
محو الهوية الأحوازية: مدرسة مهرجان بعبادان تكشف مخطط إيران لتدمير تراث الأحواز
في تصعيد جديد لسياسات التهميش الثقافي المتعمدة ضد الهوية الأحوازية، أفيد بوقوع أضرار جسيمة في واجهة مدرسة ” مهرجان” التاريخية في مدينة عبادان، نتيجة الإهمال المتعمد من قبل سلطات الاحتلال الإيراني، إلى جانب تعديات مباشرة من منشآت تجارية مجاورة، أبرزها مطعم للوجبات السريعة تم بناؤه في محيط المبنى قبل أكثر من عشر سنوات.
كشفت مصادر محلية أن المطعم، الواقع عند مدخل مدرسة مهرجان، يوجه شواياته نحو الواجهة، مما أدى إلى تراكم الدخان والشحوم بشكل مستمر على جدران المبنى الأثري، مهددا سلامته المعمارية. وتؤكد شهادات شهود العيان أن قميصا قطنيا متسخا علق على لوحة المدرسة بطريقة “مهينة”، أثارت غضب سكان عبادان، الذين رأوا في ذلك إهانة لرمز ثقافي وتاريخي يمثل هوية المدينة.
ورغم التحذيرات المتكررة من السكان المحليين، لم تتخذ سلطات التراث الثقافي، ولا البلدية، أي إجراء فعلي لإيقاف هذا التعدي أو معالجته، في ما اعتبر صمتا رسميا متواطئا مع سياسة إضعاف الهوية الأحوازية.
تعد مدرسة مهرجان من أبرز المعالم التعليمية في الأحواز، وقد شيدت عام 1947 من قبل شركة النفط البريطانية آنذاك لتعليم أبناء موظفي الشركة. احتضنت المدرسة عشرات الآلاف من الطلاب على مدى عقود، وتخرج منها العديد من الشخصيات العلمية والثقافية.
تضم المدرسة 22 فصلا دراسيا، و18 حماما، إلى جانب منازل تابعة للإدارة والمعلمين، مما يجعلها نموذجا متقدما للبيئة التعليمية في تلك المرحلة.
لكن الوضع اليوم بات مقلقا: الكتابات العشوائية (الجرافيتي) شوهت الجدران، والتشققات والهدم الجزئي طال المدخلين الرئيسيين، فيما تحول الفناء الجنوبي إلى مكب نفايات تنبعث منه الروائح الكريهة، مما يعكس حجم الإهمال المتعمد والتقصير الفاضح من قبل الجهات المسؤولة.
يحمل المواطنون سلطات الاحتلال، وعلى رأسها البلدية، وزارة التعليم، وهيئة التراث الثقافي التابعة لسلطات الاحتلال الإيراني، مسؤولية التدهور المتسارع الذي شهدته المدرسة، معتبرين أن ذلك يأتي ضمن مخطط منهجي لمحو المعالم الأحوازية من الذاكرة الجمعية.
وفي مذكرة مؤثرة نشرها عالم الآثار جعفر مهراكيان، وصف مدرسة مهرجان بأنها “أيقونة ثقافية لا يجب أن تترك فريسة للإهمال والتخريب”، مؤكدا أن آلاف الأحوازيين تعلموا في أروقتها، وأن موقعها المرتبط بنهر أرواند والذاكرة الشعبية لمدينة عبادان يمنحها مكانة رمزية عميقة.
يواصل أبناء مدينة عبادان المطالبة بفتح تحقيق عاجل في التعديات التي لحقت بالمدرسة، وبتحميل صاحب المطعم المجاور المسؤولية القانونية والمالية، بالإضافة إلى ترميم شامل للمبنى، ومنع أي نشاطات تجارية ملوثة في محيطه.
ويرى نشطاء أحوازيين في مجال التراث أن ما يحدث في مهرجان ليس حالة فردية، بل جزء من سياسة ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال الإيراني لتفريغ الأحواز من معالمها وتاريخها، واستبداله بهوية دخيلة، في إطار مشروع استعماري ثقافي يمتد لعقود.
وأوضح النشطاء الأحوازيين إن استهداف مدرسة مهرانجان لا يمثل فقط تعديا على مبنى أثري، بل هو هجوم على ذاكرة أجيال أحوازية كاملة، وخاصة بحق التراث، ويعد جريمة ثقافية بحق الحضارات.