أهم الأخبارمقالات

الصدر والحريري أسباب واحدة للاعتكاف

 

طوني فرنسيس

يشبه انسحاب مقتدى الصدر من العمل النيابي والسياسي في العراق تعليق الرئيس سعد الحريري في لبنان عمله السياسي والنيابي وانسحابه من الانتخابات الأخيرة ترشيحاً وتصويتاً.

ووجه الشبه لا ينحصر في الموقف الذي اتخذه كل من الرجلين بترك الساحة للآخرين. فأوجه الشبه قائمة في الأصل والفروع والتفاصيل.

في العراق ولبنان، صراعات محلية واقليمية ودولية، لكن فيهما خصوصاً تغوّل ايراني ميليشيوي يسيطر بالقوة على مناحي الحياة السياسية، ويطوّع العمل بالاصول والقواعد التي تفرضها طبيعة التجربة البرلمانية التي يزعم لبنان والعراق الالتزام بموجباتها.

كان الحريري وتحالف 14 آذار خَبِرا هذه الحقيقة باكراً. لقد فاز ذلك التحالف بأغلبية برلمانية في انتخابات 2009 لكنه مُنع من تشكيل حكومة تحكم على ان تتحول الأقلية البرلمانية الى معارضة فاعلة كما في كل الانظمة الديمقراطية. وفرض حلفاء ايران في المقابل نهجهم وحكوماتهم واثلاثهم المعطلة وثلاثياتهم الشرطية، ولو اقتضى الأمر اقالة لرئيس الحكومة وهو على بعد 11 ألف كيلومتر من السراي، أو مَنعَ عودتِه باللجوء الى سلاح القمصان السود.

طالت تجربة الحريري، فاستسلم لمحاصريه وسار في مشاريعهم إلّا انه عجز عن إشباعهم، تكليفاً وتشكيلاً وتوزيراً، فغرق وأغرقوا معه البلاد في اشنع ازماتها، ليقرر في النهاية مغادرة المسرح كمن يقول لإيران وأنصارها تفضلوا واحكموا مباشرة وليس بواسطتي.

مقتدى الصدر فاز بأغلبية نيابية في تشرين الماضي، ومن حقه ان يسمي رئيساً للحكومة، وله رأيه في من يكون رئيساً للدولة ومن يحكمها. لكن “الاطار” الذي جمعته ايران سريعاً لقوى شيعية خاسرة في الانتخابات تنتمي الى السياسة الايرانية في العراق، نجح في نسف التطور السياسي الطبيعي المفترض في الدولة بسبب لجوئه للترهيب والتهديد وصولاً الى محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فوجد مقتدى الصدر نفسه بين احتمال الانخراط في حرب اهلية شيعية أو الانسحاب… فآثر الانسحاب.

الحريري السنّي والصدر الشيعي حسب الخريطة الجيولوجية للمذاهب، انكفآ للسبب عينه، ليس نتيجة اجتهادات فقهية ولا لنقص في الشعبية والامكانيات، وانما لأنهما تعبا من مد اليد الايرانية وتلاعبها بشؤون بلديهما. ولأنهما شخصيتان اساسيتان في بلديهما وداخل طائفتيهما، فإن موقفهما السياسي لا بد سيترك أثراً على العراق ولبنان بل كل المشرق العربي، حيث تحاول ايران نشر نفوذها لإستثماره في مشاريعها ومساوماتها.

لن يمر انسحاب الصدر وقبله الحريري من دون أثر. الصدر يخشونه وهو معتزل، والحريري مرجعية، تمنعها الوقائع اليومية اللبنانية، ومنها قرار المحكمة الدولية الأخير، من الاختفاء والاضمحلال.

نقلا عن ” نداء الوطن ”

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى