أهم الأخبارمقالات

“وحدة الساحات” في “اللادول”… الرهانات والشعارات والواقع

 

رفيق خوري

رهان حركة “حماس” على “وحدة الساحات” في “محور المقاومة” كان أكبر مما حدث في الواقع. لا فقط عبر الضغط المحسوب على إسرائيل بقوة “حزب الله” في جبهة الجنوب اللبناني والعمليات المحدودة للفصائل العراقية ضد المراكز الأميركية في العراق وسوريا ودخول الحوثيين في اليمن على الخط، بل أيضاً من خلال الامتناع الإيراني عن التورط المباشر.

ورهان طهران على “حماس” و”الجهاد الإسلامي” ليس سوى فصل في كتاب رهاناتها الإقليمية وأهدافها الواسعة في المنطقة. إيران خططت لمشروعها الإقليمي وعملت على تنفيذه بتأسيس فصائل تدربها وتسلحها وتمولها تحت عنوان المقاومة في لبنان وسوريا والعراق، ودعم فصائل مسلحة في غزة واليمن، وهو مشروع يحتاج أولاً إلى الإمساك بقضية فلسطين و”إزالة إسرائيل” لأن ذلك هو المدخل الوحيد للقوة الفارسية الشيعية إلى العالم العربي السني. وهي دعمت “إسناد” غزة عبر الجبهات، لكن توسيع حرب غزة لتصبح إقليمية شاملة ليس ملائماً لمشروع إيران، لأن تدخلها المباشر سيؤدي إلى تدخل أميركي مباشر في حرب لن تسلم فيها جمهورية الملالي.

والأسئلة ليست قليلة. بعضها عن مجريات الحرب في غزة ومدى تخفيف الضغط عنها عبر “وحدة الساحات”. وبعضها الآخر عن توظيف ما يحدث في الميدان، بعد أن عادت قضية فلسطين إلى صدارة الاهتمامات العربية والدولية. هل يستعيد العرب ورقة القضية الفلسطينية من يد إيران؟ هل تتشدد الجمهورية الإسلامية في الإمساك بالورقة؟ هل يحدث نوع من التنسيق العربي – الإيراني في موازاة تحرك دولي لإعادة تحريك الحل السياسي لقضية فلسطين بما يسهم في قيام دولة فلسطينية تضع حداً لكون القضية ورقة في أيدي القوى الأخرى؟

الأجوبة صعبة حالياً، وربما في مستقبل قريب. فالخطاب الإيراني لا يزال عالي السقف. الرئيس إبراهيم رئيسي تحفظ بعد العودة لطهران على نقاط وردت في البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية في الرياض، ولا سيما حول المبادرة العربية وحل الدولتين واعتبار منظمة التحرير الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وقائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي هدد “أميركا وإسرائيل بكابوس لا يمكن إزالته”، وقال مفاخراً، “إيران وصلت اليوم إلى قوة ردع في المجال العسكري لا يمكن لأية قوة مواجهتها، وغزة أصبحت مقبرة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني”.

لكن هذه القوة ليست للاستخدام المباشر. فالمواجهة عبر الوكلاء والبارز أن “وحدة الساحات” هي عملياً بين ميليشيات في “لا دول”، أو تعمل خارج الشرعية في دول. غزة ليست دولة، بل كيان منفصل عن السلطة الفلسطينية التي تبحث عن دولة، وإن أعلنت “دولة فلسطين” رسمياً. و”حزب الله” يمسك بالسلطة في لبنان، لكنه يعمل من خارجه. الفصائل المسلحة في العراق التابعة للحرس الثوري الإيراني تمول من الدولة وتعمل من خارجها وضد إرادتها. و”أنصار الله” الحوثيون انقلبوا على الدولة اليمنية بعد الثورة، ولم يقيموا دولة. إيران هي الدولة الوحيدة التي تقود “محور المقاومة” وتنظم العمل في “وحدة الساحات”، لكنها لا تنخرط في القتال مباشرة.
مرحلة الشعارات الفخمة التي سادت العالم العربي في الماضي قادت إلى كوارث في عدد من الدول العربية وتهجمات على الدول التي اختارت الواقعية والتنمية. ولا أحد يجهل إلى أين ستقود فلسطين والبلدان حولها الشعارات الإيرانية الفخمة في المرحلة الحالية.

نقلاً عن “إندبندنت عربية”

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى