ما بعد “الغارة السياسية” على صنعاء!
المعاناة الإنسانية الناجمة عن العلة اليمنية “اليمننة”، حثت على اتخاذ إجراءات منهجية من المملكة العربية السعودية بدءا من مايو 2018م بإطلاق “البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن”، ومد الجسر الجوي الإنساني، وتسيير رحلتَي “طائرات الرحمة” يناير 2020م، ممهدةً إطلاق مبادرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للسلام في اليمن، مارس 2021م.
فضلاً عما تلاحق من تطورات عسكرية ومتغيرات سياسية يمنياً، واهتمامات اقتصادية راهنة ومستقبلية داخل الإقليم وخارجه، مع ما يهز العالم من اضطرابات دولية وإقليمية من “أكرنة: حرب أوكرانيا” 2022م إلى “سودنة: صراع سوداني”.. مؤخراً.
حزمة التداعيات المتشابكة مما شجع حدوث اختراق كبير منتصف أبريل 2023م بـ”غارة سياسية” شجاعة شنتها الرياض بوصول “فريق سعودي” برئاسة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اليمنية محمد سعيد آل جابر (المشرف على البرنامج السعودي لإعمار اليمن) إلى العاصمة التاريخية صنعاء، ويتواصل مع أبرز “الصعديين” من جماعة أنصار الله (الحوثيين) بحضور الوفد السلطاني العماني.
هذه “الغارة السياسية” التي جرت بِعِلمِ قيادة الشرعية اليمنية، مستهدفةً طي أطول صفحات وأعنف صراعات “اليمننة”، ماذا سيعقبها؟
استمرار سياسة “جولة جولة”. وفق بيانات الخارجية السعودية من الرياض وتصريحات ناطق الجماعة بعد انقضاء “غارة / زيارة” السفير السعودي لصنعاء، حول “نتائج اللقاءات في صنعاء” التي شهدت “نقاشات متعمقة في موضوعات عدة” اتسمت بـ”جدية وإيجابية” وسط “أجواء تفاؤلية وإيجابية”؛ ولأن النقاشات المتعمقة “لم تستكمل” فإن اللقاءات “سوف تستكمل في أقرب وقت” بغية بلوغ “النقطة النهائية” المفترض التوافق عليها بما “يؤدي إلى التوصل لحل سياسي شامل ومستدام ومقبول من كل الأطراف اليمنية”.
فهل “كل الأطراف اليمنية” لا سيما من بصنعاء مهتمون بتلبية “المطالب الإنسانية” من جانبهم قبل غيرهم، وتبديد أي شك فيهم “بإثبات جدارتهم” و”إنسانيتهم” عملياً، على غرار تبادل الأسرى خارج الصفقات (…)؟
“الناس مولعةٌ بحب العاجلِ” خصوصًا من عانوا كثيراً، لكن الإسهام والتشجيع المتأني (كعُمان) يضمنان اختمار وإنضاج “طبخة” السلام، وإن بقيت “المقادير” والتفاصيل طي الظلام.
كيف؟ بمحاولة تفهم وفهم سياق الأحداث على طبيعتها بغير انسياق وراء تصريحات أي حاطب ليل، وتغريدات كل مغرد خارج سرب السلام المُنتظَر والاستقرار المرجو، والمترقِب علو أصوات معتدلة رصينة هادئة تشجع جلب وجذب الوجوه المقبولة المُقِبلة على صناعة وبناء السلام، وغير القابلة استمرار بلاءِ حربٍ أنهكت المنتفعين منها والمكابرين بها.
وتصحيحاً للنظرة إلى مساق الأمور، يُفضَّل إدراك أن التفاهمات تجري لصالح التوفيق بين الأطراف اليمنية.. وأن السعودية تتوسط في الحل، بعد ظهورها مع بعض الدول الشقيقة كطرفٍ متورط في الحرب استجابةً لطلب تدخل عسكري بموجب ميثاقين إقليمي ودولي، وليست كعدوٍ متوهَم في خيالٍ شعبوي نتيجة دعايةٍ قديمة ومستجدة.
وبالنظر حالياً إلى أن ثبات ووجود جماعةٍ بعينها على الأرض من بدهيات ومعطيات التفاهم و”الإغارة السلمية” عليها، فالتعاطي العقلاني مع أرض الواقع يُجنب التحليق بأوهامٍ سابحة في الفضاء الواسع. ويذكر بأن ليس ثمة اتفاق ثنائي مكتوب بين دولة كبرى وبين جماعة صغرى من دولة أخرى، وإن أُريد تحييدها وحد ضررها. (سيُحرَمُ “أسرى” وَهْم اتفاق سنة 1970م، ترف الترويج والأسر لوَهْمٍ جديد!).
ختاماً؛ إذ تزامنت “الغارة السياسية” مع تبادل الأسرى فإنها بتفريغ مشجب “القضايا العالقة” ستنجح بالتوافق على إطلاق السلام “الأسير” والأثير إلى نفس كل ذي عقلٍ سوي يرى ويريد الخير عبر #السلام_لليمن.
نقلا عن العربية