أهم الأخبارمقالات

هل وصل الاتفاق النووى الإيرانى إلى محطته النهائية

 

لواء سمير فرج

يعرف الاتفاق النووى الإيرانى بأنه اتفاقية دولية تم التوصل إليها فى يوليو 2015، بين إيران ومجموعة 5+1 وهم الأعضاء الخمسة الدائمون فى مجلس الأمن (الصين، وفرنسا، وروسيا، وبريطانيا، وأمريكا)، بالإضافة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبى، ونص هذا الاتفاق على تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية من إيران. وبعد وصول الرئيس «ترامب» إلى الحكم، أعلن انسحاب أمريكا من هذا الاتفاق، يوم 8 مايو 2018. وأضاف أنه سيفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران. ولقد عارضت معظم الدول القرار الأمريكى بالانسحاب من الاتفاق إلا إسرائيل، حيث صرح يومها رئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» بأنه يؤيد الانسحاب الأمريكى بشكل كامل. كذلك أيدت السعودية خطوات الرئيس «ترامب» من الخروج من الاتفاق 5+1، وكذلك الإمارات. ولقد قدمت إيران فى يوليو 2018 شكوى أمام محكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة احتجاجًا على فرض العقوبات الاقتصادية. وفى أكتوبر 2018، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها، وأمرت الولايات المتحدة برفع العقوبات التى تستهدف السلع ذات الغايات الإنسانية المفروضة على إيران. وبعد عام من انسحاب الولايات المتحدة، قررت إيران بعض التدابير، منها إيقاف مبيعات اليورانيوم المخصب الزائد، والماء الثقيل، وأعلن حسن روحانى أن إيران سوف تستأنف تخصيب اليورانيوم، خاصةً بعد أن تخلت جميع الشركات الأوروبية الكبرى عن التعامل مع إيران خوفا من العقوبات الأمريكية.

وبوصول الرئيس الأمريكى «جو بايدن» إلى الحكم فى الولايات المتحدة قررت الولايات المتحدة العودة لتنفيذ الاتفاق النووى 5+1 السابق. ولقد تدخل الاتحاد الأوروبى ليكون وسيطا بين إيران والولايات المتحدة من أجل تنفيذ الاتفاق. وكان لدى إيران فى البداية للعودة للاتفاق بعض النقاط الأساسية لكى توافق على العودة للاتفاق 5+1، منها ضرورة رفع الحرس الثورى الإيرانى من قوائم الإرهاب. والنقطة الثانية التى أثارتها إيران كيفية ضمان ألا تأتى إدارة أمريكية أخرى بعد «جو بايدن» ولا تلغى الاتفاقات مرة أخرى، خاصةً أن الدستور الأمريكى لا يعطى الحق للرئيس الحالى أن يضمن لإيران هذا القرار. كما أن «جو بايدن» أعلن صراحةً أنه لا ينوى رفع الحرس الثورى من قائمة الإرهاب.

كذلك أثارت الولايات المتحدة نقاط ثلاث، أولاها أن يتضمن الاتفاق الجديد أن يتم تقليص برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية التى وصل مداها الآن حتى حدود اليونان فى أوروبا، وأن أى تطوير قادم لهذه الصواريخ يعنى تهديد كل دول أوروبا. كذلك طلبت الولايات المتحدة من إيران أن توقف دعمها للمنظمات الإرهابية فى الشرق الأوسط، خاصةً حزب الله فى لبنان وسوريا، والحشد فى العراق، والحوثيين فى اليمن، وهى أمور رفضتها إيران فى البداية، وذكرت أنها خارج الاتفاق 5+1 وأنها تخص الأمن القومى الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط. ولقد تدخل الاتحاد الأوروبى بين الطرفين الإيرانى والأمريكى للوصول إلى الاتفاق الجديد. وتولى تلك المسألة «جوزيف بوريل» الذى نسق المحادثات لإعادة إيران والولايات المتحدة للاتفاق، حيث قدم مقترحاً لإيران، وجاء الرد الإيرانى على النص النهائى للاتحاد الأوروبى لإنقاذ الاتفاق النووى. وفيه أن إيران رفضت مطلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقيق بشأن العثور على آثار اليورانيوم فى أماكن لم تبلغ إيران عن أى أنشطة نووية فيها.

