لقمان سليم… عام على نداء الروح!
مشاري الذايدي
نحن في الذكرى الأولى على اغتيال المثقف اللبناني لقمان سليم، المناهض لـ«حزب الله» والنفوذ الإيراني.
في 4 فبراير (شباط) 2021، عُثر على سليم (58 عاماً) مقتولاً برصاصات عدة داخل سيارته في قرية بالجنوب، غداة بلاغ من أسرته حول فقدانها الاتصال به أثناء عودته من زيارة صديق له في المنطقة، التي تعد من أبرز معاقل «حزب الله»، القوة العسكرية والسياسية الأبرز في البلاد.
لا نحتاج لكثير تأمل وتفحّص لنعرف من قتل لقمان سليم، المثقف الليبرالي ابن الطائفة الشيعية، وسليل المحامي المرموق وابن السيدة المصرية وزوج السيدة مونيكا بورغمان.
هذا من أسهل وأوضح الأمور، وكما قال الحكماء توضيح الواضحات من أصعب الأمور!
الرجل كان يعمل على مشروع حضاري له بُعد إعلامي وتوثيقي، وله صلات دولية مميزة، خاصة في أوروبا، ويعلن مناهضته لـ«حزب الله» من عمق لبنان، بل حارة حريك نفسها، معقل الحزب، وسبق أن تلقَّى تهديدات صريحة بالقتل، وكتابة عبارات على منزله، ورمي منشورات تخوينية تخويفية، وألقى بالمسئولية وقتها على حسن نصر الله ونبيه بري… ولكن!
زوجته مونيكا بورغمان قالت لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي مخرجة أفلام وثائقية ومديرة جمعية «أمم»، إن التحقيق لم يغلق بعد، لكن لم يتم توقيف أحد حتى الآن. لكن، والكلام ما زال لها، لا نعلم أين يتَّجه التحقيق! لذلك طالبت السيدة مونيكا بتكوين لجنة دولية للتحقيق في اغتيال الرمز الليبرالي اللبناني لقمان سليم.
هل تنجح عائلة لقمان في تحقيق محاكمة عادلة وفعلية، أم يضمُّ ملف سليم عشرات الملفات الأخرى المجهولة في سجل الجرائم السياسية اللبنانية؟ شركة «الدولية للمعلومات» للأبحاث والإحصاءات أحصت 220 اغتيالاً ومحاولة اغتيال منذ استقلال لبنان عام 1943 حتى اغتيال سليم. وحال النقص في الأدلة حيناً أو التدخلات السياسية في عمل القضاء دون جلاء الحقيقة والكشف عن الفاعلين في كثير منها.
ماذا عن «جريمة القرن»، وهي كارثة تفجير مرفأ بيروت الرهيب؟ بمناسبة تفجير المرفأ فقد كان لقمان سليم من أوائل من أشار إلى مسؤولية «حزب الله» في تخزين نترات الأمونيا في مخازن الميناء لصالح النظام السوري وعصابات «الحرس الثوري» الإيراني هناك… فهل كان اغتياله في عمق مناطق «حزب الله» هو الجواب الدموي على هذه الكشوفات؟ الرد الأمثل على محاولات طمس وتغييب جريمة اغتيال لقمان سليم، هو في الإصرار على بناء محكمة دولية خاصة. مع الشك في نجاح ذلك مع إدارة بايدن الأميركية المغرمة بتدليع إيران وتغنيجها هي وعصاباتها.
أما الرد الثاني فهو في إبقاء فكر ومشروع لقمان سليم في لبنان حياً متفاعلاً دائماً… فصوت العقل ونداء الضمير. لا يموت. وهكذا هي عبرة المقتل الحسيني نفسه… الذي يتشدَّق به «حزب الله» كل محرم وكل مأتم!
* نقلا عن “الشرق الأوسط”