قصر الشيخ خزعل الكعبي في البصرة.. تحفية فنية عربية فريدة
يقع قصر الشيخ خزعل الكعبي، آخر حاكم لدولة الأحواز العربية قبل احتلالها من قبل طهران في 1925 ، في مدينة البصرة القديمة جنوب العراق.
يعود تاريخ بناء المنزل إلى القرن التاسع عشر، ويتميز بعمارته الفخمة، وزخرفته الرائعة، حيث وقع قصر الشيخ خزعل الكعبي في محافظة البصرة مدينة البصرة القديمة محلة الباشا، وهو أحد بيوت الشناشيل الأثرية في العراق يعود تاريخ بنائه إلى زمن الدولة العثمانية يقع على ضفة نهر العشار .
مساحة قصر الشيخ خزعل الكعبي
وشيد قصر الشيخ خزل الكعبي، على مساحة تزيد على (500) م 2 بـ (15) سم ، يقع بجواره بيت الخدم وهو المكان الذي يستقر فيه الخدم والعبيد الذين كانوا يعملون في القصر ، هذا البيت تغيرت ملامحه كثيراً بعد أحداث 2003 ، لتعرضه لعمليات والتخريب من قبل عملاء الاحتلال الإيراني، قبل ترميمه من قبل اليونسكو.
وبنى قصر الشيخ خزل الكعبي على طريقة الشناشيل والشناشيل هي : شرفات تتميز بزخرفتها وتكون في الطابق العلوي من الدار، ويعود تاريخ البناء بطريقة الشناشيل الى الفترة العباسية ويقال ان أصل تسمية (الشناشيل) فارسي (شاه ــ نشين ) ومعناها مكان جلوس الملك.
أما مواد بناء بيوت الشناشيل فهي من الطابوق والحديد ( العكَََادة) ، حيث يتم بناء الشرفة أولاَ ثم بعد ذلك تبنى الشناشيل على تلك الشرفة ويستخدم خشب (الجاوي) في البناء وذلك لخفة وزنه ولبرودته في فصل الصيف بالإضافة الى كونه عازلاً جيداً للحرارة والرطوبة.
وكان يصل إليه عن طريق قارب مخصص لنقله عبر نهر العشار وصولاً إلى باب القصر استخدم النقوش الإسلامية (الارابيسك) في تزيين السقوف الخشبية وكورنيشاتها .
يستخدم القصر اليوم تحت مسمى قصر الثقافة والفنون تقام فيه معارض الرسوم والتصوير الفوتوغرافي وجلسات ادبية.
يتكون المنزل من عدة أقسام، منها:
القسم الداخلي: ويضم غرف الاستقبال، وغرف النوم، وغرف الطعام.
القسم الخارجي: ويضم الحدائق، والباحات، والساحات.
ساحة القصر
ويبلغ طول ساحة القصر من بداية المدخل من جهتها اليمنى حتى زاوية الضلع الأيمن 14,30م أما عرض الساحة فيصل الى 14,80 م ، كسيت ساحة القصر بطابوق مربع الشكل يسمى بـ (الفرشي) قياس الواحدة (2121 x) سم وهذا النوع من الطابوق يستخدم لإكساء ساحات وغرف المنازل في ذلك الوقت ، في ساحة القصر هناك الكثير من الأقواس التي تطرز الجدران الخارجية للغرف بالاضافة الى تلك التي تعتلي السلالم والشبابيك والأبواب ، والتي يصل مجموعها داخل الساحة إلى (28) قوساً مبنية من الطابوق ، أغلب النقوش الموجودة عبارة عن دائرة مسننة الشكل تنتهي عند حافات الأقواس بانصاف دوائر.
الطابق الأرضي
وفي الطابق الأرضي، هناك (ثماني غرف) تختلف مساحتها وارتفاعها والنقوش الموجودة ، من غرفة لأخرى ، كما تتصل بعض الغرف مع بعضها الآخر من خلال بوابة مقوسة تسمى (حنية) نافذة في حين تلفت انتباهنا خمس فتحات(حنية) نافذة ، هي أقرب الى كونها نوافذ (شبابيك) ، إلا انها غابت عنها وبشكل نهائي الدلائل التي تشير الى كونها شبابيك ، بل هي فتحات من الطابوق ربما يستفاد منها للتهوية.
وفي الطابق الأرضي يمكننا مشاهدة (12) عموداً ، ارتفاع العمود الواحد (3,40) م نصبت في الطابق الثاني لتسند بمجموعها الطارمة المطلة على ساحة القصر ، عندما نقف في ساحة القصر سيلفت نظرنا عمودان ارتفاع الواحد منهما ( 7) م حيث يسند العمودان المذكوران الطارمة التي هي في الطابق الثاني والتي يبلغ عرضها (2,50) م ، أما في الطابق الثاني ، هناك (14) عمودا ، ارتفاع العمود الواحد 3,40 م ، الغاية من وجود كل هذا العدد من الأعمدة هو لإسناد نهايات الطارمة الموجودة في الطابق (الثاني).
ونلاحظ وجود جمالية اضيفت لهذا المكان فالنقوش الموضوعة على الطارمة التي يشكل طول كل ضلع من اضلاعها الثلاث (9,80) م وبعرض (60) سم عبارة عن دائرة مسننة الشكل تحيط بها مثلثات تكون نهاية الجهة العريضة منها على شكل قوس ، ويفصل كل دائرة من الدوائر مجموعة مثلثات تتشابه تماما من حيث الشكل والقياس مع المثلثات الخشبية الأخرى التي تحيط بكل دائرة من الدوائر الخشبية المسننة ، وبمجموع تلك الدوائر والمثلثات تتشكل نقشة لونها الأبيض يشكل مع لون الخلفية (القهوائي) تمازجاً لونياً فريداً من نوعه ، تعتلي هذه النقشة ، نقشة أخرى من الطابوق ، رصفت حافات الطابوق التي تشكل نهاياتها زاوية أشبه برأس الرمح ، بعناية فائقة وهو مازاد من جمالية وروعة المكان!.
الخشب المزخرف ذو اللونين القهوائي والأزرق
كل من يتجول في قصر الشيخ خزعل يمكنه ملاحظة التباين الواضح في سقوف الغرف ففي الوقت الذي يكسو فيه الخشب المزخرف ذو اللونين القهوائي والأزرق إلا أن بعض الغرف يكون سقفها مطرزاً بالطابوق شكل المعماريون من خلاله نقوشاً هندسية من الصعب حتى وصفها بدقة وهذا ما نلمسه في أكبر غرفتين موجودتين في الطابق الأرضي فبخلاف الغرف الأخرى الموجودة في عموم القصر ، فإن احدى الغرف التي يكون سقفها مزخرف بالطابوق قد تفنن المعماريون في رسم أشكالهم الهندسية فيها ، وفي غرفة أخرى هناك خصوصية لهذه الغرفة دون سواها من غرف القصر ، حيث تتميز بنقطتين ، الأولى: إرتفاع سقفها الشاهق وشبابيكها العالية .
زوفي الطابق الثاني توجد (7) غرف في كل غرفة مجموعة شبابيك تختلف من حيث الحجم والنقشات الموجودة من شباك لآخر ، ففي الوقت الذي تخلو إحدى الغرف من الشبابيك نجد في الغرفة المجاورة شباك كبير خشبي كبير مطرز بالنقوش يطل على الطارمة العليا للطابق ، ارتفاع الشباك (3,7) م ، أما عرضه فيصل الى (5) م يشابهه في الجهة الأخرى.
تحويل منزل الشيخ خزعل الكعبي إلى متحف
تم تحويل منزل الشيخ خزعل الكعبي إلى متحف عام 1971، ويضم مجموعة من القطع الأثرية والتحف التي تعود إلى فترة حكمه.
يعد منزل الشيخ خزعل الكعبي أحد أهم المعالم التاريخية في مدينة البصرة، ويجذب العديد من الزوار من داخل العراق وخارجه.
كما شغلت قصر الشيخ خزعل العديد من المؤسسات الثقافية ، ابرزها منتدى المسرح ( منتدى تابع الى دائرة السينما والمسرح) ، وبيت المقام العراقي ، وملحق لمبنى اذاعة وتلفزيون البصرة ،والبيت الثقافي ( شعبة تابعة لوزارة الثقافة العراقية) .
جرت عملية ترميم القصر في ثمانينيات القرن الماضي ، حيث تم ترميم سقوف غرف القصر لقدمها ، باستخدام الطابوق وحديد (الشيلمان) ، بعد ان تم الأستغناء عن الطابوق القديم واعمدة ( الجندل) ، كما تم طلاء جدران الغرف واكساؤها بالبلاط وتبديل النقوش والزخارف الخشبية الموجودة في جميع غرف طارمات القصر بالإضافة الى الساحة ، كما تم خلال تلك الحملة ترميم الواجهة الخارجية وكذلك الواجهات الداخلية بالطابوق لإخفاء معالم الطابوق القديم . ، وبحسب وجهة نظر الباحثين والمهتمين بالتراث المعماري فإن مثل هكذا حملات سوف لن تتكرر في المستقبل القريب على أقل تقدير! .
سفير الاتحاد الأوروبي يطلع على إعادة تأهيل قصر الشيخ خزعل الكعبي
وفي 12 ديسمبر 2023، زار توماس سيلر سفير الاتحاد الأوروبي في العراق، قصر الشيخ خزعل الكعبي في البصرة ن والذي يتبع الأن الدائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة العراقية على هامش زيارته إلى البصرة للإطلاع على حملة اعمار وإعادة تأهيل البيوت التراثية في البصرة القديمة والتي نفذتها منظمة اليونسكو وبتمويل من الاتحاد الأوربي .
وأطلع (سيلر) اطلع على جوانب من إنجازات اليونسكو في حملة اعمار قصر الثقافة واستمع الى شرح مفصل عن الحملة ونتائجها الناجحة من المهندس الاستشاري قصي الشمخاوي مدير مكتب منظمة اليونسكو في البصرة مشيرا الى ان الحملة وجدت متابعة واهتماما كبيرا لكل فعالياتها خلال الحملة من قبل وزارة الثقافة العراقية ومن حكومة البصرة المحلية.
واطلع سفير الاتحاد الاوربي في العراق ايضا خلال زيارته على معرض للصور الفوتوغرافية لمراحل اعمار وتأهيل هذه البيوت واستمع الى شرح مفصل عن الصور من ممثل اليونسكو في البصرة .