نضال المرأة الإيرانية مثار اهتمام عالمي
محمد الموسوي
يشير نضال المرأة في أي بقعة من العالم إلى نضج رؤية وفكر المرأة وهو ما يمثل نقطة إنطلاقة لمجتمعات تقدمية مترقية وذلك أمل كل مناضل حر أبي.
من نماذج النضال الحية الجديرة بالتقدير والاهتمام والإسناد هو نضال المرأة الإيرانية على مدار أكثر من مائة عام والذي اتسم بروح الإيثار والتضحية والفداء بالذات وما ملكت لأجل الغير، ونساء أشرف سواء في فترة تواجدهن بالعراق أو في ألبانيا أو أي بقعة من العالم هن خير مثال على ذلك، وقد تأست بهن المرأة الإيرانية في انتفاضتها الجارية في إيران، وبالطبع لا ننسى كفاح المرأة الإيرانية في صفوف باقي القوى الوطنية الإيرانية.
ليس غريبا اليوم وفي أي وقت أن يحظى بيان دعم نضال المرأة الإيرانية بهذا الدعم النسوي النوعي العالمي الكبير فانتفاضة المرأة الإيرانية 2022 وتضحيات النساء والفتيات الصغار والشباب جديرة بذلك.
لقد كان مأساويا جداً ومحزنا للنفوس رؤية المرأة الإيرانية وهي تسحل في الشوارع وتتعرى أجسادهن بدلا من سترها على أيدي العناصر الإجرامية لما تسمى بـ “دوريات شرطة الإرشاد” وهي إسم على غير مسمى فالإرشاد لا يكون بالإكراه وكشف ستر النساء ودون أدنى مراعاة لخصوصية المرأة في مجتمع محافظ مهما تطورت ملابس النساء وزينتهن يبقى مجتمعا محافظا ونحن مدركون جيدا لما نقول، والأكثر حزنا وإيلاما أن تُقتَل المرأة على ملابسها وما ترتديه أو تُغتصب وتُكسر رأسها وأياديها وأرجلها ويُحلق شعر رأسها ويُلقى بها على قارعة الطريق لترويع الشعب؛ أو يلقى بها من الأعالي فتسقط على حديد البناء فيخترق جسدها ثم يُضرب ويُعتقل أباها وذويها على يد قوات الملالي الأمنية لأنهم تلقوا العزاء من جموع الشعب على قبرها، فأي إرشاد وأي إسلام هذا الذي يدعوه.. الإسلام بريء منهم ومما يدعون.. الإسلام يأمر بالدعوى إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة، وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.. هذه هي أوامر الإسلام وفرضيته.
في الوقت ذاته كان عظيما جدا ما قامت به المرأة الإيرانية من مواجهة لقوى النظام القمعية على أرضية الشارع ورفعها لشعارات قوية وجريئة ووطنية تعبر عن رؤية عامة لمستقبل دولة وشعبها بجميع مكوناته، وكان دليلا للنضج السياسي الوطني أن ترفع المرأة الإيرانية شعار (روحي فداءا لإيران.. من طهران إلى كردستان إلى بلوشستان إلى خوزستان وتبريز ومشهد واصفهان..) بمعنى أننا كلنا واحد وكلنا فداءا للوطن، ومنذ أن تم ضرب الشابة الكردية جينا “مهسا أميني” بضربات مميتة على رأسها والتنكيل بها خارج محطة المترو والشارع في طهران قبل سقز وسنندج يغلي من أجلها متابعا لأوضاعها فبمجرد أن علموا بمقتلها على يد شرطة الآداب ولا أعرف أي آداب تدعو للقتل.. بمجرد أن علموا وأعلنت السيدة مريم رجوي الحداد وطالبت في خطاب لها النساء بالنزول إلى الشارع، وطالبت الرجال بالنزول إلى الشارع ومؤازرة أخواتهم وبناتهم والدفاع عنهن نزل الجميع إلى الشارع وانتفضوا لأجل مهسا أميني التي كانت الشرارة التي نشبت في عش خفافيش الظلام ملالي طهران إلى اليوم لتتواصل بعدها نيران الانتفاضة مشتعلة الى اليوم وحتى نهاية النظام.
لم يعد بإمكان قوى المهادنة والاسترضاء في العالم بعد انتفاضة سنة 2022 التستر على جرائم نظام الملالي كما كان الحال في السابق وقد فضح التطور الإعلامي التقني كل شيء وبات أحرار على تواصل مع الثورة والثوار في إيران خاصة بعد الدور الطليعي للنساء في هذه الانتفاضة، والدور العالمي الذي تلعبه أشرف ومنظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية من أجل الدفاع عن الشعب الإيراني ومعاناته وتضحياته وثورته التي لم ولن تنطفئ شعلتها.
توقيع بيان دعم نضال المرأة الإيرانية من قبل أكثر من ألف شخصية نسوية عالمية من نساء رؤساء جمهوريات إلى رؤساء وزراء إلى وزراء ورؤساء بلديات وبرلمانيات وذات مناصب عليا وعلماء واكاديميات وحائزات على جائزة نوبل إلى قادة أحزاب ومنظمات غير حكومية.. يعد أمراً في غاية التطور في مسيرة نضال المرأة الإيرانية المقاومة، وأما الحديث والإعلان عن البيان تحت قبة البرلمان البريطاني فهو نجاحٌ سياسيٌ عظيم لمساعي عقود طويلة من النضال الدؤوب والتضحيات الجسام والعزم الذي لم يلن يوماً في صفوف المناضلين تحت مظلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وقد كان هذا البيان واحداً من جملة بيانات هامة أخرى تصدر معترفة بشرعية نضال الشعب الإيراني ومقاومته وتدين في الوقت ذاته لكافة ممارسات النظام القمعية ضد الشعب وخاصة النساء والطلاب، وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإعدامات المتصاعدة خاصة في الآونة الأخيرة.