ولقد كان رد المستشار الإعلامى للوفد الإيرانى فى مفاوضات فيينا «محمد مرندى» أن رد طهران على المسودة الأوروبية لإحياء الاتفاق سيحمل بعض الهواجس، مؤكدا أن أطراف الاتفاق أقرب الآن من أى وقت مضى. بينما أكد «جوزيف بوريل» أن سياسة العقوبات الأمريكية لاتزال خيارًا أمريكيا على الطاولة إذا رفضت طهران المقترح الأوروبى.

من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية الإيرانى «حسين أمير عبداللهيان» أنه يجب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر مرونة لإحياء الاتفاق، وأضاف أن الضمانات الأمريكية لعدم قيام أى إدارة أمريكية جديدة بإلغاء الاتفاق هى شرط رئيسى للعودة للاتفاق عموماً. يظهر من ذلك كله أن النقاط الثلاث المختلف عليها حاليا هى آثار اليورانيوم التى عثرت عليها الوكالة الدولية للطاقة، والضمانات الملزمة للطرفين، والموقف من الحرس الثورى الإيرانى الذى تضعه الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب. ويعلق الكثير من المحللين أن المحافظين الحاكمين حاليا فى إيران بعد أن كانوا يرفضون الاتفاق النووى منذ مدة طويلة، أصبحوا منفتحين عليه الآن لأنهم يعلمون أن السبيل الوحيد لتنفيذ برامجهم الإصلاحية فى البلاد هو رفع العقوبات الاقتصادية على إيران، وأهمها صرف الأموال الإيرانية المجمدة فى الخارج، والسماح ببيع النفط الإيرانى فى الأسواق العالمية. خاصةً الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها إيران حاليا مثل ارتفاع الأسعار والبطالة والتضخم كلها تضع إيران فى مشاكل داخل المجتمع الإيرانى، وأصبح الأمل فى الوصول للاتفاق هو التغلب على هذه المشاكل الاقتصادية الداخلية. وفى تعليق «برايس» الناطق باسم الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمره الصحفى، أن الولايات المتحدة مستعدة للموافقة على الخطة التى قدمها الاتحاد الأوروبى بعد موافقة إيران عليها، وأن تتخلى إيران عن مطالبها غير المقبولة. وعموما فإن هناك آراء مهمة تقول إن أحد أسباب موافقة إيران على العودة للاتفاق 5+1 هو الضغط الإسرائيلى الذى لن يقبل حصول إيران على السلاح النووى. وفى حالة تعطل وفشل المفاوضات قد تتدخل إسرائيل عسكريا ضد المفاعلات النووية فى إيران، حيث إن ذلك كان المطلب الإسرائيلى فى الفترة السابقة منذ أيام «أوباما» الذى رفض هذه الفكرة، لكن هذه الأيام فإن الظروف أصبحت مختلفة، وأصبح ذلك الأمر من متطلبات الأمن القومى الإسرائيلى، وهو الأمر الذى تخاف منه إيران بالطبع. كذلك هناك من يرى أنه كيف يتم تنفيذ مثل هذا الاتفاق دون تواجد دول منطقة الخليج العربى الملاصقة لإيران، والتى بلا شك يجب أن يكون لها رأى مهم فى بنود هذا الاتفاق ومطالبها لتحقيق الأمن القومى لدول منطقة الخليج العربى، حتى إن هناك من يقول إن الولايات المتحدة تستشير دول مجلس التعاون الخليجى فى هذا الاتفاق، إلا أن البعض لا يعتبره كافيا.

على أية حال، فإن الجهود حاليا تبذل للوصول إلى حل سريع لتنفيذ الاتفاق، خاصة أن معظم الدلائل تقول إن إيران على وشك إنتاج القنبلة النووية فى ظرف مدة بسيطة، وهو بالطبع سيزيد المشكلة تعقيدا.

نقلا عن “المصري اليوم”

 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى