قوة الهوية الثقافية للشعب العربي الأحوازي تقف سدا منيعا ضد مخططات التفريس
يشكل الشعب العربي الأحوازي أحد الشعوب الأصلية في منطقة الخليج العربي، ويتمتع بثقافة وتراث غنيين يعودان إلى آلاف السنين.
وقد تعرض هذا التراث الثقافي والحضاري للتهديد والتشويه على مدار التاريخ، وخاصة خلال الاحتلال الإيراني لإقليم الأحواز نهاية حكم الأمير خزعل بن جابر، آخر حاكم عربي لدولة الأحواز العربية، سنة ١٩٢٥.
المكون الثقافي الجمعي للشعب الأحوازي
يتكون المكون الثقافي الجمعي للشعب الأحوازي من مجموعة من العناصر المادية وغير المادية، التي تعكس هوية هذا الشعب وخصوصيته.
ومن أهم هذه العناصر ما يلي:
اللغة: يتحدث الشعب الأحوازي اللغة العربية، وهي اللغة الأم للغالبية العظمى من السكان. وتتميز اللغة العربية الأحوازية بخصائصها الفريدة التي تميزها عن اللهجات العربية الأخرى.
الدين: يشكل الإسلام الدين السائد في إقليم الأحواز.
التراث الشعبي: يتميز التراث الشعبي الأحوازي بتنوعه وثرائه، ويشمل مجموعة متنوعة من الفنون والحرف اليدوية، مثل الموسيقى والغناء والرقص والشعر والأدب والفنون التشكيلية.
التاريخ: يتمتع الشعب الأحوازي بتاريخ عريق يعود إلى آلاف السنين، ويشمل مجموعة متنوعة من الحضارات التي تعاقبت على المنطقة.
أوجه التهديد التي يتعرض لها التراث الثقافي الأحوازي
تعرض التراث الثقافي الأحوازي للتهديد والتشويه على مدار التاريخ، وخاصة خلال الاحتلال الإيراني لإقليم الأحواز في عام 1925. ومن أوجه التهديد التي يتعرض لها هذا التراث ما يلي:
التدمير المادي: تم تدمير العديد من المواقع الأثرية والتاريخية في إقليم الأحواز، وذلك بهدف طمس الهوية الثقافية للشعب الأحوازي.
حيث أقدم الاحتلال الإيراني سنة ٢٠١٨ على تدمير أقدم دور للسينما في الأحواز، وقد تم تسجله في عام ٢٠٠٧ لدى دائرة التراث الوطني التابع لمتحف شركة البترول الوطنية للأحواز بصفته أثرًا تراثيًا لمنطقة ” الفلاحية” العربية.
وتشكل الدار معلم من أهم المعالم الأثرية التاريخية في الأحواز، والذي يعبر عن مدنية ورقي الشعب الأحوازي وانفتاحه على العالم، وبعد صراع طويل قام به أبناء الأحواز لمنع دائرة التراث في الإقليم من هدمة، قام الاحتلال الإيراني بهدم الدار ضاربة بعرض الحائط رغبة أبناء الأحواز، والحماية القانونية لهذا المعلم كأحد مكونات الملكية الثقافية لأبناء الأحواز، التي تربطهم بتاريخ استقلالي من الحرية والسيادة والثقافة المتمايزة عن الفرس.
التشويه الثقافي: تم فرض الثقافة الإيرانية على الشعب الأحوازي، وذلك بهدف تغيير هويته الثقافية، حيث يعمل الاحتلال الإيراني على تزوير التاريخ وإضفاء التاريخ الفارسي على ” قلعة سوس التاريخية ” الواقعة في مدينة شوش (سوس)، حيث تقوم السلطات الإيرانية على التعريف بها على أنها إرث فارسي، وتعتبرها من تاريخها، في انتهاك واضح لتاريخها العربي، بدءاً من موقعها الجغرافي، إذ تقع ” قلعة سوس” على بعد ٩٠ كيلومتراً شمال مدينة الأحواز العاصمة، بالقرب من الخليج العربي.
وتُعتبَر قلعة وسسو من المناطق القديمة ذات حضارة عريقة في العالم. وقد أثبتت بعد القيام عمليات التنقيب التي أجريت على هضبة القلعة، العثور على زجاج سوس الفخاري الشهير، ونقوش تعود إلى شريعة الملك حمورابي، بينما تعمل السلطات الإيرانية على ربط قلعة شوش بالتاريخ المعاصر للدولة الفارسية، ومن ثم محاولة تغييبها عن تاريخها العيلامي وحضارتها العريقة.
وفي إصرار من الاحتلال الإيراني على انتهاك الملكية الثقافية للأحوازيين وتراثهم الإنساني، قامت في الآونة الأخيرة بتغيير أسماء عدد من القرى الأحوازية إلى أسماء فارسية في إطار سياسة التفريس النابعة من عنصرية واضحة بحق الشعب في الأحواز وتراثه.
التمييز الثقافي: يتعرض الشعب الأحوازي للتمييز الثقافي من قبل السلطات الإيرانية، وذلك من خلال فرض قيود على التعبير عن الهوية الثقافية الأحوازية.
الحماية القانونية للتراث الثقافي الأحوازي
يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية للتراث الثقافي والحضاري في حالات النزاع المسلح. وقد نصت اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح لعام 1954 على حماية التراث الثقافي في حالات النزاع المسلح. كما نصت اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي لليونسكو لعام 2003 على حماية التراث الثقافي غير المادي، بما في ذلك التراث الثقافي الشعبي.
وعلى الرغم من وجود هذه الحماية القانونية، إلا أن التراث الثقافي الأحوازي لا يزال يتعرض للتهديد والتشويه. ويرجع ذلك إلى عدم تطبيق القانون الدولي الإنساني بشكل فعال في دولة الأحواز، حيث يرفض الاحتلال الإيراني الاعتراف بوجود الشعب العربي الأحوازي وثقافته.
ويمكن القول أن التراث الثقافي والحضاري للشعب العربي الأحوازي يشكل جزءًا أساسيًا من هويته، ويستحق الحماية والرعاية. ولذلك، لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية هذا التراث من التهديد والتشويه.