مقالات

بايدن وإيران وعلاقات شائكة

محمد آل الشيخ

كيف سيتعامل بايدن القادم الجديد للبيت الأبيض مع منطقتنا، وتحديدا مع إيران. سؤال يحتمل كثيراً من الإجابات، لا سيما وأن الرئيس الأسبق أوباما كان قد وقع الاتفاقية النووية مع إيران من منطلق أن حالة العداء مع الغرب، وبالذات الولايات المتحدة، كانت هي التي تغذي التطرف الايراني، كما أنها السبب في عدم انتقال إيران من الثورة إلى الدولة، وبالتالي فإن السلام معها سيمكن قوى الاعتدال أن تضغط لتحقيق هذا الانتقال الذي سيجعل إيران دولة طبيعية، تتعامل مع الجميع من منطلق المصالح، وليس الأيديولوجيا.

هذا السيناريو الذي راهن عليه الرئيس أوباما لم يحقق ما هو مأمول، والسبب أن إيران (دولة كهنوتية)، أولوياتها تختلف عن بقية الدول المعاصرة، فالأولوية المطلقة التي لا يمكن أن تحيد عنها، ولا تعلو عليها أي أولوية، هي تصدير الثورة إلى البلاد المجاورة، وبناء الإمبراطورية الفارسية على أساس شيعي يرتكز على (ولاية الفقيه). أما قضية المحافظين والمعتدلين في الداخل الإيراني فليست سوى مسرحية تمويهية وتكتيكية، لا شأن لها باستراتيجية تصدير الثورة التي يتفق عليها المحافظون والمعتدلون معاً.

السنوات الخمس التي مضت على الاتفاقية أثبتت للجميع بما فيهم الأمريكيون والأوربيون أن ما كانوا يراهنون عليه عندما أبرموا الاتفاقية كان رهانا خاسرا، فالتوسع وابتلاع دول الجوار بأي طريقة، والهيمنة على قراراتها بالقوة هي الهدف والغاية التي تتجه إليها ركاب الملالي، ولن يتخلوا عنها مهما كانت التضحيات.

الآن بايدن أمام طريقين لا ثالث لهما، إما العودة إلى اتفاقية أوباما كما هي، أو تعديلها، وإضافة بعض الشروط التي من شأنها أن تقوّم ما طرأ عليها من اعوجاجات، لاسيما وأن إيران (مستميتة) لرفع العقوبات، وتوقيع اتفاقية جديدة، فالأوضاع الداخلية تلقي بثقلها على الاقتصاد الإيراني والعملة الإيرانية تتفاقم أوضاعها سلبيا كل يوم جديد.

ADVERTISING

بايدن وضعه التفاوضي تجاه إيران في منتهى القوة، وليس لدي أدنى شك في أنه سيبقي عقوبات ترامب كورقة ضغط قوية حتى يحقق الحد الأقصى من الشروط الجديدة، التي يقول إنه سيضيفها إلى الاتفاقية، ولا يبدو أنه سيرفع العقوبات حتى يتأكد من أن إيران ستذعن لتلك التعديلات. خاصة وأنها في وضع حرج اقتصادياً، وبالتالي لا يمكن لها أن تناور وعامل الزمن ليس في صالحها.

أضف إلى ذلك أن اهتمام الولايات المتحدة ليس كما كان قبلاً، فالصين تستأثر وبقوة باهتمام صانع السياسة الأمريكي، وعليه فإن التعامل مع إيران سيُحدده تعامل الولايات المتحدة مع الصين، وكذلك مع روسيا، ومن هنا سوف تتحدد سياسات أمريكا ليس فقط مع إيران، وإنما مع جميع دول المنطقة. الإيرانيون لديهم اتفاقيات تعاون مشترك مع الصينيين، ما يجعل إيران محسوبة على المحور الصيني، وهذا عامل لا يمكن أن يتجاوزه المخطط السياسي الأمريكي، وهو ما سيدفع الأمريكيين إلى إحياء التحالفات التقليدية في المنطقة التي أضعفها أوباما في عهده.

وعلى أية حال فإن ترامب بمواقفه عالية السقف مع إيران هيأ لبايدن كثيرا من المكاسب التي سيستفيد منها مستقبلاً.

نقلا عن “الجزيرة”

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى