخر عام 2017، وصار يتکرر بصورة مستمرة، لا يمکن أبدا إعتباره موضوعا يغلب عليه التنظير وبعيد عن إمکانية التحقيق خصوصا وإن هناك أقلام وأبواق تغرد بصورة وطريقة تتناسب وتتفق مع مايقوم النظام الايراني بالإيحاء به من أجل إظهار هذا الموضوع وکأنه من المستحيلات وإن تناوله مجرد فرضيات خيالية، والذي يلفت النظر کثيرا إننا نلاحظ في هذه الايام وإيران تغلي ضد النظام ووصلت مشاعر رفض النظام وکراهيته والهتاف بسقوطه الى مسقط رأس خامنئي نفسه، فإنه لا زالت هناك أقلام تقوم بإجترار أمور وأفکار وطروحات بشأن مناعة النظام الايراني کانت تطرح لأعوام خلت، وکأن کل شئ هادئ وتحت الشمس في إيران!

هذه الاقلام التي لا فرق بينها وبين أحلام وتنظيرات ثوار الفنادق والمکاتب المترفة الذين يسعون لإظهار تلك التنظيرات والاحلام التي ليست لها قيمة عفطة عنز وکأنها أمرا واقعا لامحال منه، تقوم بالکتابة والتنظير وهي تأبى الاعتراف بأن ما جرى ويجري في داخل إيران بمثابة حرکة وسنة من سنن التأريخ التي تمضي قدما من أجل تحقيق التغيير، والمثير للسخرية والتهکم إن بعضا من هذه الاقلام وفي الوقت الذي تعترف فيه بأن هناك إنتفاضة واضح فيها أشد الوضوح الرفض والکراهية الشعبية للنظام الايراني لکنها مع ذلك تستدرك وتقوم بالکتابة باسلوب وطريقة توحي بأن هذه الانتفاضة ليست إلا کبقية الانتفاضات الاخرى وسرعان ماستنتهي ويعود کل شئ لقدمه!

هٶلاء وغيرهم لاينظرون الى ما يصدر عن جهاز الحرس الثوري من بيانات لم يسبق وإن صدرت في أية إنتفاضة أخرى من نظير لها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هل صدر عن هذا الجهاز سابقا بيان يطلب فيه من الشعب أن لا يتواصلوا مع منظمة مجاهدي خلق مثلا؟! هل صادفوا وإن يقوم مجلس الشورى التابع للنظام أن يصدر بيان يطالب فيه 227 عضوا من اعضاء مجلس الشورى الايراني للقضاة بتنفيذ القصاص على المنتفضين، ولکن يعود المجلس للتنصل من البيان وکأنه قد صدر من کوکب آخر؟!

حديث النضال والسعي من أجل التغيير في إيران، ليس مجرد هاجس بل إنه أمر واقع لامناص منه وإن خامنئي وبطانته حيث يسعون بکل مافي وسعهم من أجل إيقاف السيل الجارف تجاههم وتغيير مجراه بيد إنه سيجرفهم، کما کان حال طوفان نوح مع الظالمين!

 

 

إيلاف

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى