أهم الأخبارمقالات

واشنطن على خطّ الانتخابات… وتبقى إيران

روزانا بومنصف

انضمت الولايات المتحدة الى كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا اللتين كانتا اصدرتا بيانا مشتركا في ما يتعلق بالوضع في لبنان في 5 كانون الاول 2021 بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المملكة السعودية، اذ شدد الطرفان انذاك على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. اتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير، وأكدا ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال ارهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات.

كما شددا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين في كل تلك القضايا، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية-فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني.

 

وأكدا كذلك أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680) والقرارات الدولية ذات الصلة. اضيف راهنا الى البيان الثلاثي المستجد المتعلق باجراء انتخابات رئاسية مع مواصفات الرئيس العتيد حيث الحاجة ملحة إلى ضرورة انتخاب رئيس يشكل نقيضا من حيث مواصفاته للرئيس الحالي بحيث “يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية” .

وهما امران افتقدهما ميشال عون اذ ادار البلد على نحو معاكس فيما انه وفي مواقفه الاخيرة بدا متنصلا كليا من المسؤولية عما حصل في عهده راميا هذه المسؤولية على الاخرين . ولم تكن واشنطن بعيدة من حيث المبدأ عن هذه المقاربة للوضع اللبناني ولكن مشاركتها البيان يظهر انها معنية كذلك وتظهر اهتماما كما هي حال المملكة وفرنسا وهي شريكة معهما في هذه المقاربة .

وفيما برزت اخيرا حركة ديبلوماسية في لبنان تجاه المسؤولين اللبنانيين ورؤساء الأحزاب التقليديين من جانب السفير السعودي وليد بخاري، والسفيرة الفرنسية آن غريو، وهما يحملان الملف الرئاسي في طليعة اهتماماتهما، مؤكدين ضرورة اجراء الاستحقاق في موعده، وأن يكون الرئيس الجديد قادرا على جمع اللبنانيين والحفاظ على علاقات لبنان مع الخارج، فان الرسالة واحدة سواء شاركت السفيرة الاميركية دوروثي شيا في هذه الحركة الديبلوماسية ام لا باعتبار ان التنسيق الفرنسي السعودي هو من يتولى بلورة الموقف من لبنان ولكن الرسالة الثلاثية قوية بما يكفي مع دخول واشنطن على الخط نفسه لتشكل نقطة انطلاق لما تراه هذه الدول المرحلة المقبلة في هذا البلد .

اذ انه وعلى اهمية موقع فرنسا والسعودية فان اهمية كبيرة ومحورية لدور واشنطن لا سيما في ظل وساطتها المهمة جدا والتي قد تؤدي وفق ما هو مرجح الى مكسب متعدد الاتجاهات في موضوع ترسيم الحدود مع اسرائيل.اذ يعتقد البعض ان هذا النجاح يمكن ان توظفه واشنطن في اتجاه الضغط الايجابي لتأمين حصول انتخابات رئاسية ما دام ” حزب الله معنيا بان يقطف هو ايضا من هذا الانتصار الذي يأتي به الاميركيون .وهذا ما يتوقعه سياسيون كثر منها على رغم انطباعهم المسبق عن وجود اهتمام اميركي محدد الاهداف في لبنان .

بضعة امور اساسية : اولها ان مقاربة المجتمع الدولي للواقع السياسي في لبنان ولو انه لا يتوقع ان يكون هناك اجماع من مجموعة الدعم الدولية تفصيلا لهذه البنود لا سيما في ظل التوتر المتزايد مع روسيا على خلفية مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاخيرة ، علما ان البيانات الاخيرة للمجموعة تلتقي حول غالبية هذه العناوين ربما من دون الاصرار على تنفيذ القرار 1559 .

ثانيها ان لا تغيير في المقاربة الخارجية اقله من الدول المؤثرة والتي لا تزال تهتم باستقرار الوضع اللبناني شأنها في ذلك شأن ربط الاصلاحات بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي .

ثالثا : اذا كان ما تضمنه البيان هو السقف المرتفع للتفاوض او للمساومة لا سيما ان البيان السعودي الفرنسي في نهاية العام المنصرم لم يمنع لا بل شكل جسرا لاعادة المملكة علاقاتها الديبلوماسية مع لبنان بعد مدة توتر وانقطاع .

رابعا هو مدى استعداد ايران للاخذ والرد في هذا الموضوع على خلفية انه لا يمكن انكار انها احد الاضلاع التي لا يمكن تجاهلها مع النفوذ الذي يوفره لها ” حزب الله ” في لبنان . ولا تتسم النظرة الى الموقف الايراني بالسلبية ضرورة في ظل ما يلفت معنيين من تعاط ” مرن ” يبديه “حزب الله” في موضوع ترسيم الحدود مع اسرائيل كما في موضوع تأليف حكومة تتولى فترة الشغور الرئاسي وتمنح عون الحليف الاساسي له مكسبا بانه لم يسلم حكومة تصريف الاعمال وحقق شرطه قبل خروجه من السلطة الى جانب موضوع الترسيم .

فهناك من ينظر الى الاداء الايراني اللافت في المنطقة مع الدول الخليجية في شكل خاص من باب التواصل معها من دون حرج ازاء انفتاح هذه الدول على اسرائيل وتطوير العلاقات معها فيما ان بعض هذه الدول تنفتح ايضا على طهران وبعضها ايضا على نظام بشار الاسد ولو من ضمن حدود .

وهو ما يعني ان ايران تتابع تحقيق مصالحها فيما تتوسط الولايات المتحدة من اجل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل ، وكان لافتا التخفيف المتدرج للامين العام للحزب من التهديدات التي اطلقها في وقت سابق فيما التهليل للترسيم في اوجه ، وفيما ان ايران تبقي على شعرة معاوية قائمة في موضوع المفاوضات النووية وتصر على البقاء فيها .

النهار اللبنانية

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى