غير مصنف

اعتقال ناشط أحوازي في تركيا يشي بتحولها إلى مرتع للاستخبارات الإيرانية

إيران تتمادى في تعديها على “حقوق الإنسان” والأراضي التركية شكلت مسرحاً لعمليات خطف وقتل معارضين

سوسن مهنا –  صحافية

يبدو أن الأمور ليست عى ما يرام في الفترة الأخيرة بين الجارتين اللدوتين تركيا وإيران، فبعد الأزمة الدبلوماسية التي تسبب بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته أذربيجان أخيراً، من خلال إلقائه أبياتاً شعرية تتحدث عن نهر آراس الحدودي، مثيراً غضب المسؤولين الإيرانيين، أعلنت السلطات الإيرانية، الأحد 13 ديسمبر (كانون الأول)، انتهاء “سوء الفهم” بين طهران وأنقرة، عقب الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية البلدين محمد جواد ظريف ومولود جاويش أوغلو، إلا أن أزمة جديدة ظهرت في الأفق بعدما اتهمت السلطات التركية الاستخبارات الإيرانية بالوقوف وراء مؤامرة معقدة لخطف معارض أحوازي في إسطنبول. وقال مسؤول تركي إن المعارض الأحوازي حبيب أسيود “اجتذب إلى تركيا من قبل امرأة، وتم تخديره وخطفه عندما ذهب لمقابلتها، ثم تم تهريبه إلى إيران، وهو مخطط دبره مهرب مخدرات سيئ السمعة بأمر من الاستخبارات الإيرانية”.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قد كشفت في تقرير نشرته، الأحد 13 ديسمبر، عن اختفاء المعارض الأحوازي المنفي حبيب أسيود، بعدما سافر من منزله في السويد إلى تركيا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دون أن يخبر أياً من معارفه. وجرت محاولات للكشف عن مصيره بعد اختفائه في تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا أنه كان نقل إلى طهران في إطار عملية أمنية. وصرح حينها رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النوري، لوكالة أنباء البرلمان، بأن “المعتقل يخضع للتحقيق حالياً، وبعد أخذ المعلومات اللازمة سيحاكم لينال العقاب”.

ونقلت “واشنطن بوست” عن فؤاد الكعبي أحد أصدقاء حبيب أسيود قوله “لم نكن لنقبل سفره بعدما أصبحت تركيا بمثابة الفناء الخلفي لعملاء الاستخبارات الإيرانيين”، مبيناً أن أسيود (وهو زعيم جماعة أحوازية مسلحة) مطلوب من قبل طهران. ووفقاً للصحيفة الأميركية، فإن أسيود اختفى بعد وصوله إلى إسطنبول. وبعد يومين من تاريخ وصوله إلى تركيا، أعلنت وسائل إعلام حكومية إيرانية، عن اعتقاله، وقالت إنه اعترف بتورطه في هجوم إرهابي استهدف عرضاً عسكرياً منذ سنتين في إيران، ولم تكشف عن تفاصيل احتجازه أو مصيره.

استدرجته من السويد امرأة أتت من إيران

من جهة أخرى، قال مسؤول تركي لـ”واشنطن بوست”، فضل كتم هويته، إن الاستخبارات التركية سرعان ما كشفت عن الغموض المثار حول تلك الحادثة، موضحاً أن “امرأة استدرجت الشاب إلى تركيا، قبل تخديره وخطفه عندما ذهب لمقابلتها، وتهريبه عبر الحدود إلى إيران. وكل ذلك تم تدبيره من قبل مهرب مخدرات سيئ السمعة، بأمر من الاستخبارات الإيرانية”. واعتقلت تركيا في الأيام الأخيرة الماضية، مجموعة أشخاص على صلة بالحادث، بحسب المسؤول التركي. وكشف تحقيق تركي عن أن أسيود سافر من السويد إلى إسطنبول في 9 أكتوبر الماضي، لمقابلة امرأة، يشار إليها باسم “صابرين س”، سافرت من إيران بجواز سفر مزور، ووصلت إلى المدينة التركية قبل يوم من سفر الناشط الأحوازي. وفي اليوم الذي وصل فيه أسيود إلى تركيا، اشترى منفذو عملية الخطف أربطة بلاستيكية من متجر لأجهزة الكمبيوتر في إسطنبول. ووصل أسيود، وتوجه للقاء “صابرين س” في محطة وقود في منطقة “بيليك دوزو” في إسطنبول، وانتظرها في شاحنة. وبمجرد دخوله إليها، تم تخديره وتقييد يديه وقدميه.

وذكر التحقيق التركي أنه نقل إلى مقاطعة “وان” شرق تركيا، لتسليمه إلى مهربي الاتجار البشر، لتهريبه عبر الحدود في اليوم التالي. وعادت “صابرين س” أيضاً إلى إيران.

مستشار أردوغان يتدخل لإطلاق مهرب

في سياق متصل، أعلن مسؤول تركي، أن ضباط الاستخبارات والشرطة التركية اعتقلوا 11 رجلاً، جميعهم أتراك، بتهمة استخدام الأسلحة. وأضاف أن المهرب، ويدعى “زندشتي”، ما زال طليقاً، ويعتقد أنه موجود الآن في إيران.

وسجن “زندشتي” في أبريل (نيسان) 2018 بتركيا، لكنه قضى 6 أشهر فقط من عقوبته قبل أن يسترد حريته، وأثار إطلاق سراحه المبكر ضجة في تركيا. وتوجهت أصابع الاتهام في تسهيل إطلاقه إلى برهان كوزو مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن المستشار الذي توفي في وقت سابق هذا العام بعد إصابته بفيروس كورونا، كان نفى تلك التهم. وألقت السلطات التركية القبض على أحد أقارب “زندشتي”، ويدعى بهتيار فرات، في أكتوبر الماضي، بعد فترة وجيزة من محاولته السفر إلى إيران، وفقاً للمسؤول التركي، لكن زوجة فرات، إسراء، دافعت عنه، وقالت لموقع “بيانت” التركي، إن زوجها كان ذاهباً إلى إيران لزيارة الأقارب ورؤية طبيب أسنان. وقال المسؤول التركي إن فرات أبلغ السلطات التركية أن “زندشتي” التقى مسؤولين إيرانيين مرات عدة قبل اختفاء أسيود.

خططا للسفر إلى قطر

اتهم زملاء أسيود في السويد “صابرين س”، بالاشتراك في عملية الاختطاف، وقال كابي، إنه يعرفها باسم مختلف، وإنها وأسيود (الذي انفصل عن زوجته)، متزوجان سراً منذ 4 سنوات. وبحسب كابي، كان أسيود غارقاً في الديون، وأقرضته صابرين نحو 100 ألف يورو في الماضي. وبعد اختفاء أسيود، علم كابي وأصدقاؤه الآخرون أن المرأة عرضت عليه قرضاً جديداً، وأنهما خططا أولاً للسفر إلى قطر، وقال صديقه “لكن كيف أقنعته بالذهاب إلى تركيا، لا نعرف”.

عملية الخطف الثالثة في تركيا

من ناحية ثانية، تربط أوجه تشابه مذهلة بين حالة خطف أسيود وبين عملية أخرى نفذتها إيران أخيراً بحق روح الله زم، الصحافي الإيراني المنشق الذي عاش في المنفى في فرنسا، لكنه اختفى بعد استدراجه إلى العراق العام الماضي. وأعدم زم، الذي كان يدير قناة شهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم السبت 12 ديسمبر الحالي، في إيران بعد إدانته بتهمة التحريض على العنف خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2017. ونددت منظمة العفو الدولية بالإعدام ووصفته بأنه “ضربة قاتلة لحرية التعبير في إيران”.
ويعد اختفاء أسيود ثالث عملية اختطاف بارزة تنفذ في تركيا، خلال السنوات الأخيرة، ويلقى باللوم فيها على الحكومة الإيرانية. وتهدد بتوتر العلاقة بين البلدين، الخصمين الإقليميين، اللذين يتعاونان أيضاً في التجارة والطاقة ومسائل أخرى.

وقتل في عام 2017 قطب إعلامي إيراني حكم عليه بالسجن غيابياً في إيران، في إطلاق نار من سيارة مسرعة في إسطنبول، وقيل إن مساعد مهرب المخدرات ناجي شريفي “زندشتي”، هو منفذ العملية.
وقتل العام الماضي، مسعود مولاوي فاردانجاني، المسؤول الدفاعي الإيراني السابق الذي انتقد حكومته، برصاصة قاتلة في إسطنبول أيضاً، في عملية قال مسؤولون أتراك إنها تمت بتحريض من ضباط استخبارات يعملون في القنصلية الإيرانية.

حركة النضال العربي لتحرير الأحواز

يزعم المسؤولون الإيرانيون أن قادة “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز” ASMLA (التي ينتمي إليها أسيود)، تلقوا تمويلاً من خصوم طهران في المنطقة، لزعزعة استقرار إيران، في حين أن المنطقة الجنوبية الغربية من إيران تشكل موطناً لأكثر من 80 في المئة من احتياطات النفط في البلاد، فإن الفقر منتشر فيها، كما ساعدت المظالم الطويلة الأمد التي يتعرض لها أهالي هذه المنطقة في إثارة الاضطرابات.

وألقي باللوم على ناشطين مرتبطين بـ”حركة النضال” في شن هجمات في إيران بما في ذلك الهجمات على البنوك وخطوط أنابيب النفط والمكاتب الحكومية. وفي عام 2018، اتهمت إيران الحركة بالتخطيط لهجوم شنه مسلحون ضد عرض عسكري في مدينة الأحواز بجنوب غربي البلاد.

ويقول متخصصون إن الحركة تفتقر إلى دعم واسع النطاق بين العرق العربي في إيران، لكن من الواضح أن طهران ما زالت ترى فيها تهديداً.

إلا أنه في عام 2017، أطلق مسلح، قال المسؤولون الهولنديون، أنه على صلة بالحكومة الإيرانية، النار على زعيم الحركة أحمد مولا نيسي بالقرب من منزله في لاهاي، وقتله.

يذكر أن أسيود عاش في المنفى منذ 14 عاماً، بحسب صديقه كابي، المتحدث باسم “الجبهة الشعبية الديمقراطية الأحوازية”، المرتبطة بـASMLA. وقال إن “الاعترافات التي أدلى بها أسيود (قسرية) والجريمة التي اتهمته إيران بارتكابها (الهجوم على العرض العسكري) تبناها تنظيم “داعش” في ذلك الوقت.

إيران تتابع انتهاكاتها لحقوق الإنسان

كانت مصادر حقوقية قد أفادت بأن السلطات الإيرانية حكمت على ناشطتين في مجال حقوق المرأة اعتقلتهما استخبارات “الحرس الثوري” الإيراني صيف عام 2018، بالسجن 15 عاماً، وحرمانهما من ممارسة بعض النشاطات الاجتماعية. وكان الفرع 15 من المحكمة الثورية في طهران برئاسة القاضي أبو القاسم صلواتي، قد اتهم مواطنتيه بـ”التعاون مع الحكومة الأميركية المعادية للنظام الإيراني في قضية المرأة والأسرة”، علماً بأن  القاضي المذكور مشهور بتشدده لدرجة يطلق عليه المعارضون الإيرانيون لقب “قاضي الموت”، وهو مصنف على لائحة عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب دوره في إصدار أحكام إعدام وسجن طويلة الأمد، ضد الناشطين والمعارضين الإيرانيين، باعتماده اعترافات قسرية أخذت من المتهمين تحت التعذيب، وكان آخرها تنفيذ حكم الإعدام قبل أيام بحق الصحافي البارز روح الله زم.

وبحسب تقارير إعلامية إيرانية، حكم على المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة، هدى عميد، بالسجن 8 سنوات، والحرمان لمدة سنتين من بعض الحقوق الاجتماعية، بما في ذلك العمل محامية. كما حكم على عالمة الاجتماع والناشطة في مجال حقوق المرأة، نجمة واحدي، بالسجن 7 سنوات، والحرمان لمدة سنتين من بعض النشاطات الاجتماعية.

وكانت الممثلة الإيرانية ريحانة بارسا (22 عاماً)، قد كشفت عن تعرضها لتهديدات بالاعتقال والترحيل من قبل الاستخبارات الإيرانية. وقالت الممثلة في مقابلة خاصة مع موقع “راديو فردا”، إنها تركت بلدها إيران منذ نحو سنتين، وتعيش حالياً في تركيا. وقالت الممثلة خلال اللقاء، إن أجهزة الاستخبارات الإيرانية تمارس ضغوطاً على نجوم ونجمات السينما الإيرانية. وكانت بارسا ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي من دون حجاب، بعد مغادرتها إيران، وقبلها كانت تظهر في الأعمال الفنية بحجاب فضفاض، الأمر الذي لم يعجب أجهزة الدولة الإيرانية.

نقلاً عن ” INDEPENDENT  عربية “

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى