
عادات وتقاليد الأحوازيين يوم عيد الفطر المبارك
تتشكل ملامح الاحتفال بعيد الفطر المبارك في الأحواز عبر نسيج ثقافي فريد، يجمع بين التقاليد العربية الأصيلة والممارسات الإسلامية العريقة.
فمع إعلان ثبوت رؤية هلال شوال، تتحول المدن الأحوازية إلى فضاءات من الفرح تعكس عمق الانتماء الثقافي، حيث تمارس طقوس تعود جذورها إلى قرون من الزمن، توارثتها الأجيال كجزء من الهوية الجمعية.
وتبدأ الاستعدادات قبل أيام من العيد، إذ تشهد الأسواق ازدحاما غير مسبوق لشراء الملابس التقليدية والحلويات، بينما تتناقل الأسر وصفات إعداد القهوة العربية التي تعتبر رمزا للكرم وحسن الضيافة.
يوم العيد: من الصلاة إلى المعايدات
تبدأ فعاليات يوم العيد مع أداء صلاة الفجر، حيث يتوجه الرجال إلى المساجد مرتدين أفخر الثياب، فيما تسمع التكبيرات من المآذن.
وتقام صلاة العيد في الساحات العامة الكبرى، حيث يجتمع الآلاف من المصلين في مشهد مهيب، يتبادلون التهاني بعبارة “تقبل الله طاعاتكم” مع نهاية الصلاة
كما تشكل جولات المعايدة الاجتماعية ركنا أساسيا في تقاليد العيد، حيث يبدأ الأهالي بزيارة منازل الأقارب، مع إعطاء أولوية لبيوت من فقدوا أحباءهم خلال السنة الماضية. تقدم في هذه الزيارات القهوة العربية المرة في الدلال النحاسية، إلى جانب التمر والمكسرات، في إشارة إلى كرم الضيافة.
ويحرص كبار العائلات على حل النزاعات بين الأفراد خلال هذه المناسبة، حيث تعتبر فرصة ذهبية لإصلاح العلاقات الاجتماعية
المأكولات التقليدية: نكهات تراثية
لا تكتمل طقوس العيد في الأحواز دون موائد الطعام المميزة، حيث تحضر الأسر أطباقا خاصة كالهريس والكباب الأحوازي. تعتبر حلوية “الخبيصة” المصنوعة من التمر والدقيق من الأطباق المميزة، والتي تقدم في أوان فخارية مزخرفة.
وتتنافس النسوة في إعداد أصناف المعجنات المحشوة بالجوز والسكر، والتي تقدم للزوار مع كؤوس الشاي بالنعناع.
الألعاب الشعبية والفنون التقليدية
تتحول الساحات العامة بعد الظهر إلى مسارح مفتوحة للفنون الشعبية، حيث تؤدى رقصة “الهوسة” الجماعية التي تعكس روح الوحدة الاجتماعية، يرافقها إنشاد الأهازيج باللهجة العربية الأحوازية. وتقام مسابقات الفروسية التقليدية التي تظهر مهارات الفرسان في القفز والرماية، فيما يتبارى الأطفال في الألعاب الشعبية كالجري بالخف.
ولا تنحصر فرحة العيد في الأحواز على مظاهر البهجة المادية، بل تمتد إلى جوانب إنسانية عميقة.
وتنظم الحملات التطوعية لتوزيع الهدايا على الأسر المحتاجة، كما تخصص زكاة الفطر لدعم الطلاب الأيتام.
العيديات وتقاليد العطاء
يتفنن الأحوازيون في إعداد “المعيديات” للأطفال، حيث تقدم عادة في مغلفات من القماش المطرز تحتوي على نقود جديدة وحلوى. وتقام مسابقات جماعية لجمع التبرعات لبناء المساجد والمدارس، في ممارسة تجسد البعد الاجتماعي للاحتفال.
التحديات المعاصرة وحفظ التراث
ورغم التغيرات الاجتماعية الحديثة، ما زال الأحوازيون حريصين على الحفاظ على تقاليدهم. تواجه بعض الممارسات التراثية كصناعة الفخار التقليدي المستخدم في تقديم الطعام خطر الاندثار، إلا أن مبادرات فردية تقاوم من خلال ورش العمل لتعليم الأجيال الجديدة.
وتعمل الجمعيات الثقافية على توثيق الأهازيج الشعبية المرتبطة بالعيد، خوفا من ضياعها مع تغير الأنماط الحياتية..