مقالات

«الأمن القومي العربي»

 
كرم جبر
 
كانت إسرائيل هى العدو الأول للأمن القومى العربي، والآن أصبح الأعداء كثيرين من داخل البلدان نفسها ومن خارجها، وتاه المفهوم بشدة بعد مجيء ما يسمى الربيع العربى.
 
إسرائيل الآن تهدد الأمن القومى العربى لسوريا وفلسطين بالذات، ولكنها تجرى مناورات عسكرية مع بعض الدول العربية التى كانت تعاديها فى الماضي، وترفض حل القضية الفلسطينية التى كانت توحد العرب تحت رايتها.
 
الدراسة الأخيرة حول القضية قامت بها جامعة الدول العربية عام 1990، واعتبرت التهديدات الإسرائيلية هى الخطر الحقيقي، ولكن منذ ذلك الحين حدث تغيرات حادة بعد غزو العراق للكويت فى نفس العام.
 
كانت مغامرة صدام حسين باحتلال الكويت ضربة سيف قصمت الأمن القومى العربي، ولم يعد الرئيس العراقى حارساً للبوابة الشرقية ضد الخطر الإيراني، لكنه أصبح العدو الأول للدول الخليجية، ولم ينزاح بعض الخطر إلا بعد تحرير الكويت.
 
كل الجراح التاريخية تندمل بمرور الوقت إلا غزو العراق للكويت الذى تتسع آثاره، ولا تزال شديدة التأثير والمفعول، ولم يعد الشرق شرقاً، واتسعت هوة الخلافات العربية بين مؤيد ومعارض لما حدث.
 
شملت التهديدات: الإرهاب وجرائمه، والنووى الإيرانى والأطماع التركية والحروب الأهلية، والتدخلات الأجنبية المباشرة بصورة لم تحدث إلا فى عصور الاحتلال الأجنبي، بجانب تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية، والنزاع على المياه وغيرها.
 
إزاء اتساع رقعة التهديدات المباشرة أصبحت المخاطر التى تهدد الأمن القومى العربى تختلف من دولة إلى أخرى، وتباينت المعايير وتعددت الرؤى.
 
وأصبح تنامى الجماعات الإرهابية أكثر خطورة من إسرائيل نفسها، خصوصاً الحروب الدينية التى اندلعت فى عدد من الدول العربية، وإفساح المجال للجماعات الدينية لاقتناص منابر سياسية والوثوب إلى مقاعد السلطة.
 
وفى ظل الإرهاب تراجعت التهديدات الخارجية للأمن القومى العربى فى عديد من البلدان العربية، الإخوان وحزب الله والحوثيين والجهاد والقاعدة والحشد الشعبي، وغيرها من التنظيمات الدينية التى ألحقت بدولها وشعوبها خسائر فادحة أكثر من الغزو الخارجي.
 
ووقعت المنطقة فى أتون الحروب والأطماع الإقليمية والدولية، ولكن « منظومة التدمير» تديرها الشياطين، التى تبحث فى كل دولة عن عوامل قوتها، فتضربها فى مقتل.
 
أما الدول التى أفلتت من المقصلة فهى التى تمسكت بدولتها الوطنية، المتمثلة فى جيوشها ومؤسساتها القوية، استطاعت أن تحافظ على الأمن والاستقرار.
 
مصر – كنموذج – اتخذت بعض الإجراءات لحماية مصالحها الداخلية والخارجية من أى تهديد، وأهمها تطوير وتحديث جيشها الوطني، ليكون قادراً على مواجهة التحديات بشكل كبير، وتمشيط سيناء للقضاء على الإرهاب، وكسر شوكة الجماعات الإرهابية والحفاظ على توازن القوى.
 
انفتحت بوابة جهنم على الأمن القومى العربى من جميع الاتجاهات، بأيادٍ عربية وبتدخلات أجنبية، وباندلاع الفتن الدينية والأطماع الشخصية.
 
وإذا أرادت أى دولة أن تحدد مفهوم الأمن القومى فعليها أن تدرس حالة جيرانها والمحيطين بها.
 
نقلاً عن “أخبار اليوم”
 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى