التاريخ السياسي للأحواز: الاحتلال الإيراني والاستعمار والشعب الأحوازي (7)
الأحواز كمنطقة عازلة في المعاهدات المبرمة بين بلاد فارس والدولة العثمانية، نظرًا لأهميتها الجيوسياسية، كانت الأحواز بمثابة منطقة عازلة بين العثمانيين والصفويين.
وكانت مشابهة لجورجيا وكردستان ولوريستان، التي تقع بين الإمبراطوريتين المتجاورتين وتتمتع بحكم شبه مستقل في مناطقهما.
وفقًا لمعاهدة 1639 بين الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، كانت خط المواجهة بين العثمانيين والصفويين عبارة عن منطقة واسعة تبدأ من أرمينيا في الشمال وتمر بكردستان ولورستان والأحواز وصولاً إلى الخليج العربي.
و استغرقت الإصدارات المتعددة لمعاهدة 1639 ما يقرب من أربعة قرون لتحديد الحدود والاعتراف بها دوليًا بعد فترة طويلة من المعاهدة الأولى.
وتشير الوثائق التاريخية إلى أن الأحواز تمتعت بقدر أكبر من الحكم الذاتي عندما كانت الإمبراطوريات المجاورة تتنافس باستمرار للسيطرة عليها، حيث كانت قبائلها تسعى للحصول على الرعاية منها.
وفي معاهدة زهاب عام 1639، كانت الأحواز في المنطقة الحدودية الممتدة من البصرة في العراق إلى فارس في بلاد فارس.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن “هذه المناطق الحدودية كانت معزولة عن العواصم البعيدة ويسكنها عرب معادون… قبائل تتنافس للحصول على رعاية الإمبراطوريات المتنافسة، وكانت غير مستقرة للغاية”.
نتيجةً للحروب والسلالات الحاكمة المتغيرة في بلاد فارس، كانت الحدود مع العثمانيين تتغير باستمرار.
على سبيل المثال، تم الاعتراف بالسيادة العثمانية على الأحواز في معاهدة همدان عام 1727 بين العثمانيين والأفغان الذين أطاحوا بالصفويين.
ومع ذلك، أعادت معاهدة كيردين (الكردانية) بين بلاد فارس والعثمانيين عام 1746 التأكيد على أحكام معاهدة زوهاب لعام 1639.
وبالتزامن مع تفكك بلاد فارس عقب انهيار الصفويين، شكلت قبائل الكعب في الفلاحية في جنوب غرب الأحواز كيانًا سياسيًا يعرف باسم إمارة كعب.
هذه الإمارة كانت تعكس التغيرات السياسية والاجتماعية في المنطقة، حيث تجمع السكان المحليون تحت قيادة واحدة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
تاريخ الأحواز مليء بالتغيرات والصراعات، حيث شهدت الأحواز محاولات مستمرة للسيطرة من قبل القوى الإقليمية والدولية، مما أدى إلى تشكيل هويات سياسية وثقافية فريدة.