مقالات

هل تكلَّم من طهران؟

 

أحمد عياش

اطلالة الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله مساء أمس، في ذكرى غياب الحاج قاسم سليماني و»أبو مهدي» المهندس، لم تشر من قريب أو من بعيد، إلى أنّ نصرالله ربما كان يتكلم من مكان ما في طهران. ووفقاً لبعض الأنباء، إنّ زعيم «الحزب» غادر لبنان قبل فترة غير معروفة إلى الجمهورية الإسلامية لأسباب أمنية تتصل بتطورات المواجهة مع إسرائيل، سواء في غزة أو على الحدود الجنوبية. هذا مع العلم أنّ تهديداً علنياً أطلقته إسرائيل باغتيال نصرالله لم يمض عليه وقت طويل. فمنذ نحو أسبوع قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لصحيفة «إسرائيل اليوم» إنّه «يتعيّن على نصر الله فهم أنّه التالي ما لم يبتعد الحزب إلى شمال نهر الليطاني». وأتت كلمة المسؤول الإسرائيلي «التالي»، في معرض الإشارة إلى اغتيال إسرائيل القائد السابق في الحرس الثوري رضي الموسوي في دمشق في غارة جوية في 25 كانون الأول الماضي.

ما يعطي الأنباء عن سفر نصرالله إلى الجمهورية الإسلامية بعداً إضافياً، هو اغتيال إسرائيل نائب رئيس حركة «حماس» صالح العاروري قبل يومين في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبطريقة مشابهة لتلك التي استخدمتها إسرائيل في قتل الموسوي في العاصمة السورية. ما يعني أنّ إمكانات إسرائيل في تنفيذ تهديداتها باغتيال خصومها تتجاوز إمكانات تفاديها. ووصف أحد الخبراء الذين كتبوا أمس على موقع «العهد الاخباري» الالكتروني التابع لـ»حزب الله»، عملية اغتيال العاروري بأنّها «من العمليات الخاصة الحساسة والاستثنائية. أولاً، في القدرة التقنية والتفجيرية بطائرة بعيدة المدى عن الهدف. وثانياً لناحية المعطيات الاستعلامية المحكمة التي اشتركت في جمعها طائرات مسيّرة للرصد والمراقبة البعيدة، بالإضافة طبعاً إلى جانب بشريّ من العملاء أو الجواسيس ساهموا بضبط التوقيت القاتل للتنفيذ».

لا مبالغة في القول، إنّ لبنان أصبح في دائرة الخطر الشديد منذ أن قرر «حزب الله» فتح جبهة لمواجهة إسرائيل على طول الحدود الجنوبية في 8 تشرين الأول الماضي، أي في اليوم التالي لحرب غزة. وسمعت قيادة «حزب الله» مباشرة أو غير مباشرة من كبار المسؤولين الفرنسيين وآخرهم وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو أنّ الظروف بالغة الدقة. ووصل الأمر برئيس الاستخبارات الفرنسي برنار ايميه إلى ابلاغ محدثه في «الحزب» أنّ «الجنون» هو الذي يحكم إسرائيل حالياً.

ولا يخفى على أحد، وفي مقدمهم قيادة «الحزب»، أنّ «التطمينات» التي بعثت بها إسرائيل بعد اغتيال العاروري في اتجاه بيروت، من أنّ عملية الضاحية الجنوبية الأخيرة «لا تستهدف «حزب الله» أو لبنان»، هو أشبه بالمخدر الذي يريد من الضحية أو الضحايا الذين ما زالوا على قيد الحياة، أن يعودوا إلى حالة الاسترخاء كي يسهل النيل منهم في الوقت المناسب.

وهناك من لا يزال يملك المعلومات كيف كانت الأحوال إبّان حرب تموز عام 2006، وكيف أنّ مقتضيات السلامة دفعت إلى ترتيب مقر إقامة لنصرالله في مكان يجعله آمناً نسبياً إتقاء للغارات الإسرائيلية المدمرة التي سوّت جزءاً من الضاحية الجنوبية بالأرض.

هناك عبارة شهيرة أصبحت فيلماً سينمائياً هي «حقول القتل»، وتدور أحداث هذا الفيلم حول كمبوديا في سبعينات القرن الماضي. وتبدو العبارة ملائمة لوصف أحوال معظم دول الشرق الأوسط وبينها لبنان. ولأنّ الضرورات تبيح المحظورات، فربما خاطب نصرالله جمهوره من ايران كما لو كان في الضاحية.

نقلا عن “نداء الوطن”

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى