محادثات واشنطن وطهران نجاح لدبلوماسية الرهائن أم المسيرات؟
هدى رؤوف
منذ ساعات قليلة أجرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات غير مباشرة مع إيران في شأن تبادل محتمل للأسرى في محاولة لتأمين إطلاق سراح المواطنين الأميركيين المسجونين في إيران، إذ تلعب قطر والمملكة المتحدة دور الوسيط في المحادثات.
وفي مقابل الإفراج عن السجناء الأميركيين سيفرج عن مبالغ من الأموال المجمدة لمصلحة إيران، وهو ما يشير إلى تناقض سياسة واشنطن تجاه طهران، إذ تفشل في الضغط عليها للالتزام بالاتفاق النووي، لكنها في الوقت عينه تفرج لها عن مليارات الدولارات.
خلال الأسابيع الماضية كان هناك عدد من التحركات الأميركية والغربية تجاه إيران تؤشر بأن هناك تنسيقاً أوروبياً أميركياً للضغط على طهران، ومن ثم فإن الإفراج عن الأموال ربما يصب في كونه انتصاراً لإيران التي توظف دبلوماسية الرهائن من أجل الحصول على تلك المنافع.
في أفضل الأحوال ربما تحاول الإدارة الأميركية استخدام سياسة العصا والجزرة مع إيران، فبينما سيتم الإفراج عن مليارات الأموال المجمدة من قبل الولايات المتحدة في بنوك كوريا الجنوبية على اعتبار أنها ستكون مقتصرة على الغذاء والدواء والمسائل الإنسانية، وعلى رغم الانتقادات الموجهة إلى إدارة بايدن بمنحها إيران أموالاً تستخدمها لتمويل سياستها التوسعية، إلا أن الأسوأ هو أن هذه المحادثات ومن دون الإعلان عن ذلك تتضمن محاولات أميركية لإثناء إيران عن إمداد روسيا بالمسيرات ضد أوكرانيا، مما يمنح طهران ثقة واستمراراً في سياسة تمييع مزيد من أوراق الضغط والتي تستخدمها عند التفاوض مع الغرب، فبينما أعلن منذ أشهر مبعوث واشنطن الخاص لإيران روبرت مالي أن حملة القمع التي شنتها إيران على المحتجين وبيع طائرات مسيرة لروسيا حولت تركيز الولايات المتحدة بعيداً من إحياء الاتفاق النووي، تحصل إيران على أموال من دون تعديل سياستها تجاه مواطنيها بالداخل أو تجاه الملف النووي.
لكن تظل سياسة استخدام العصا أو التلويح بها هي العنصر الفعال لتعديل وتقويم سياسة إيران، فمنذ أيام أصدرت وكالة استخبارات الدفاع الأميركية تقريراً يقدم مقارنات مرئية للطائرات من دون طيار التي نشرتها روسيا في أوكرانيا مع طائرات من دون طيار إيرانية الصنع، كما قدمت حكومة المملكة المتحدة أدلة إلى الأمم المتحدة في شأن نقل الأسلحة الإيرانية إلى اليمن في انتهاك لقراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2231) و (2140).
وفى منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي صادرت القوات البحرية الفرنسية مخبأ يضم نحو 3 آلاف بندقية هجومية وأكثر من نصف مليون طلقة، إضافة إلى 23 صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات، وكان متجهاً إلى الحوثيين في اليمن.
هذه الخطوات توضح أن إدارة بايدن تنسق مع حلفائها للمساعدة في بناء قضية في الأمم المتحدة لفضح انتشار الأسلحة الإيرانية، وخلال الفترة ذاتها أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة تستهدف صناعة النفط والبتروكيماويات في إيران.
وعلى الصعيد العسكري أجرت الولايات المتحدة وإسرائيل الشهر الماضي أكبر مناورة عسكرية مشتركة شاركت فيها أكثر من 140 طائرة و12 سفينة بحرية، وقالت وزارة الدفاع الأميركية خلال التدريبات إنها عززت قدرة الولايات المتحدة على الاستجابة للطوارئ، وتؤكد التزام واشنطن بمنطقة الشرق الأوسط، واعتبرت المناورة رسالة موجهة إلى إيران.
من المؤكد أن التهديد الذي تشكله الأسلحة بعيدة المدى المصنوعة في إيران لا يقتصر على الشرق الأوسط، فمنذ غزو أوكرانيا زودت إيران روسيا بمئات الطائرات الهجومية من دون طيار، وهو ما دفع واشنطن إلى التباحث مع إيران مرة أخرى، إذ نقلت طهران تهديدها إلى الأراضي الأوروبية، لكن بالنسبة إلى أمن الشرق الأوسط، فما يهم الآن هو أن تتخذ واشنطن خطوات جادة لاحتواء السوك الإيراني وإلا ستزداد عدوانية سياستها بفعل التنازلات الأميركية.
اندبندنت عربية