فساد البرلمان الأوروبي وضحايا الشعب الإيراني
سوسن الشاعر
لو أنّ نظاماً غير النظام الإيراني ارتكب نصف الجرائم التي ترتكبها إيران في حق شعبها لطالب البرلمان الأوروبي حكوماته بقطع العلاقة مع هذا النظام وعدم الاعتراف به وسحب سفرائه فوراً، إنما هي المصالح والفساد والرشاوى لا حقوق الإنسان تلك التي يدافعون عنها.
إذ تتزامن أخبار القبض على عدد من نواب البرلمان الأوروبي في تحقيق يأتي وسط دعوة نواب ومنظمات غير حكومية إلى مناقشة عاجلة لمسألة تحسين القواعد الأخلاقية في الهيئة الأوروبية الكبرى.
واعتبرت منظمة الشفافية الدولية أن ما حصل «ليس حدثاً معزولاً».
وأضافت: «منذ عقود عدة، سمح البرلمان بنمو ثقافة الإفلات من العقاب، وبغياب كامل للرقابة الأخلاقية المستقلة».
وكتب أستاذ القانون في كلية أوروبا في بروج البلجيكية ألبرتو أليمانو أن الرقابة في الهيئة الأوروبية «معطلة».
تجدر الإشارة إلى أنه تم إيقاف 5 أشخاص الجمعة في بروكسل إثر 16 عملية تفتيش على الأقل في إطار تحقيق بشأن شبهات بـ«دفع أموال طائلة» من جانب دولة خليجية للتأثير على القرارات الاقتصادية والسياسية للنواب الأوروبيين، في حين لم تُسمِّ النيابة البلد المعني، بينما نقلت «فرانس برس» عن مصدر قضائي مطلع تأكيده صحة تقارير صحافية أشارت إلى أن القضية على صلة بمساعٍ يُشتبه بأن قطر بذلتها لرشوة مسؤول اشتراكي إيطالي كان نائباً أوروبياً بين 2004 و2019.
هذا الفساد ليس معزولاً عن موقف البرلمان من العديد من قضايا حقوق الإنسان، فالكشف عنه يأتي متزامناً مع التفاعل المتواضع والمحدود لهذا البرلمان مع ضحايا الشعب الإيراني، هذا البرلمان الذي صدع رؤوسنا في تقارير وحملات مضادة للبحرين منذ عشر سنوات مازال يتجاهل تماماً الضحايا الإيرانيين.
إذ تقدم الدول الأوروبية الحد الأدنى من المطلوب منها لمساعدة الشعب الإيراني بإصدار بيانات الشجب والاستنكار وبعض العقوبات في حق مسؤولين إيرانيين، أما النظام فما زال بعيداً عن درجة التصدي المطلوب له، محمياً ومصوناً من الغرب المتواطئ معه.
في الوقت الذي بدأت أسرة خامنئي تتبرأ منه كشقيقته بدري خامنئي وابنتها، ويقف الرئيس الإيراني السابق خاتمي مع الشعب ومطالبه، وفي الوقت الذي فاق فيه عدد القتلى المئات وعدد المعتقلين عشرات الآلاف وأعدم النظام شباباً واعتقل أطفالاً ونساء على خلفية الاحتجاجات، يقف هذا الشعب معزولاً عن أي تأييد دولي يتناسب مع حجم تضحياته.
الأدهى أنه في هذا الوقت تكشف وسائل الإعلام الأوروبية عن اغتيالات قام بها النظام الإيراني لمعارضين إيرانيين في أوروبا وامتناع النظام عن السماح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية بالدخول لإيران وفي الوقت الذي ساهمت فيه إيران بقصف أوكرانيا عن طريق مسيراتها، كل ذلك مع وقوع هذا الكم من الضحايا المدنيين من الشعب الإيراني ومازال هذا النظام يتمتع بالشرعية الدولية.
إلى الآن لم تقطع أي من الدول الأوروبية -عدا ألبانيا- علاقتها بهذا النظام الذي مازال يتمتع بالحماية الشرعية الدولية ويُعترف به، بل لم تجرُؤْ أيٌّ من الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية على الإعلان عن فشل الاتفاق النووي مع النظام، فما زالوا يمنحون الفرصة تلو الأخرى له رغم إرهابه وجرائمه، فأيُّ مصالحَ هذه التي تجمع النظام الإيراني مع الدول الأوروبية لتعطيَهُ هذه المساحة الإرهابية دون عقاب؟
الوطن البحرينية