الموتى لم يسلموا من إرهاب الملالي.. العفو الدولية تطالب بمواجهة انتهاكات طهران بحق البهائيين ومقابر ضحايا 88
نددت منظمة العفو الدولية بتخريب سلطات الاحتلال الفارسي مقابر أعضاء الأقلية البهائية ومنهم من دفن أحبائهم في قطع أرض فضاء في مقبرة بالقرب من طهران.
وذكرت منظمة العفو الدولية، أن سلطات الاحتلال اقدمت على تخريب موقع مقبرة خاوران الجماعية القريبة منها لضحايا مجازر 1988.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية إن “هذه أحدث حلقة في سلسلة من المحاولات الإجرامية من جانب السلطات الإيرانية على مر السنين لتدمير مواقع المقابر الجماعية لضحايا مجازر السجون التي وقعت عام 1988 في محاولة لإخفاء الأدلة الحاسمة على الجرائم ضد الإنسانية، وحرمان أسر الذين أخفوا قسراً وأُعدموا سراً خارج نطاق القضاء من الحقيقة والعدالة والتعويض”.
وتابعت الحقوقية الدولية، أن هذه الاجراءات والممارسات من قبل طهران تسبب بمزيد من الألم والأسى للأقلية البهائية المضطهدة أصلاً بحرمانها من حقوقها في دفن أحبائها بكرامة تماشياً مع معتقداتها الدينية – تتعمد السلطات الإيرانية تدمير مسرح الجريمة”.
لقد شاهد أفراد الأسر الذين زاروا موقع المقبرة الجماعية في 23 أبريل/نيسان ثمانية قبور فارغة حُفرت حديثاً وقبرين جديدين عليهما لوحة تشير إلى اسم الشخص المتوفى. وأيدت الصور الفوتوغرافية التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية هذا الأمر، وأظهرت خطوطاً رُسمت في الرمل لتعليم القبور المستقبلية أيضاً. كذلك لاحظت الأسر تعزيز الوجود الأمني والمخابراتي في الموقع على مدى الأشهر القليلة الماضية.
وقد تحدثت منظمة العفو الدولية إلى مجموعة بهائية لحقوق الإنسان مقرّها خارج إيران وإلى أسر ضحايا مجازر السجون التي وقعت عام 1988، مقيمة خارج إيران، وتلقت المنظمة والأسر معلومات موثوقاً بها من الذين زاروا موقع المقبرة في 23 أبريل/نيسان، علاوة على استعراض الأدلة الفوتوغرافية. ولم تستطع المنظمة أن تتحدث مباشرة إلى الأسر المتأثرة داخل إيران، بسبب ما هو سائد من أجواء الخوف وعمليات الانتقام التي تقوم بها السلطات ضد الذين يتحدثون علناً وصراحةً.
وتابعت “في خروج كبير على الممارسة المتبعة، منع في الشهر المنصرم مسؤول رفيع في منظمة بهشت زهرا – وهي هيئة حكومية تنظم عمليات الدفن في طهران – البهائيين من دفن أحبائهم في قطع الأرض الفضاء في مقبرة غلستان جاويد بحسب الجامعة البهائية العالمية، وهي منظمة غير حكومية. وقال المسؤول إنه من الآن فصاعداً عليهم دفنهم في الأماكن الضيقة بين القبور الحالية داخل المقبرة أو دفنهم في موقع مقبرة خاوران الجماعية. ولا يترك عدم وجود حيز بين القبور الحالية في مقبرة غلستان جاويد خياراً حقيقياً أمام الأسر سوى دفن موتاهم في موقع المقبرة الجماعية”.
وشدد منظمة العفو الدولية انه يجب على المجتمع الدولي أن يلح على سلطات طهران للاعتراف بموقع خاوران وغيره من مواقع المقابر الجماعية في البلاد كمسارح جريمة ومعاملتها على هذا الأساس.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية:”لقد اعترض أتباع الديانة البهائية بشدة على الجهود التي تبذلها السلطات لإرغامها على تدنيس موقع مقبرة خاوران الجماعية”.
وتلقت منظمة العفو الدولية أنباءً محزنة للغاية من الجامعة البهائية العالمية حول ترك الجثث قابعة في المشارح؛ لأن الأسر البهائية ترفض دفن أحبائها في موقع المقبرة الجماعية.
وقد ذكرت أسرة بهائية واحدة على الأقل بأن أحد أفرادها المتوفين دُفن في أبريل/نيسان بدون علمها أو موافقتها في مكان مهجور خارج مقبرة غلستان جاويد من دون اتباع الطقوس والعادات البهائية للدفن؛ لأن الأسرة رفضت أن تتواطأ في تدمير موقع مقبرة خاوران الجماعية.
لا يجوز – وفق القانون الإيراني – القيام بعمليات الدفن إلا بإذن خطي من الهيئات الرسمية في مواقع القبور والمقابر الرسمية. ويمكن للمتهمين بإجراء عمليات دفن غير قانونية أن يواجهوا مقاضاةً جنائية تؤدي إلى الاحتجاز ودفع غرامات.
وقالت ديانا الطحاوي إن “المجتمع الدولي يجب أن يلح على السلطات الإيرانية – ومن ضمنها السلطات البلدية في طهران وغيرها من المدن، فضلاً عن وزارة الداخلية التي تشرف على إدارة مواقع القبور في شتى أنحاء إيران – للاعتراف بموقع خاوران وغيره من مواقع المقابر الجماعية في البلاد كمسارح جريمة ومعاملتها على هذا الأساس. وثمة حاجة إلى خبرة جنائية مهنية لإجراء عمليات نبش القبور، وضمان الحفاظ على الأدلة، والتعرف على الجثث بصورة صحيحة”.
وتابعت “وينبغي على السلطات الإيرانية أيضاً أن تسمح فوراً لأعضاء الأقلية البهائية بالمشاركة في طقوس وعادات الدفن والحداد وفقاً لمعتقداتهم وأن تضع حداً لاضطهادهم الممنهج”.
كانت للأقليات الدينية – ومن ضمنها البهائيون – مقابر مخصصة لهم طوال عقود من الزمن؛ لأن المقابر التي تُستخدم لدفن المسلمين لا يمكن أن تفسح المجال للطقوس المختلفة لتلك الأقليات المتعلقة بغسل الموتى ودفنهم. كذلك تعدّهم سلطات الجمهورية الإسلامية “نجسين” وتعتقد أنهم لا يجوز أن يدفنوا بجانب المسلمين. وتشير السلطات إلى المنطقة المحيطة بمقبرة غلستان جاويد وموقع مقبرة خاوران الجماعية “بالمنطقة الملعونة” (لعنت آباد). وتدير منظمة بهشت زهرا المنطقة برمتها.
وقد قامت سلطات طهران على نحو متكرر طوال العقود الأربعة الماضية بتدنيس وهدم مقابر البهائيين في شتى أنحاء البلاد. وفي مناسبات متعددة عرّضت السلطات أيضاً جثامين أفراد الديانة البهائية للتدنيس والمعاملة المهينة، بما في ذلك بمنع دفنها أو نبش قبورها وإخراجها ونقلها إلى مناطق مهجورة بصورة غير قانونية.
وتنتهك سلطات طهران – عبر منع الأقلية البهائية من دفن أحبائها بكرامة ووفق طقوسها وعاداتها الدينية – المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذين صدّقت عليهما إيران. وتشكل هذه الأفعال أيضاً معاملة قاسية، أو لاإنسانية، أو مهينة يُحظّرها القانون الدولي.
وتحدث هذه الانتهاكات في سياق الأنماط الأعم للانتهاكات الممنهجة والواسعة النطاق للحقوق الإنسانية لأبناء الديانة البهائية، ومن ضمن ذلك الاعتقال والاحتجاز التعسفيان، والإغلاق القسري للمؤسسات التجارية، ومصادرة الممتلكات، وحظر التوظيف في القطاع العام، والحرمان من إمكانية الحصول على التعليم العالي، وحملات خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الرسمية.
في تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في 2018 خلصت إلى أنه إضافة إلى ارتكاب سلطات طهران الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة بالقتل عام 1988 عبر الإخفاء القسري لآلاف المعارضين السياسيين وإعدامهم خارج نطاق القضاء، ترتكب الجرائم المستمرة ضد الإنسانية المتمثلة بالاختفاء القسري، والاضطهاد، والتعذيب، وغيره من الأفعال اللاإنسانية، بما في ذلك بمواصلة التكتّم على مصير الضحايا ومكان وجودهم.
ونظراً لمناخ الإفلات الممنهج من العقاب السائد في دولة الاحتلال، تكرر منظمة العفو الدولية دعوتها للدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء آلية على وجه السرعة لجمع وتحليل الأدلة على الانتهاكات والجرائم الماضية والجارية لحقوق الإنسان، ومن ضمنها تلك المتعلقة بمجازر السجون التي وقعت عام 1988 من أجل السماح بإجراء ملاحقات قضائية للمسؤولين عنها، وتحقيق العدالة وتقديم التعويض إلى الضحايا، وهما أمران طال انتظارهما.
واختتمت ديانا الطحاوي قائلة: “بعد مرور أكثر من 33 سنة، تظل هذه الجرائم ضد الإنسانية جرحاً نازفاً في إيران في خضم أزمة الإفلات الممنهج من العقاب. ويظل الذين تتوفر ضدهم أدلة على تورطهم المباشر في هذه الجرائم يشغلون مناصب رفيعة في السلطة. ويضمون الرئيس الحالي للسلطة القضائية ووزير العدل اللذين يتسم دوراهما بأهمية بالغة في إقامة العدل.”