السنوار وحماس: تسلط عائلي وأزمات متفاقمة في غزة
بعد مضي عشرة أشهر من النزاع المستمر في غزة، يعيش سكان القطاع في ظروف كارثية تتسم بالموت والدمار. في الوقت الذي يعاني فيه المدنيون، يظهر يحيى السنوار، قائد حركة حماس، محميًا داخل الأنفاق مع عائلته. هذا الوضع يكشف عن مفارقة حادة بين معاناة الشعب الفلسطيني، ولجوء السنوار الى الانفاق.
هيمنة العائلة داخل حماس
في ظل الظروف الصعبة، يبدو أن حركة حماس أصبحت مسرحًا لتصرفات عائلية، حيث تُدار الحركة وفقًا لمصالح العائلة أكثر من كونها قضية وطنية. محمد السنوار، شقيق يحيى، تولى مكان قائد القسام محمد الضيف بعد اغتيال من قبل الجيش الاسرائيلي ، مما يعكس تركيزًا متزايدًا على النفوذ العائلي داخل الحركة بدلاً من الاهتمام بالقضايا الوطنية.
ويحيى السنوار قضى أكثر من 22 عامًا في السجون الإسرائيلية من عام 1988 إلى 2011، حيث ازداد تطرفه خلال فترة سجنه، بما في ذلك الحبس الانفرادي. تقييم حكومي إسرائيلي وصف شخصيته بأنها “قاسية، متسلطة، مؤثرة، وصاحبة قدرات غير عادية على التحمل”، مشيرًا إلى أن السنوار تمكن من فرض سلطته بلا رحمة، واكتسب قدرة على قيادة الحشود والتفاوض نيابة عنهم.
السنوار والتحالفات داخل حماس
بعد خروجه من السجن، أسس السنوار تحالفًا مع كتائب عز الدين القسام ورئيس الأركان مروان عيسى، وانتُخب عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس في غزة عام 2013، ليصبح رئيسًا للحركة في عام 2017. يعتبر السنوار أيضًا شخصية متطرفة ومتشددة، حيث تم تصنيفه من قبل وزارة الخارجية الأمريكية كـ “إرهابي عالمي محدد بشكل خاص” في عام 2015.
العلاقة مع إيران
العلاقة بين حماس وإيران تُمثل شراكة واضحة بين الطرفين، إيران تقدم الدعم المالي والعسكري لحماس، مما يعزز قدراتها على استهداف المدن الإسرائيلية بالصواريخ. السنوار عبّر عن امتنانه لدعم إيران، معترفًا بأن حماس لم تكن لتصل إلى ما هي عليه اليوم بدون هذا الدعم.
وفي عام 2021، أنشأت حماس بقيادة السنوار هيئة شرفية تحت اسم “هيئة الوعد الآخرة”، والتي كُلفت بإدارة فلسطين بعد “تحريرها”. الهيئة وضعت خططًا مفصلة حول التدابير السياسية والإدارية والعسكرية التي سيتم اتخاذها بمجرد تحقيق هذا “الوعد”، بما في ذلك التعامل مع القضايا المحلية والدولية ومصير اليهود تحت الحكم الإسلامي.
إيران تعين السنوار رئيسا لحماس
من جانبه يقول المحلل السياسي الفلسطيني، زيد الأيوبي، بتصريحات خاصة حول تعيين يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس خلفًا لإسماعيل هنية، مؤكدًا أن هذا التغيير يعكس تحولًا كبيرًا في ديناميات الحركة وعلاقتها بالقوى الإقليمية.
وفقًا للأيوبي، فإن اختيار يحيى السنوار لقيادة حركة حماس يشير بوضوح إلى هيمنة تنظيم الملالي الإيراني على الحركة. يقول الأيوبي: “تعيين السنوار يعكس بشكل قاطع أن حماس أصبحت تحت السيطرة المباشرة للحرس الثوري الإيراني، وأن الحركة لم تعد قادرة على اتخاذ أي قرارات كبيرة بشكل مستقل.”
الأيوبي يحذر من أن تعزيز النفوذ الإيراني داخل حماس سيؤدي إلى مزيد من التطرف داخل الحركة. ويشير إلى أن هذا التطرف من شأنه أن يلحق ضررًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية. ويقول الأيوبي: “التطرف المتزايد داخل حماس سيزيد من تعقيد الوضع، ويجعل من الصعب تحقيق أي تقدم في القضايا الوطنية.”
الهيمنة الشخصية والعائلية
يشدد الأيوبي على أن تأثير هذا التطرف قد يبدد أي أمل في تحقيق الوحدة الوطنية الداخلية بين الفصائل الفلسطينية. ويضيف: “في ظل سيطرة إيران وتزايد التطرف، سيكون من الصعب جدًا توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي وتوسعاته.”
مشيرًا إلى أن هذا الاختيار يعكس مشكلات جوهرية تتعلق بكيفية إدارة الحركة وتأثيرها على الوضع الفلسطيني.
وفقًا للأيوبي، فإن يحيى السنوار يتعامل مع حركة حماس بشكل شخصي، مما يجعل من عائلته المتحكمة الرئيسية في القرارات داخل الحركة. يقول الأيوبي: “السنوار لا يدير الحركة بطريقة مؤسسية بل بشكل شخصي، مما يؤدي إلى هيمنة عائلته على القرارات الاستراتيجية لحماس.”
استمرار معاناة الشعب الفلسطيني
الأيوبي يعبر عن قلقه من أن هذا الوضع سيستمر في تعزيز معاناة الشعب الفلسطيني. يوضح الأيوبي: “حركة حماس تحت قيادة السنوار استمرت في تبني سياسات عبثية، مما أسفر عن فقدان أكثر من 40 ألف شهيد نتيجة للصراعات والحروب التي شنت تحت قيادته.”
ويشير الأيوبي إلى أن هذا الوضع لن يؤدي فقط إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين ولكن أيضًا إلى تعقيد الجهود لتحقيق الوحدة الوطنية. ويضيف: “استمرار السياسات التي يتبناها السنوار سيزيد من معاناة الشعب الفلسطيني، ويعوق جهود تحقيق الوحدة الوطنية، مما يجعل من الصعب مواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي بشكل فعّال.”
تعيين يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس، كما يرى الأيوبي، يمثل تحديًا كبيرًا للقضية الفلسطينية. مع استمرار الهيمنة العائلية وتداعيات السياسات العبثية التي أدت إلى فقدان آلاف الأرواح، يبدو أن الشعب الفلسطيني يواجه المزيد من الصعوبات. من الضروري النظر في كيفية تأثير هذه الديناميات على الأوضاع الفلسطينية واستكشاف طرق للتعامل مع هذه التحديات بفعالية أكبر.
التصريحات الإسرائيلية
وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وصف انتخاب السنوار كزعيم لحماس بأنه مؤشر على سيطرة إيران وحماس الكاملة على القضية الفلسطينية. وذكر كاتس أن استمرار الأوضاع دون تدخل إسرائيلي قد يؤدي إلى تسليم غزة بالكامل لحماس، وأن بقاء عباس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية يعتمد على العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد بنية حماس والجهاد الإسلامي.
كما أشار كاتس إلى أن إيران تهدف إلى تهريب الأسلحة إلى الأردن لزعزعة استقرار النظام الأردني، ثم تسليح مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية والمنطقة بأكملها، ما قد يؤدي إلى إنشاء جبهة إرهابية جديدة ضد إسرائيل.
وأوضح كاتس أن الحل المقترح هو الإدارة الذاتية الفلسطينية في الضفة الغربية، مع بقاء السيطرة الإسرائيلية على الأمن والشؤون الخارجية. ودعا المجتمع الدولي لدعم إسرائيل في مواجهتها للمحور الإيراني والإسلامي المتطرف، محذرًا من أن عدم الدعم قد يؤدي إلى تفاقم الوضع وظهور بؤر إيرانية أخرى في المنطقة.