أهم الأخبارمقالات

مظاهرات إيران

«مهسا أمينى» على يد «شرطة الأخلاق» التى ألقت القبض عليها بسبب عدم ارتدائها الحجاب بشكل مناسب.

وهذه المظاهرات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التى تشهدها إيران، فقد عرفت احتجاجات واسعة فى 2009 اعتراضًا على هزيمة المرشح الإصلاحى حسين موسوى فى مواجهه المرشح المحافظ أحمدى نجاد، وسُميت الثورة الخضراء، وسقط فيها عشرات القتلى، وتكررت المظاهرات مرة أخرى فى 2018 و2019 احتجاجًا على غلاء الأسعار، قبل أن تندلع مظاهرات جديدة هذا الأسبوع رفضًا لسلطة الإجبار والقهر تحت عباءة الدين.

يقينًا الشعب الإيرانى من أكثر شعوب المنطقة حيوية وفاعلية على المستوى الاجتماعى والسياسى، وقام بثورة كبرى فى عام 1979 أسقط على أثرها واحدًا من أعتى النظم الديكتاتورية، وشيد نظامًا دينيًا محافظًا وسلطويًا سمح بتداول السلطة بين أجنحة النظام المختلفة بشرط التزامهم بولاية الفقيه وسلطة المرشد العام للجمهورية الدينية والسياسية.

والمؤكد أن مظاهرات هذا الأسبوع عكست أزمة عميقة فى بنية النظام الإيرانى ليس بسبب المظاهرات فى ذاتها، التى يمكن أن نجدها فى أى مكان، ولا بسبب قمعها، فهو يحدث فى دول شمولية كثيرة، إنما فى عدم تحويل الصراع الطبيعى بين قوى مدنية ليبرالية تحررية فى مواجهه قوى محافظة إلى صراع حر يحكمه القانون والدستور والديمقراطية، ولو حدث ذلك لخسر التيار الدينى المحافظ السلطة فى إيران على عكس ما يتصور البعض.

والحقيقة أن أزمة النظام السياسى الإيرانى تكمن فى حصانة السلطة الدينية، أى أنها فوق السلطة المدنية المنتخبة، بما يعنى أن الصراع السياسى الدائر بين الطرفين يتحول إلى صراع بين حراس الدين والعقيدة والخارجين على الدين والعقيدة، وليس بين من يرى أن الحجاب فريضة فيرتديه بكل حرية، ومن لا يراه كذلك فلا يرتديه بكل حرية، لأن كليهما فى الدولة المدنية الديمقراطية حر فى اختياراته.

إن رأس السلطة الحقيقية فى إيران هو رجل دين، أى مرشد الجمهورية المرتبط بنظرية ولاية الفقيه، التى وضعها الإمام الخمينى، فهو قائد الجيش، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس مؤسسة الإذاعة والتليفزيون، والقائد الأعلى للحرس الثورى الإسلامى وقوى الأمن، وله ممثلون فى كل وزارة، كما يشرف على المكاتب الثقافية للسفارات الإيرانية وإيصال الدعم للحركات الإسلامية «الصديقة»، متخطيًا بذلك الرئيس ووزير الخارجية.

إن أزمة النظام الإيرانى تتمثل فى وجود رئيس يستمد شرعيته من الانتخاب، ومرشد للثورة يستمد شرعيته من مؤهلاته الدينية، وامتلاك الثانى صلاحيات تفوق الأول، وأن هذا النظام لن يحل مشكلاته السياسية والاجتماعية والثقافية مع الشعب إلا بتحويل سلطة المرشد إلى سلطة معنوية روحية وليست سياسية، وترك البلد للإرادة الشعبية الحرة للناس، ولتنافس صحى بين المحافظين والإصلاحيين بعيدًا عن سلطات المرشد.

* نقلا عن المصرى اليوم 

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى