الأمير محمد بن سلمان وانتصار المنتصر؟
بلا شك أن التدخل الإيراني الفارسي المجوسي واضح في بعض من دولنا العربية اليوم، وهذا التدخل كان ومازال نتيجة لتراكم أخطاء السياسة الأمريكية، بالإضافة إلى العبث والجهل وفقدان توازن ضمن دوائر صنع القرار الأمريكي. وهذا الاعتبار تنبني عليه نتائج وخيمة تتحمل مسؤوليتها الولايات المتحدة الأمريكية قانونيا وتاريخيا وأخلاقيا.أمّا في حالة اعتبار ما جرى ويجري حاليا بأنه مخطط يندرج ضمن استراتيجية مدروسة بهدف تحقيق أهداف بعيدة المدى في إطار مشروع كبير وشامل. هذا يجرنا الى ويلات قادمة قد تكون أدهى مما أصابنا وحاق بمنطقتنا.
لعل من أهم عناوين هويتنا كعرب ومسلمين أن الأسلام ظهر في مكة، وبمكة تشكلت سايكولوجيتنا الذاتية والموضوعية في توازن المجتمع الاسلامي الذي ننتمي اليه. من هنا يمكننا أن نفهم لماذا كانت المملكة العربية السعودية ومازالت وستبقى حضن الأمة العربية ورمزا للأمة الإسلامية وقبلة الكرامة والشرف لكل المسلمين في العالم. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية طبيعة المؤامرة على السعودية..تلك المؤامرة التي تمثل صفحة من صفحات الحرب التي تستهدف تدمير الأمة العربية والإسلامية نهائيا. لكن القيادة السياسية العظيمة في السعودية بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وبشجاعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم ولن تسمح باحتلال أرضنا واستباحة دمائنا وأوطاننا.
هنا أتحدث عن زيارة رئيس الوزراء العراقي السيد مصطفى الكاظمي إلى المملكة العربية السعودية. هذه الزيارة تشعرك كمواطن عراقي عروبي بنشوة العظمة، في الوقت نفسه يمكن اعتبارها بداية انطلاقة جديدة في سياسة وإستراتيجية المنطقة، بشيء من كاريزما القوّة للأمير محمد بن سلمان معلنا ولي العهد تغيير قواعد الأشتباك أو شروط اللعبة، ورسائل مشفرة للعالم بصورة عامة وإلى إيران تحديدا، أن العراق والأمة العربية على أعتاب عهد جديد ومستقبل مشرق بعيدا عن التبعية الإيرانية وعملائها. الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية لم تتخلى عن العراق وشعبه منذ سبعة عشر عاما، ومدت لنا يد العون وكافة أنواع المساعدات وحاولت بكل السبل والطرق الدبلوماسية أن تعيد العراق إلى حضنه العربي.
إن الأمير محمد بن سلمان لم يسمح مطلقا بابتزاز العراق وشعبه وتسليبه، وسيقطع كل الأذرع الإيرانية في المنطقة. ولمن يتقن علم حساب معادلات السياسة وفن تقكيك شفرات طلاسمها، سيجد النظام الإيراني على شاكلته المتخلفة زائدا لا يصلح استعماله في المرحلة القادمة، وإن إعادة تأهيل هذا النظام وترميمه ستكون أكثر كلفة من انتاج نظام جديد. بالمحصلة إذا لم تبادر الدوائر التي أنتجته الى تنحيته سوف يتم سحقه على يد ابطال القوات المسلحة السعودية. إذن سيشهد العالم فصلا دراماتيكيّا ساخنا على مسرح الشرق الأوسط، وسوف يبدأ العرض المسرحي بتقطيع أذرع الوحش وفي ضجيج وصراخ واسع النطاق ابتداءا من العراق وسوريا ولبنان، أما رأس الوحش في طهران، المرجّح أنه سينكبّ مصدوما مشلولا عاكفا على العويل واللطم.
تأسيسا لما تقدم، أن التغيير قادم في العراق لا محال، فلم يعد العراق يحتمل المزيد من الفوضى بعد أن استهلك الآلاف من الأموات والمشردين في سجال تقاطع أجندات المشاريع الدولية والاقليميّة. إن الخطر الأكبر لا يتجسّد في وحشيّة النظام الإيراني التافه الجاثم على بعض من دولنا العربية، لكنه يتجسد في عملاء إيران مثل ميليشيا الحوثي وحزب الله وغيرها من الميليشيات بالعراق، فهذه الميليشيات ليست أكثر من وحوش مدجنة لدى من هو أخطر منها. تلك القوى الشريرة التي تمتص دماء الشعوب وتنهب مقدراتها وثروتها من خلال الأساليب المجردة عن الأخلاق والقيم الإنسانية. وعليه يجب أن نقف احتراما وإجلالا للقيادة السياسية في السعودية ومواقفها العظيمة والمشرفة تجاه العراق وتجاه كل قضايا المنطقة، فهي الجدار المنيع ضد حكومة الفرس المجوس وما تفعله في العراق وسوريا واليمن وحتى أكذوبة تحرير القدس، تلك الاسطوانة المقززة بسبب كثرة عزفها على مجازر الموتى والدمار الذي تطرب عليها ميليشيات الملالي الطائفية.
من هذا المنطلق يجب على العالم أن يسمع المملكة العربية السعودية وولي عهدها اليوم ولا يصمّ البعض أذنيّه كما فعل سابقا، وإن هذا الخطاب البالغ الأهميّة بما يتضمن لا ينفصل عن جملة الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط ولا عن تاريخ السعودية ودورها المؤثر والكبير في السياسة العالميّة على مر التاريخ.
المصدر: صحيفة العروبة السعودية
بقلم: الكاتب والباحث السياسي
الدكتور: أنمار نزار الدروبي…