الحوثيون.. والحصاد المر
عبد الله جمعة الحاج
يتمادى الحوثيون هذه الأيام في عدوانهم ضد دولة الإمارات ويرسلون باتجاهها الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
وفي نفس الوقت تشن أجهزة الإعلام المأجورة والأبواق الجوفاء التي تنطلق منها حملات إعلامية كاذبة ومضللة تصور ما يقوم به الحوثيون على أنه يخلق حالة من الرعب لا وجود لها في الواقع. وهذه أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان؛ فالإمارات ومن يعيشون على أراضيها من مواطنين ومقيمين ينعمون ويتمتعون بأقصى ما هو ممكن على وجه البسيطة من أمن وأمان ورغد عيش، مما لا يمكن للحوثيين ومَن يدعمهم من دول الإقليم تحقيق مثقال ذرة منه، لا في الحاضر ولا تلوح له بائنة على مدى القرون القادمة.
الحوثيون وأبواقهم الجوفاء يصفون الحال وكأن الرعب قد أخذ منا كل مأخذ، متوهمين أن صواريخهم ومفرقعاتهم العبثية يمكن أن تدفع أحداً لمغادرة أرضه أو حتى تغيير موقف سيارته، وهي مجرد ادعاءات وتوهمات وأضغاث أحلام تصدر عن أناس يعيشون خارج العصر والمنطق والتاريخ.. فنحن باقون في هذا الوطن ومتشبثون بهذه الأرض الطيبة ما حيينا، ولا تهز من رؤوسنا الشامخةِ شعرةً واحدة مسيَّراتُ الحوثي ولا صواريخه العشوائية الطائشة.
نحن لا ننفي بأن ما يمارسه الحوثيون من إرهاب هو تهديد لأمن وسلامة المنطقة وأمن شعوبها ككل، لكنه تهديد لا يخيفنا كما يتصور الحوثيون وأعوانهم.
ولا شك أن أزمة اليمن المستمرة هي مصدر عدم الاستقرار الذي تعاني منه المنطقة، وترتبط التهديدات والجرائم الحوثية بالعدوان على دولة الإمارات وتمثل فعلاً مشيناً يهدم التضامن العربي، وهو عمل يبلغ في تدنيه مستوى الخيانة لقضايا الجزيرة العربية والعالم العربي بما يتضمنه من اعتداءات غاشمة على دول جوار عربية، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، حيث توجد مجتمعات عربية أصيلة، مسلمة ومسالمة.. لكن ما يهم الحوثي هو أن يؤدي المهمة الموكلة إليه، أي محاولة إضعاف القدرة السياسية والعسكرية لهذه الدول في مواجهة الأعداء الإقليميين غير العرب، وأن يسعى لفتح ثغرات استراتيجية خطيرة في الجبهة الشرقية لأمن العالم العربي والخليج العربي.
إن هذه التداعيات الخطيرة، هي التي تدعونا إلى المطالبة بإيجاد وسائل تصدي نوعية لاجتثاث الحوثيين من جذورهم وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم، في الوقت الذي تكتفي فيه الجيوش النظامية للدولتين بالحرب التقليدية ضدهم، ملتزمةً في كافة عملياتها بالقوانين والأعراف الدولية في إدارة الحروب.
إن استمرار بقاء الحوثيين في السيطرة على أجزاء من اليمن يؤدي في كل لحظة إلى فرض مخاطر أمنية إقليمية أهمها:
خلق حالات من عدم الاستقرار الأمني والاستراتيجي والتوتر والقلق لدول مجلس التعاون الخليجي تنعكس آثارها على القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية لكامل مساحة العالم العربي، فدول المجلس هي القلب النابض للعالم العربي في هذه المرحلة.
ثانياً، تشكيل مصادر تهديد مباشرة على دول الخليج العربي، خاصة دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.
ثالثاً، تعريض الشعب اليمني لمآسي لا حصر لها جراء ويلات الحروب، كالتشرذم الوطني نتيجة للضغوط والاعتداءات التي يمارسها الحوثيون، وتعاظم الانقسامات الطائفية والمذهبية بسببهم، الأمر الذي يقضي على وحدة اليمن السياسية وتماسكه الاجتماعي ويعرقل كثيراً قدرته على استرداده لصحته.
إن الحوثيين يفوتهم كثيراً أن قيادة دولة الإمارات وشعبها يسيرون ضمن فكر ومنهج اختطوه لأنفسهم منذ تأسيس هذه الدولة الاتحادية، وهي تتحرك وفق هديه على الصعيدين الداخلي والخارجي، كما أنه يؤطر الأدوار التي تقوم بها الدولة، وهي أدوار قائمة على مبادئ أساسية ثابتة مستمدة من إيمان عميق بأهمية التنمية الشاملة المستدامة على الصعيد الداخلي، وبالحاجة إلى صيانة وحماية شرعية الدول القائمة في عالم اليوم، ووجود عدالة في التعاون فيما بينها، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب بما في ذلك الإرهاب الحوثي الذي يسعى التحالف العربي إلى قطع دابره واجتثاثه من جذوره، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الإمارات تنضم إلى التحالف العربي في اليمن.
وعليه فإن دولة الإمارات ماضية في فكرها ومنهجها القويم، ولا تؤثر فيها محاولات الحوثيين العبثية والفاشلة لثنيها عن أدوارها التنموية التنويرية. ويا جبل ما تهزك ريح، ولن يجني الحوثيون سوى الحصاد المر من إرهابهم.
نقلا عن “الاتحاد”