العمود الثامن: خبر مفرح!!
دائماً ما يلومني قرّاء أعزّاء وهم يقولون: هل تتوقع أنّ ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟ وأنهم سيطيلون النظر في سطورك التي تُحشّيها بتجارب الشعوب، وحكايات عن بلدان الرفاهية واحترام أرواح المواطنين؟
أنا أيها الأعزاء أطمح لأمر واحد، هو أن أجد أمامي مسؤولين يعرفون معنى الاستقالة، لا أقبل بأن يتحسّر العراقي وهو يسمع أن مدن العراق تعاني من سوء الخدمات وشبابها بلا عمل، فيما السادة “الأكارم” في مجلس النواب مصرون على إعادة مجالس المحافظات إلى خدمة السرقة والنهب.
أيها القارئ العزيز، أنا وأنت مواطنان في بلد يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، وأنا كمواطن لا أملك سوى هذه المساحة الصغيرة أبث من خلالها شجوني، أمنّي النفس بمسؤول على شاكلة نائب رئيس الوزراء ووزير العدل في بريطانيا دومينيك راب الذي قدم استقالته ومعها خطاب اعتذار بسبب قيامه بالتنمر على بعض الموظفين في الوزارة.
وربما كنا نضحك على بعضنا حين نتوهم أن المسؤول العراقي يمكن أن يقدم استقالته حتى لو تسبب بموت مئات الأشخاص، ولهذا سنسخر نحن العراقيون من وزير العدل البريطاني لأنه قدم استقالته بسبب شكوى موظفين منه في الوقت الذي خاض فيه ساستنا حروبهم الطائفية من كلّ نوع ولون، وفي كلّ اتجاه، احتلوا المؤسسات الحكوميّة، أبادوا مدنيّة الدولة، طاردوا الكفاءات، وضعونا على سلّم البؤس، أدخلونا موسوعة غينيس في عدد الشهداء والمهجّرين. وبعد كل موجة خراب نجدهم يجلسون ويتضاحكون ويقررون التقاط صور فوتوغرافية، لكي يطمئن الشعب أنْ لا سبيل أمامه سوى الإذعان لصوت “عالية نصيف”.
أيها القارئ العزيز، نحن في كلّ مرة نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنه لا شيء مهمّ في هذه البلاد سوى الاطمئنان على رواتب أعضاء مجالس المحافظات وإعادتهم إلى الخدمة غانمين منتصرين، ففي لفتة إنسانية لنصرة النواب السابقين ومعهم أعضاء مجالس المحافظات الذين قدموا إنجازات لمحافظاتهم وضعتها في مصاف المدن الكبرى، أخبرنا القائمون على الموازنة بأن إحدى فقراتها تقول: “تلتزم الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بإعادة (أعضاء مجلس النواب السابقين وأعضاء مجلس الوزراء والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ورؤساء الوحدات الإدارية) إلى الوظيفة ضمن السلم الوظيفي من الدرجة الأولى فما دون وعلى وزارة المالية توفير الدرجات الوظيفية والتخصيص المالي لهم وتُحتسب المدة التي قضاها المذكورون آنفاً في تلك المجالس خدمة لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد وعلى وزارة المالية استحداث الدرجات الوظيفية للمذكورين آنفاً غير المعينين سابقاً وفق تحصيلهم الدراسي”.
لو سألتَ أيَّ مواطن عراقي عن موقف الوزير البريطاني، فقد يموت قهراً أو ضحكاً! أما إذا سألتني عن مهزلة إعادة مجالس المحافظات، فلن أقول شيئاً سوى “….. “
نقلا عن المدي