الأحواز دولة عربية مُحتلّة وليست إقليمًا ضمن إيران
كفاح التميمي
اليوم ٢٠ نيسان ٢٠٢٢، يصادف الذكرى ٩٧ لاحتلال الأحواز فسنعرض لحقيقتين مهمتين: ماهية كيان الأحواز، وتفاصيل سقوطها.
إنَّ مقومات الدولة ثلاثة: شعب، وإقليم، وسيادة. كلها توافرت للأحواز قبل احتلالها، فالشعب كان ولايزال موجودًا، وكذلك الإقليم موجود بأرضه ومياهه وسمائه. لكنّ السيادة فُقِدت لإيران بالقوة العسكرية الفارسية والبريطانية في ٢٠ نيسان ١٩٢٥. إذن الأحواز دولة تأسست بُعيد سقوط الدولة العباسية واستمرتْ خمسمائة سنة (المشعشعية ٣٠٠ سنة والكعبية ٢٠٠ سنة) حتى احتلالها في ١٩٢٥.
أمّا الدواعي البريطانية لإسقاط الأحواز فكانت الخوف من دعوة أمير الأحواز الشيخ خزعل الكعبي إلى الوحدة العربية التي تتعارض مع سياسة بريطانيا في تقسيم العرب إلى دول لمنع اِتحادهم ونهضتهم وللانتقام من مساعدة الأحوازيين للعراقيين في ثورة العشرين ضد الإنكليز. أمّا الدواعي الإيرانية فكانت ولاتزال التوسع الذي يُشاهد ويُسمع لليوم في بقية الدول العربية.
بدأ الشاه والانكليز بتحريض الشيخ جاسب ابن الشيخ خزعل عليه، مما دعى الشيخ خزعل إلى نفيه إلى لندن في ١٩١٩ ولم يعد منها. وكانت هناك خدعة التفرقة المذهبية التي تستعملها إيران لليوم مرارًا وتكرارًا للسيطرة على العرب (سياسة فرّق تسدّ)، حيث كفّر الشاه الشيخ خزعل بحجة أنّه دعى للوحدة العربية التي مآلها وضع الشيعة من الأحوازيين تحت حكم العرب السنّة، فلاقى هذا التحريض قبولاً ومظاهراتٍ ممن انخدع من العرب فاسّتغل الشاه هذه الفتنة التي كان قد زرعها واحتلّ بذريعتها مدينتي القُنيطرة (ديزفول) وتُستر في شمال الأحواز سنة ١٩٢٤. ومنع الانكليز الجيش الكعبي من تحرير المدينتين الأحوازيتين بل ضغط على ملك العراق فوجّه هذا الصحافة العراقية بعدم نشر أخبار الأحواز وأصدر مجلس الوزراء العراقي قرارًا في ١٩٢٤/١٠/١٨ جعل فيه العراق على الحياد. ثم تمّ اختطاف الشيخ خزعل إلى طهران في ٢٠ نيسان ١٩٢٥ بخدعة خبيثة جبانة وأصدر الشاه بيانًا جاء فيه أن الشيخ خزعل تنازل عن الحكم لابنه عبد الله ويحق لإيران أن تشرف على الحكم الداخلي للأحواز، بينما تقطع الأحواز علاقاتها الخارجية التجارية والسياسية مع الدول الأخرى. وبعد إذاعة هذا البيان احتلت القوات الإيرانية الأحواز إلاّ أنَّ الجيش الكعبي استطاع تحريرها بعد يومين. لكن المدمّرة البريطانية ترياد قصفت المحمّرة من شط العرب وأرسلت بريطانيا فرقة مدرعة وفرقة مشاة من البصرة مما أجبر الجيش الكعبي على الانسحاب جنوبًا إلى مدينة الفلاحية إلّا أنَّ سياسة فرّق تسد التي مارسها الشاه كانت قد قسّمت العرب إلى قسمين: مع الشيخ خزعل وضدّه. ولمّا وقفت بريطانيا مع القسم الذي كان ضد الشيخ خزعل، اِضطر الجيش الكعبي والقسم المؤيد للشيخ خزعل للانسحاب غرباً إلى العراق الشقيق، فبسط الفرس سيطرتهم على الأحواز وبذلك انتهى الحكم العربي فيها وندم الذين وقفوا ضدّ الشيخ خزعل والذين لم يساندوه أشدّ الندم على احتلال أغنى وأقدم قطر عربي في العصر الحديث.