مقالات
المرأة الأحوازية التي علمتني معنى الصبر والمقاومة
بقلم : مائدة شهيد
في فترة إحتجازي في سجن سبيدار الأحواز تعرفت عليها، تلك المرأة السمراء التي تحمل في ملامحها كثيراً من جمال الهور وأحزانه، وبطولها تجسد نخيلنا الشامخة. عجوزٌ تنافس أشجع فرسان العالم بشجاعتها وابتسامتها حكايةٌ أخرى تعجز الحروف عن وصفها.
إعتقلتها المخابرات الإيرانية وأدخلوها السجن بتهمة حبها لإبنها والذي كان معتقلاً حينها في سجن أيفين في طهران.
حين أتت تلك العجوز طيبة القلب صاحبة الملامح العيلامية، التي علمتني المعني الحقيقي للشجاعة والمقاومة والصبر ، تلك المرأة التي كانت تجلس كل يومّ في باحة السجن وتصنع من شعري جديلة وتقص علي حكايات المقاومة وحكايات نضال إبنها ورفاقه الذين لم يكونوا يبلغون من العمر إلا قليلاً، ولكن قاوموا الإحتلال وسعوا لكي يقدموا كل ما بوسعهم حتى تبقى راية الأحواز خفاقة في السماء، العجوز التي كانت بمثابة أمٍ لي خلف قضبان السجن.
الراحلة مرضية الحيدري والدة الشهيد جاسم الحيدري والتي وافتها المنية وقلبها كان مليئا بالحسرات على إبنها، رحلت ولكن لا زال صوت دعائها في اُذني، ذلك الدعاء الذي كان يبدأ بهمسةٍ ودمعة وتردد فيه دائما بعد كل صلاة، أللهم خذ من عمري وضعه على عمر جاسم وأرجعه إلى حضني، اللهم خذ من عمري وضعه على عمر جاسم ولا توجع قلبي بفقدانه، اللهم … الخ… وتكمل ساجدة وهي تدعو لربٍ رحيم.
ام الشهيد جاسم رغم كل ما كانت تعاني منه لم أراها يوما تشكو ولا سمعتها انها قالت يارب أخرجني من السجن، لم تبك من أجل نفسها أبدا، لم اسمعها يوما تقولك تعبت من السجن رغم انها كانت تبلغ من العمر ما يقارب السبعين سنة، ورغم انها امضت مايقارب العشرين يوما معنا لكن كان كل أملها وحزنها وحلمها أن ترى إبنها حرا طليقا، كانت تحلم أن تقيم لإبنها أجمل حفلة زفاف وترى أطفاله، ولكن لم يسمح لها نظام الدجل الإيراني بأن تحقق هذا الحلم وفرض عليها أن تقيم له مأتماً من دون أن ترى جثته.
هي فقدت جاسم وبعده بأسابيع قليلة قال الأطباء أن دمها حُرق من شدة الحزن وهذا ما تسبب بموتها، هي ماتت ولكن ستبقى حيةٌ في قلبي وقلب كل من عرفها لأنها وبجدارة هي من أشجع الماجدات الأحوازيات، مرضية الحيدري هي تاريخٌ بحد ذاته….
رحمك الله يا ام جاسم وجعل مأواها الجنة