عن دعوة حل أزمة الغذاء اليمني
لطفي فؤاد نعمان
تزامن انشغال العالم بمؤتمر “الأمن الغذائي العالمي.. دعوة للعمل” في نيويورك 18 مايو 2022م مع انشغال اليمنيين وامتلاء وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات العربية بأنباء دعوة “تحرك عاجل لمواجهة أزمة القمح اليمني” صادرة عن مجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركاه أحد أعرق المؤسسات الاقتصادية اليمنية المنتشرة دولياً.
لا غرو أن تحتوي “المواتسات: رسائل الواتساب” مضمون تلك الدعوة. وعلى نحو واسع يتداولها “المتواتسون” والمفسبكون والمغردون -من 15 مايو حتى اليوم- مع تصريح العضو المنتدب للمجموعة بمنطقة اليمن نبيل هائل حول “استمرار المجموعة لبذل كل ما في وسعها لدعم الشعب اليمني” من خلال “آليات الاستجابة للأزمة الغذائية الطارئة”، مشدداً على أن “العمل المنفرد لا يضمن تجنب كارثة المجاعة”.
بدأت المجاعة تقرُص المقتدرين وغير المقتدرين. نعني المقتدرين ذهنياً على مبادرة ودعوة المساهمة في مجابهة هذا التحدي العالمي لحماية النطاق المحلي من آثاره.
ماذا فعلت هذه الدعوة الاقتصادية؟ لقد “أخبرتنا عما فعلته وتفعله السياسة” حسب تشارلز ويلان مؤلف كتاب “الاقتصاد عارياً”.
دعوة مجموعة هائل سعيد عابرة القارات والمسئوليات الوطنية والإقليمية والدولية من حيث التزامها بمسؤوليتها داخل اليمن ودعوة السلطات والأشقاء والأصدقاء إلى التزام متناغم بمسؤولياتهم، نبهت دعوتها إلى وجوب “التدخل العالمي العاجل، لكي يتمكن القطاع الخاص من تزويد الشعب اليمني بالموارد الغذائية التي يحتاجها”.
الدعوة التي تحث في ثناياها على #السلام_لليمن والعالم، أثبتت بديهية الارتباط والتأثر العالمي بكل الأحداث، فمثلما تتهدد حركة الملاحة الدولية بحرب اليمن و”اليمننة” في إحدى ممراتها نتيجة ما يطفو على سطح البحر الأحمر من تهديدات أمنية وبيئية. يتخوف العالم من حرب أوكرانيا وما تنطوي عليه من تهديد مباشر للأمن الغذائي ينذر بمجاعة حقيقية يواجهها غالبية سكان الكوكب. فما بالنا ببعض مواطنين يعانون ويلات حرب مباشرة قطعت رواتبهم وأفشت أمراضهم وجلبت مجاعتهم دون أن يعتمدوا لتغذيتهم سوى “استيراد غالبية طعامهم”.. وتلك مأساة أخرى لم يبتكروا لها بعد حلاً وتنفيذاً عملياً يحقق الأفكار البديهية التي يتخاطرها ويتخاطفها ويتداولها الجميع. ولن يعدم المبادرون للتنفيذ ابتكاراً.
إذ كان اليمن سباقاً بحرب أبنائه إلى التأثر والمعاناة من خطر المجاعة، فإن مؤثرين يمنيين يستبقون عملياً محاولات دفع هذا الخطر رغم ما يتكبدونه، نتيجة فوضى الحرب، من معاناة عنوانها تعددية سلطات الجباية وديمومة الغلاء العالمي، ويستبقون أيضاً انعقاد المؤتمرات الدولية حول الأمن الغذائي.
ولأن “التهم المعلبة” سلعة العاجزين، أسرعوا ينسجون سيناريوهات الصلة بين دعوة هذه المجموعة الاقتصادية اليمنية وبين تلك الوديعة المنتظرة من أشقاء اليمن (السعودية والإمارات)، وتخيلوا غرض استغلالها واستثمارها لأغراض خاصة (…) متماهين مع تقرير سابق للجنة الخبراء الأمميين (27 يناير 2021) تضمن ادعاءً باستفادة المجموعة من الوديعة السعودية السابقة، لكنه سقط -وسيتبعه سقوط هذا الخيال المحدود- بتنزيه المجموعة عن ذاك الزعم بإعلان فريق الخبراء الأممي نفسه أواخر مارس 2021م عن “مراجعتهم للتقرير السابق والتزامهم بتعديل ذاك التقرير وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الفريق” لا سيما “بعد ثبوت بطلان التهم المنسوبة إلى المجموعة” نتيجة استقائها من منابع لا تختلف دوافعهم عمن صوبوا سهامهم تجاه نشاط المجموعة (الأميركية) حسب تصنيف يساريي سبعينيات القرن الماضي، ثم (البريطانية) وفق تصنيف يمينيي عشرينيات القرن الحالي (…). وهكذا من قدم خدماته لجميع اليمنيين اتُهِمَ بغير حقيقته بسبب استمرار إنتاجه وثماره.. ولن تُرمى الحجارة إلا على الأشجار المثمرة.
لمن ينشغلون بقذف حجارة التشويش والتشكيك، تتوجه دعوة التوعية وعدم تصديق شائعات ومحاولات استهداف المعنيين بخدمة وطنهم ومجتمعهم ومن تحكم علاقتهما تبادل المنافع.. وتوفير الحاجيات المطلوبة لاستمرار حياة أطراف العلاقة كافة.
مع دعاء إلى الله أن يجعلهم جميعاً مِن “مَن يشاء”: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ” إلى معالجة أزمة الغذاء و #السلام_لليمن.
نقلا عن العربية