أخبار الأحوازأهم الأخبارتقارير

سوس الأحوازية: سبعة آلاف عام من التاريخ

تقع مدينة سوس (سوس القديمة) شمال الأحواز العربية، وتعتبر واحدة من أقدم المستوطنات البشرية في العالم، حيث يمتد تاريخها إلى ما يقرب من سبعة آلاف عام. وقد أصبحت موقعا للتراث العالمي لليونسكو في عام 2015، لما تمثله من قيمة تاريخية وحضارية فريدة.

تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين


تعود بدايات الاستيطان البشري في منطقة سوس إلى حوالي عام 7000 قبل الميلاد، حيث تم اكتشاف بقايا قرية يصل عمرها إلى 7000 عام في محيط هذه المدينة العريقة.
منذ بداية الألفية الرابعة قبل الميلاد، أظهرت مدينة السوس حضورها في ساحة التاريخ، واعتبرت منذ البداية مركزا فنيا وصناعيا وتجاريا وسياسيا. اختيرت مدينة سوسة عاصمة سياسية ودينية خلال العصر العيلامي بسبب هذا الموقع المميز وحتى عام 640 قبل الميلاد؛ عندما تم تدمير المدينة على يد آشور بانيبال، ملك الإمبراطورية الآشورية الجديدة، احتفظت بأهميتها.
وفي منتصف الألفية الخامسة قبل الميلاد (العصر النحاسي)، كان هناك أكثر من 100 قرية في سهل الأحواز، ومن أقدم هذه المستوطنات كانت “جوغا ميش” التي تعود إلى 6800 قبل الميلاد.


وشهدت سوس تعاقب العديد من الحضارات عبر تاريخها الطويل، فكانت عاصمة للإمبراطورية العيلامية، ثم أصبحت مدينة مهمة في العصور الأخمينية والساسانية، وتحمل آثارها بصمات الحضارات العيلامية والأخمينية والإغريقية (السلوقية) والفرثية والساسانية والإسلام.

القلعة الفرنسية: شاهد على حقبة الاستكشافات الأثرية
تقع قلعة سوس، المعروفة أيضا باسم القلعة الفرنسية أو قلعة دي مورغان، على تل أكروبوليس التاريخي بالقرب من ضريح النبي دانيال.
وبنيت القلعة في عام 1897 بأمر من عالم الآثار الفرنسي جاك دي مورغان، الذي قاد البعثة الأثرية الفرنسية في سوس لمدة 15 عاما.

ما يثير الدهشة في هذه القلعة أنها ليست قديمة كما قد يوحي مظهرها، إذ يبلغ عمرها قرابة 125 عاما فقط.
وتم بناؤها على الطراز الأوروبي القرون الوسطي وتشبه قلعة الباستيل في فرنسا، وتتميز بتصميمها شبه المنحرف وهيكلها الضخم.
استخدمت في بناء القلعة أجزاء من المباني التاريخية في المنطقة، حيث تم استخدام طوب من قصر أبادانا (قصر داريوس العظيم) وزقورة جوغا زنبيل، وهي تحتوي على طوب منقوش بالكتابة المسمارية، مما أثار مخاوف المؤرخين المعاصرين حول تأثير ذلك على المواقع الأثرية الأصلية.

وبعد عام 1979 انتقلت ملكية القلعة من فرنسا إلى طهران، وتعرضت لأضرار كبيرة خلال الحرب العراقية الإيرانية، لكن تم ترميمها لاحقا، وتستخدم اليوم كمتحف يعرض القطع الأثرية المكتشفة في المنطقة
ضريح النبي دانيال: موقع مقدس متعدد الأديان
يقع ضريح النبي دانيال بالقرب من نهر شاڤور، مقابل قلعة سوس. وهو موقع ديني مهم للمجتمعات اليهودية والإسلامية على حد سواء.
دانيال، وهو نبي من التوراة العبرية، اشتهر بإيمانه الثابت ودوره كحكيم خلال فترات حكم العديد من ملوك بابل وفارس. ورغم عدم ذكره مباشرة في القرآن، إلا أنه يحظى باحترام كبير في التقاليد الإسلامية
تحيط بالضريح العديد من الأساطير والقصص، منها أن تابوت دانيال وضع في البداية في وسط النهر لحمايته من التدنيس، وأن السلطان السلجوقي سنجر وضع تابوت دانيال الخشبي داخل تابوت أكبر من الكريستال معلق بسلاسل فوق جسر تكريما للنبي.

يتميز الضريح بقبته المخروطية المميزة، وهو يعكس مزيجا من العناصر المعمارية الإسلامية، ويزين داخله أعمال من البلاط الذي يحكي قصصا من حياة دانيال

معالم أثرية أخرى في سوس
إلى جانب القلعة الفرنسية وضريح النبي دانيال، تضم سوس العديد من المواقع الأثرية المهمة، منها:
قصر أبادانا: أحد أفخم القصور في تاريخ الأحواز، بني بواسطة داريوس العظيم خلال العصر الأخميني، بين عامي 521 و515 قبل الميلاد.


أكروبوليس سوس يوفر رؤى أثرية إضافية من خلال تاريخه المتعدد الطبقات الذي يظهر في تخطيط المدينة القديمة والهياكل الدفاعية، مما يبرز الأهمية الاستراتيجية لسوس عبر مختلف الفترات التاريخية
الموقع الأثري لسوس: واحد من أقدم المواقع المأهولة باستمرار في العالم، حيث يمكن للزوار استكشاف بقايا مختلف الحضارات، بما في ذلك الإمبراطوريات العيلامية حتى العصر الحديث، من خلال قصورها ومعابدها ومجمعاتها السكنية
تمثل سوس اليوم متحفا مفتوحا للحضارات القديمة، وتقدم لزوارها فرصة فريدة للسفر عبر الزمن واستكشاف سبعة آلاف عام من التاريخ البشري.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى