الحرس الثورى الإخوانى وفشل التأسيس
ماهر فرغلي
ورد فى مسلسل «الاختيار» توثيق محاولة تأسيس الحرس الثورى خلال عام حكم الإخوان الأسود عن طريق التنسيق مع قادة فيلق القدس الإيرانى، ويمكننا إدراك أن ما جرى حصل من خلال تأطير يبرر أعمال طهران ويمنحها حرية العمل فى مناطق ودول سُنية، تحت لافتة (حرّاس المهدى)، (جيش إمام الزمان)، (جيش الشيعة الأحرار)، أو (الجيش الإيرانى الحر)، ومن خلال الرؤية الإخوانية التى اتخذت طوال الوقت من النموذج الإيرانى قدوة فى العمل الحركى وحاولت اقتباس كل شىء منه بداية من طرق التمدد إلى إنشاء ألوية مسلحة.
دعمت طهران فى عام الإخوان الأسود تأطير إنشاء قوة مسلحة شبيهة بالحرس الثورى، كجيش بديل فى مصر، استناداً إلى الروايات الشيعية حول المهدى، وأن هناك قوى تؤخر ظهوره، مثل المملكة العربية السعودية، أو النظام الحاكم فى مصر، على اعتبار أنهم معادون للسياسات الإيرانية، ولن يستجيبوا لدعوة الإمام المهدى فى آخر الزمان بمكة، ويقفون ضد بوادر ظهوره فى كربلاء أو قُم.
لقد تصور الإخوان فى هذا التوقيت أن وصول الإخوان للسلطة فى مصر سيسهم فى توسيع نطاق حرّاس المهدى (رغم اختلاف المذهب) لتصبح خارطته ممتدة سواء عسكرياً، أو مالياً، من خلال شبكة معقدة من المال والأعمال تصل إلى أمريكا الجنوبية وأستراليا.
استند الإيرانيون إلى فلسفة وتنظيرات من بطون التراث الشيعى، بأن مصر هى مهد الإمام المهدى، وتستقبله عندما يظهر قريباً، بل إن الجيش المصرى سيكون هو جيش الإمام المهدى، الذى اقترب ظهوره، وعندما سيظهر فسيتوحد خلفه الجميع سواء سُنة أو شيعة وستختفى المذهبية تماماً لأنه سيكون إماماً للسُّنة والشيعة!
ومن التراث يستندون لحديث أن المهدى يجعل مصر منبراً، وفق رواية عباية الأسدى فى «الكافى» عن «على» قال: سمعت أمير المؤمنين -عليه السلام- وهو مشتكى (متكٍ) وأنا قائم عليه قال: لأبنين بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً. من هنا طورت إيران علاقتها مع جماعة الإخوان على الرغم من الخلافات حول عدة قضايا، مثل الموقف من الثورة السورية، من أجل أن تجند منفذاً إلى القاهرة. على هذا وصفت إيران الثورة فى مصر أنها «تعاطف إلهى» يجب أن «ينهى هيمنة الأعداء، وجاءت زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد للقاهرة لتفتح الباب على مصراعيه للحديث حول دور حكم جماعة الإخوان الزائل فى المساهمة فى الزحف إلى مصر وتحقيق الحلم.
وجاءت زيارة المسئول الإيرانى، الذى قيل إنه قاسم سليمانى، ووثقها مسلسل «الاختيار»، وبعده زار الفقيه الشيعى على الكورانى القاهرة، وأعطى محاضرة بحضور المئات، حول عصر الظهورات، أى ظهور المهدى.
وفى ظل فترة حكم الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى، تبلورت فكرة تأسيس حرس ثورى، وتم الاتفاق مع الإيرانيين على إغراق إعلامى، عن طريق إنشاء صحف، وكذا لوحات إعلانية تحمل صورة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، على خامنئى، فى شوارع القاهرة، ورحلات متواصلة مجانية لكتاب وصحفيين وإعلاميين وسياسيين إلى طهران من أجل استقطابهم، وهجمات ناعمة تستهدف البعد الاقتصادى، أو الثقافى، أو الفكرى، أو العسكرى، عن طريق ما يعرف باسم «التقريب بين المذاهب الإسلامية»، ودعم الجماعات الإرهابية فى سيناء.
فى المقابل، وضع الإخوان خطة لتدريب عناصر ليكونوا نواة لحرس ثورى، وإنشاء كتائب بشكل عنقودى، واستقطاب شباب من المراكز الشبابية، والسيطرة على ألتراس الأندية الشعبية.
وفى هذه الفترة حدث تنافس بين الجماعات الحليفة والشريكة للإخوان، فرأينا الجماعة الإسلامية تقوم بنفس المحاولة، وبشكل متعجل كان عناصرها يسيرون فى شوارع مدينة أسيوط المصرية تحت شعار الحرس الثورى.
وبيقظة أجهزة مصر الأمنية، وبجهد رجال كانوا يعملون بإخلاص من أجل الدولة المصرية فقط، فشلت تلك الخطط الرامية إلى إنشاء جيش موازٍ يحمى الجماعة فقط، ويقف فى مواجهة حالة الرفض الشعبى لكل هذه التنظيمات.
نقلاً عن “الوطن”