من لندن إلى ماريلاند: طهران تستعين بالعصابات الإجرامية لمطاردة معارضيها
أفادت صحيفة “واشنطن بوست” في تقريرها المنشور يوم الخميس، بأن سلطات طهران، بدأت في الآونة الأخيرة في تنفيذ خطط لارتكاب أعمال عنف في أمريكا وأوروبا، مستندة إلى الشبكات الإجرامية الغربية بدلاً من الاعتماد على قواتها الأمنية التقليدية.
ووفقًا للتقرير، فإن هذا التكتيك يمثل خطوة تصعيدية من قبل النظام الإيراني ضد معارضيه في الخارج، ويشكل إنذارًا خطيرًا لأولئك الذين يتحدون سلطات طهران.
وكشفت الصحيفة أن السلطات البريطانية اتخذت إجراءات أمنية مشددة لحماية قناة “إيران إنترناشيونال”، وهي قناة إخبارية مقرها لندن والتي تصفها طهران بأنها “غير قانونية” ولها جمهور واسع في إيران.
العمليات والتكتيكات الجديدة
التقرير يسلط الضوء على كيف أن طهران استخدمت الشبكات الإجرامية لتنفيذ هجمات ضد معارضين بارزين. من بين الحالات البارزة، تعرض الصحفي الإيراني بوريا زريدي لهجوم بسكين خارج منزله في لندن في 10 أبريل 2024. هذا الهجوم جاء في وقت كانت فيه التهديدات ضد قناة “إيران إنترناشيونال” قد تراجعت ظاهريًا بعد الانتقال المؤقت للبث إلى واشنطن وترتيب إجراءات أمان إضافية في لندن.
وأوضح التقرير أن المهاجمين لم يكونوا مرتبطين مباشرة بالمؤسسات الأمنية الإيرانية، بل تم استئجارهم من خلال الشبكات الإجرامية في أوروبا الشرقية. وقد تمكن هؤلاء من اجتياز الفحوصات الأمنية في مطار هيثرو دون أي مشاكل، واستهدفوا الصحفي ثم عادوا إلى بلادهم.
الاستراتيجيات المبتكرة
تظهر الكتابات في “واشنطن بوست” أن إيران قد غيرت استراتيجيتها في قمع المعارضين، من استخدام أجهزة الأمن التقليدية إلى الاستعانة بالعصابات الإجرامية. وفي هذا السياق، تم استخدام أعضاء من عصابة “ملائكة الجحيم” و”المافيا الروسية” لتنفيذ عمليات اغتيال وتهديدات ضد معارضين إيرانيين ومؤسسات إعلامية.
ويشير التقرير إلى أن سلطات طهران قد نفذت عدة مؤامرات اغتيال، بما في ذلك الهجوم على ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني في ولاية ماريلاند الأمريكية. وقد تم إحباط هذه المؤامرة بعد اعتقال أعضاء الشبكة في أوروبا.
تزايد الضغوط على المعارضين
ووفقًا لمسؤولين أمنيين غربيين، فإن سلطات طهران من بين الحكومات الأكثر نشاطًا في قمع المعارضين خارج حدودها. وقد استخدمت نظام “القمع العابر للحدود الوطنية” للتعامل مع المعارضين، مما يبرز خطورة الاستراتيجية الجديدة التي تعتمد على الشبكات الإجرامية.
وكما يوضح التقرير، فإن سلطات طهران قد استخدمت هذا النموذج لسنوات عدة ضد الصحفيين والنشطاء في الدول الغربية، مما يجعل من الصعب تعقب هذه المؤامرات ومنعها.
ردود فعل المجتمع الدولي
في رد على هذه الاستراتيجيات الجديدة، أصدرت منظمة “العدالة من أجل إيران” بيانًا تطالب فيه المجتمع الدولي، وخاصة الحكومات الأوروبية، بزيادة حماية المجتمع المدني الإيراني في الخارج.
ويشير البيان إلى الزيادة الكبيرة في الضغوط على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الإيرانيين، ويدعو إلى اتخاذ خطوات جادة لحمايتهم.
يشير التقرير إلى أن استخدام طهران للشبكات الإجرامية لارتكاب أعمال العنف ضد معارضيها يمثل تطورًا خطيرًا ومثيرًا للقلق، مما يزيد من تعقيد جهود حماية الحقوق والحريات. ويعكس هذا الاتجاه الجديد تحديًا كبيرًا للأمن الدولي ويقلل من أفق الأمان للمعارضين الذين يسعون للجوء إلى الغرب هربًا من القمع.