عندما يصادر “الحرس” الدبلوماسية الإيرانية
حسن فحص
في خضم التصعيد الذي شهدته المنطقة بعد الأول من أبريل (نيسان) الجاري والاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف القسم القنصلي في السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وما تلاه من إعلان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن قيادة النظام بدأت سلسلة اجتماعات مكثفة لبحث آلية وكيفية الرد على هذا الاعتداء، وأعلن في طهران استدعاء السفير السويسري باعتبار بلاده الراعي الرسمي للمصالح الأميركية لدى إيران.
قد يكون هذا الاستدعاء عملاً أو إجراء ضرورياً وطبيعياً في سياق ما تشهده المنطقة من تأزيم وتوتر، وأن النظام الإيراني بحاجة إلى إيصال رسائل مباشرة إلى الإدارة الأميركية باعتبارها، من وجهة نظر طهران، المسؤولة والراعية للأعمال الحربية والسياسية التي تقوم بها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في ما يتعلق بالموقف من إيران ونظامها والقوى التابعة أو الرديفة له في الإقليم.
والاستدعاء الدبلوماسي من المفترض أن يكون من اختصاص وزارة الخارجية حصراً، المسؤولة عن تنظيم العلاقات الخارجية مع دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية، وهو أمر طبيعي في الحالات الطارئة أو التي تحتمل تصعيداً ما في العلاقات بين أية دولتين، إلا أن الخارج عن هذا السياق المتعارف عليه في الأعراف الدبلوماسية، كان الاستدعاء الذي وجه للسفير السويسري من المؤسسة العسكرية لـ”حرس الثورة الإسلامية”، وطلب منه الحضور إلى مركز قيادتها بعيداً من مباني ومكاتب وزارة الخارجية ليشكل هذا الاستدعاء سابقة في العلاقة الدبلوماسية بين الدول. الذي قد يعد مستهجناً في الأعراف الدبلوماسية في دولة ذات مؤسسات ديمقراطية ومنتخبة، وليست دولة تخضع لحكم المؤسسة العسكرية أو تملك نظاماً عسكرياً ومجلس قيادة ثورة.
ما كشفه الجنرال في حرس الثورة مجتبى أبطحي مستشار وزير الداخلية الجنرال أحمد وحيدي في الشؤون الفلسطينية، عن أن السفير السويسري استدعي مرتين إلى مقر قيادة حرس الثورة بعد تنفيذ إيران الهجوم الصاروخي والمسير على تل أبيب لإبلاغه رسالة يحملها إلى الجانب الأميركي بأن هذه القيادة ستقوم باستهداف كل القواعد الأميركية في المنطقة إذا ما أقدمت على المشاركة في أي عمل عسكري إلى جانب إسرائيل كرد على الهجوم الإيراني.
هذا الإجراء الذي قامت به قيادة الحرس يكشف عن المدى الذي وصل إليه مسار استحواذ هذه المؤسسة على القرار السياسي في النظام الإيراني، ويكرس في الوقت نفسه عدداً من الحقائق بات من الصعب تفسيرها من خارج الصراع الذي تخوضه هذه المؤسسة على السلطة والسيطرة والإمساك بكل مفاصل القرار إلى جانب المرشد وبغطاء منه.
أولاً القرار الدبلوماسي في الدولة الإيرانية لا يصدر عن الوزارة المعنية، بل من داخل أروقة القيادة العسكرية لقوات حرس الثورة.
نقلا عن إندبندنت عربية