فقر الشعب الأحوازي: قضية إنسانية وحقوقية تتطلب التحرك العاجل
بقلم/ عبدالوهاب كروشات
منذ الاحتلال الإيراني للأحواز في عام 1925، يعاني الشعب الأحوازي من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية قاسية، جعلت منهم واحدة من أكثر الشعوب العربية التي تعاني من الفقر والتهميش. ورغم الثروات الطبيعية الهائلة التي يملكها الأحواز، إلا أن الفقر يظل واقعًا يوميًا يواجهه المواطن الأحوازي في حياته اليومية.
إن هذه المعضلة ليست مجرد قضية اقتصادية بل هي قضية حقوقية بامتياز، حيث تتداخل السياسات الاستعمارية مع ممارسات الإهمال الحكومي، مما يجعل من الفقر أحد أوجه القهر التي يعيشها الشعب الأحوازي.
الاحتلال والهيمنة الإيرانية
منذ أن وقع الاحتلال الإيراني على الأحواز، تم تجريد الشعب الأحوازي من أبسط حقوقه السياسية والاقتصادية.
وقد عمدت السلطات الإيرانية إلى استغلال الموارد الطبيعية في الأحواز بشكل مفرط لصالح الدولة المركزية، دون أي استفادة تذكر للمواطن الأحوازي.
فالأحواز، الذي يُعتبر سلة الطاقة الإيرانية، يملك احتياطات ضخمة من النفط والغاز، لكن سلطات الاحتلال الإيرانية حولت هذه الثروات إلى مصدر لتمويل آلة الحرب والسياسات التوسعية على حساب رفاهية المواطن الأحوازي.
التهميش الاقتصادي
تعاني المناطق الأحوازية من تهميش اقتصادي شديد، حيث تتركز المشاريع التنموية في المدن الإيرانية الكبرى، بينما تعاني المدن الأحوازية من نقص في البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ويُعاني الشعب الأحوازي من ندرة في فرص العمل، وارتفاع معدلات البطالة، وتدني مستوى التعليم والصحة. كما تفتقر المدن الأحوازية إلى الاستثمارات اللازمة لتطويرها، مما يزيد من حدة الفقر.
السياسات الإيرانية العنصرية
تسعى السلطات الإيرانية إلى تقليص أي وجود عربي في الأحواز، حيث تُمارس سياسة التفريس، بتشجيع الاستيطان الفارسي في الأحواز ، مما يؤدي إلى تغيير ديمغرافي يعزز من هيمنة الإيرانيين على الأرض والموارد. كما تتعامل الحكومة الإيرانية مع الأحوازيين بشكل تمييزي، حيث يحرمون من معظم الحقوق التي يتمتع بها المواطن الإيراني في المناطق الأخرى.
هذه السياسات العنصرية تساهم في تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأحوازيين، حيث يتم تهميشهم في شتى المجالات.
ارتفاع معدلات البطالة
يُعتبر البطالة من أبرز المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الأحوازي.
وتعود هذه المشكلة إلى قلة الفرص الاقتصادية في الأحواز، بالإضافة إلى عدم وجود برامج تنموية حقيقية تستهدف تحسين الوضع الاقتصادي في الإقليم. وتجد الأجيال الشابة نفسها في مواجهة مستقبل غامض، حيث يضطر الكثير منهم إلى الهجرة إلى المدن الإيرانية الكبرى أو البحث عن فرص عمل في القطاعات غير الرسمية، مما يعزز من ظاهرة الفقر المستشري.
التدهور في الخدمات الأساسية.
يُعاني الشعب الأحوازي من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، حيث تفتقر الكثير من المناطق الأحوازية إلى المدارس والمستشفيات. كما أن نسبة الأمية في الأحواز مرتفعة مقارنة ببقية المناطق الإيرانية، مما يعرقل فرص الشباب في الحصول على وظائف جيدة. إن هذه الحالة تتفاقم بشكل مستمر، مما يؤثر سلبًا على التنمية البشرية في الأحواز .
التهديدات البيئية
تعتبر الأحواز من المناطق التي تعاني من مشكلات بيئية خطيرة بسبب السياسات الإيرانية المدمرة.
فقد أدت المشاريع الإيرانية في تحويل مجرى الأنهار واحتكار المياه إلى تدهور الزراعة في الأحواز ، مما يزيد من معاناة الفلاحين الأحوازيين الذين يعتمدون على الأرض كمصدر رزقهم. كما أن تلوث المياه والهواء في المدن الأحوازية يشكل تهديدًا مباشرًا على صحة المواطنين، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية.
الحاجة إلى تحرك دولي.
إن فقر الشعب الأحوازي ليس مجرد نتيجة لتخلف اقتصادي، بل هو نتيجة لسياسات استعمارية ممنهجة تهدف إلى استنزاف الموارد وتدمير الهوية الثقافية للشعب العربي في الأحواز. ومن هنا، فإن حل هذه المعضلة يتطلب تحركًا دوليًا فاعلًا.
الضغط على إيران
على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على الحكومة الإيرانية لوقف سياسات الاستغلال والتهميش التي يعاني منها الشعب الأحوازي. يجب أن يكون هناك موقف قوي يطالب إيران بالاعتراف بحقوق الأحوازيين في تقرير مصيرهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم.
دعم الحقوق الإنسانية
من الضروري أن تدعم الدول العربية والمنظمات الحقوقية الدولية قضية الشعب الأحوازي، والعمل على فضح الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن الأحوازي. كما يجب توفير المنابر الدولية التي تسمح للأحوازيين بالتعبير عن قضيتهم العادلة.
الاستثمار في التنمية
من المهم أن يتم العمل على تطوير مشاريع تنموية حقيقية في الأحواز، بما يساهم في تحسين البنية التحتية، وتوفير فرص العمل، وتحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية في الأحواز .
فقر الشعب الأحوازي هو تجسيد للظلم والتمييز المستمر الذي يعاني منه هذا الشعب العربي الأصيل.
ومن المؤكد أن حل هذه المشكلة لا يتطلب فقط إصلاحات اقتصادية، بل أيضًا إرادة سياسية دولية للوقوف إلى جانب الشعب الأحوازي في نضاله من أجل حقوقه. إن المجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك لإنهاء معاناة الشعب الأحوازي، وتوفير الفرصة له للعيش بكرامة في وطنه الذي يملك ثروات هائلة يجب أن تكون في خدمة أهله.