مقالات

والإرهاب باسم الشيعة!

سعد بن طفلة العجمي
 
تصادر الشيعة السياسية حق الطائفة الشيعية في العيش بسلام في أوطانهم التي ينتمون إليها، وتجرهم جرّاً نحو حروب لا جمل لهم فيها ولا ناقة، فمن العراق لسوريا للبنان واليمن، ومن الحشد الشعبي الإرهابي الولائي إلى كتائب “زينبيون” و”فاطميون” في سوريا و”حزب الله” في لبنان و”أنصار الله” في اليمن، تجني هذه التنظيمات على طائفتها الشيعية، وتعمل على اقتلاع ولائهم الراسخ اقتلاعاً لتزج بهم في مهاوي الانهيار والدول الفاشلة، وكل ذلك من أجل التبعية المطلقة والطاعة العمياء للولي الفقيه، تماماً كما تجند التنظيمات السنية السياسية الإرهابية صغار السن من الشباب وتغرر بهم وتلقي بهم في مهاوي الردى والإرهاب، وتأتمر بأوامر أمرائها أو خلفائها الذين عينوا أنفسهم بأنفسهم.
 
تسعى التنظيمات الشيعية الإرهابية المذكورة أعلاه إلى مصادرة الطائفة الشيعية برمتها قسراً، بالتخويف والترهيب والترغيب. أذكر أن طالبين كويتيين دخلا مكتبي قبل سنوات بعد محاضرة ألقيتها بالجامعة حول “المدنية والوحدة الوطنية”، جلسا والدموع تصارع محاجر عيونهما، وحكيا لي كيف يتعرضان وأصدقاؤهما للإرهاب من جماعة “حزب الله” الكويتي إن هم انتقدوه أو انتقدوا إيران، وكيف يتعرضون للتنمر والتهديد والوعيد، وإن لم يجد ذلك نفعاً توجهوا إلى عوائلهم لتضغط عليهم كي يتوقفوا عن التمرد على طائفتهم الشيعية – هكذا! فهم يعتبرون التمرد على “حزب الله” والتصدي له هو تمرد على المذهب برمته. بل وصل القمع الولائي ضد الشيعة إلى المراجع أنفسهم وكبار رجالات الحوزات، كما ذكر الباحث خليل علي حيدر بمقابلة قبل أيام على تلفزيون “أم بي سي”.
 
وهم بذلك القمع داخل الطائفة الشيعية لا يختلفون كثيراً عن الإرهاب الفكري الذي تمارسه السنة السياسية بتنظيماتها الإرهابية التي تعتبر مجرد طلب التشديد على أموالهم وجمعياتهم “الخيرية”، ليس بتضييق على المذهب السني وحسب، بل على الإسلام برمته، فمن ينتقدهم، ينتقد الإسلام، ومن يريد أن ينظم ويقنن ويراقب نشاطهم، إنما يضيّق على الدين ويحارب الإسلام وهكذا. ولقد انتشر تسجيل مصور قبل أيام لأحد رموز “حزب الله” الكويتي يرفض فيه التحقيق مع خلية متهمة بجمع أموال الخمس لصالح “حزب الله” اللبناني، ويدّعي أن مراقبة الخمس هي هجوم على المذهب الشيعي برمته، بينما التهمة موجهة لأشخاص محددين بالتخابر مع حزب محظور وجمع الأموال له وغسلها وليس للشيعة أبداً.
 
الحقيقة التي لا تقبل الجدل اليوم هي أن الإرهاب الشيعي – الولائي – السياسي هو سيد مسرح الإرهاب الدموي الطائفي بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، ففي العراق قتلوا المئات وجرحوا وأخفوا آلاف الشباب العراقيين التشرينيين الذين صرخوا “نريد وطناً”، و”إيران برا برا”، وغالبية هؤلاء الضحايا الشباب شيعة من الديوانية وكربلاء والنجف والناصرية. وتقوم فصائل الحشد الشعبي الإرهابية بتطهير طائفي للسنة في ديالى، وفي محافظات عدة في سوريا، وفي لبنان لا صوت يعلو على صوت “السيد”، ومن قال رأياً مخالفاً فمصيره الثبور وعظائم الأمور. أما بالنسبة إلى الإرهاب الحوثي فاسألوا عنه عضو المكتب السياسي السابق لحركة “أنصار الله” علي البخيتي، الذي فصل بلقاء تلفزيوني قبل أيام إرهاب الناس ونهب ممتلكاتهم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي.
 
تراجعت “داعش”، وسقطت دولتها التي أعلنتها عام 2014، وذلك بفضل تحالف دولي عالمي لعبت فيه دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية الدور الريادي، لكن من يوقف الإرهاب الولائي باسم الشيعة بكل تنظيماته اليوم من العراق شرقاً حتى لبنان غرباً وحتى اليمن جنوباً؟
 
إن التصدي للإرهاب الذي يمارس باسم الشيعة يتطلب أولاً التصدي له من داخل الشيعة أنفسهم، فالغالبية العظمى من شيعة العرب ليسوا تبعاً لإيران، وما نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة إلا أوضح دليل على هذه الحقيقة، ويرى المراقب بوادر للتحرر من هذا الإرهاب الفكري والدموي داخل الشيعة أنفسهم من مفكرين وكتاب وأكاديميين ورجال دين لا يؤمنون بنظرية ولاية الفقيه التي تفترض الخضوع التام للمرشد بطهران.
 
وكما يتطلب التصدي للإرهاب باسم الشيعة محاربة ونبذ كل أشكال التمييز بين مواطني دولنا التي ما زالت خارج الهيمنة الإيرانية قطعاً للطريق على الاختراق الإيراني باسم مناصرة الشيعة، ولتقديم نموذج تعايش إنساني للشيعة والسنة معاً مقابل النموذج الرث الذي قدمته أحزاب التشيع السياسي لطائفتها قبل غيرها من الطوائف في الدول التي تسيطر عليها.
 
ليس هذا وقتاً للمجاملة، وليس في الوقت متسع للسكوت والانتظار، فكل مخلص من أبناء منطقتنا مطالب بالتصدي للإرهاب الطائفي من كلتا الطائفتين، بالكلمة وبالحرف وبكل الطرق السلمية. الطائفيون ليسوا ملائكة وشياطين، ليس هناك فريق مظلوم وفريق ظالم، كلا الفريقين يلعب على وتر المظلومية، ولكنهما معاً مسؤولان عن الاقتتال والاحتقان الطائفي، من يتصدى لهم يتهمه طائفيو طائفته بالزندقة والكفر، ومن يتصدّى للطائفيين من غير طائفته ينعتونه بالطائفية: رمتني بدائها وانسلّت.
 
* نقلا عن ” أندبندنت عربية”
 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى