ساعة الصفر للهجوم الأميركي على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية
كاميليا انتخابي
في خضم ما يدور حول اغتيال إسماعيل هنية في طهران وارتفاع مستوى التوتر في المنطقة والتهديدات الإيرانية والإسرائيلية في شأن الهجوم المحتمل والتأكيد على خطط صدّه، نشر تقرير مهم جداً عن البرنامج النووي الإيراني.
التقرير أصدرته منظمة الأمن الوطني الأميركي حول النشاط النووي الإيراني وألغيت منه هذه الجملة التي كثيراً ما كانت ترد في تقارير المنظمة السابقة وهي “إيران ليست منهمكة بإنتاج أدوات نووية قابلة للاختبار”.
هذه الجملة كانت وردت في التقرير السابق لمنظمة الأمن الوطني ويعني إلغاؤها من التقرير الذي أصدره مكتب مدير الأمن الوطني الأميركي إلى الكونغرس أن إيران منهمكة فعلاً بأنشطة من شأنها إنتاج أدوات نووية قابلة للاختبار.
هذا التطور جدير بالاهتمام وإذا ما استعرضنا التصريحات التي وردت خلال الأعوام الـ10 الماضية عن المؤسسات الأمنية الوطنية ورؤساء الدول الغربية ومسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني، فإننا الآن أمام واقع تحقيق نية إيران بالاقتراب من اختبار أدوات نووية.
ماذا سيكون الرد الأميركي على هذا التقرير الجدير بالاهتمام؟
كان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أشار مراراً إلى أن الوكالة غير قادرة على تأكيد سلمية النشاط النووي الإيراني.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 قال أمانو بصورة صريحة إن الوكالة لا يمكنها الجزم بأن جميع أنشطة إيران النووية تجري لأغراض سلمية، وكذلك صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بأن إيران يمكنها أن تقترب من إنتاج أسلحة نووية بشدة على رغم أنه لم يحدد وقتاً معيناً لتحقيق ذلك.
وكان بنيامين نتنياهو حذر في مايو (أيار) 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي من أن إيران بإمكانها الوصول إلى إنتاج الأسلحة النووية خلال أشهر.
وفي فبراير (شباط) 2020، أبدى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي قلقاً كبيراً من عدم تعاون إيران مع الوكالة وتحدث عن احتمال وصول إيران إلى مواد نووية تكفي لصنع أسلحة نووية.
وكان وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو قال في أبريل (نيسان) 2020 في مقابلة مع “فوكس نيوز” إن استمرار التساهل مع إيران من شأنه أن يسمح لها بالوصول إلى الأسلحة النووية خلال أشهر عدة.
وكان وزير الخارجية الأميركي الحالي أنتوني بلينكن أكد أخيراً أن إيران بإمكانها إنتاج مواد نووية يصلح استخدامها لصنع قنبلة نووية خلال أسبوع أو أسبوعين.
وقال غروسي في الخامس من أغسطس (آب) من العام الحالي إن إيران بإمكانها تخصيب يورانيوم يكفي لصنع قنبلة نووية خلال أسابيع عدة فقط.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أكدت مراراً أنه إذا ما فشلت خطط العقوبات في ردع البرنامج النووي الإيراني، فإن الخيار العسكري مطروح على الطاولة.
واليوم بعد ارتفاع نسبة التوتر وتدفق التجهيزات العسكرية الأميركية إلى المنطقة، هل علينا أن نصدق بأن جميع هذه الاستعدادات تهدف إلى الدفاع عن إسرائيل؟.
وكان التوتر بين تل أبيب وطهران وصل في أبريل (نيسان) الماضي إلى مثل هذه النسبة التي نعيشها حالياً وأطلقت إيران 200 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل رداً على الهجوم على قنصليتها في سوريا.
والآن يجري الحديث عن رد انتقامي بعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران، لكن هل يستدعي صدّ هذا الرد إرسال ما بين 16 و24 مقاتلة أميركية من طراز “أف-22” إلى قواعدها في قطر؟.
هذه المقاتلات لها إمكانات هائلة وتستطيع الهروب من الرادار في ظروف مناخية مختلفة.
وهل وصل المشروع النووي الإيراني إلى حد يستدعي رداً عسكرياً أميركياً؟
أرى أن إرسال هذا الحجم من السلاح وحاملات الطائرات والمقاتلات لا يهدف إلى الدفاع عن إسرائيل فقط، فالولايات المتحدة الأميركية لديها قوات في قواعد متعددة في المنطقة (في تركيا والعراق وسوريا والأردن وإسرائيل والبحرين وقطر والإمارات ومصر) تضم 42 ألفاً من قواتها وأرسلت 32 بارجة بحرية إلى مياه البحر المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط.
وأرسلت الولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط قطعاً بحرية متعددة منها المدمرة “فورد” والبارجة الحربية “يو أس أس نورماندي” و “يو أس أس رميج” و”يو أس أس كارني” و”يو أس أس روزفلت”، وبالتزامن أرسلت مقاتلات إضافية من طرز “أف-35″ و”أف-15″ و”أف-16” إلى المنطقة.
الأميركيون جاؤوا إلى المنطقة للاستفادة من الفرصة السانحة أمامهم بعد ارتفاع حدة التوتر والخصومة في المنطقة، من أجل القضاء على القدرات العسكرية والنووية الإيرانية.
في تقرير مدير الأمن الوطني الأميركي ورد أن النظام الإيراني يملك أكبر عدد من الصواريخ الباليستية في المنطقة ويحاول كثيراً من أجل رفع مستوى دقتها وقوة تدميرها والاطمئنان على سلامة عملها ومن المحتمل أنها استخلصت دروساً من خلال الهجوم الصاروخي وبالمسيّرات على إسرائيل في أبريل الماضي، والموضوع الأهم يكمن في أنها أعلنت العمل على منصات إطلاق فضائية منها “سيمرغ” التي تقلل فترة إطلاق الصواريخ عابرة القارات.
نظراً ًإلى خفض عمليات التفتيش ورقابة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتوسيع نطاق الأنشطة النووية الإيرانية، فإن النظام وصل إلى مرحلة متقدمة من إنتاج قنبلة نووية.
وخلافاً لتحليل بعض الخبراء الذين اعتبروا أن زيارة مستشار الأمن القومي الروسي إلى طهران أتت من أجل إقناع إيران بعدم الرد على الهجوم الإسرائيلي، أرى أن هذه الزيارة كانت لإيصال تحذير إلى إيران من هجوم أميركي قريب ضد المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية.
ما نراه في المنطقة لجهة إيفاد عدد كبير من القوات والتجهيزات العسكرية هو أكثر مما يتطلبه الدفاع عن إسرائيل في حال تعرضت لهجوم.
وبعد زيارة المبعوث الروسي إلى طهران وإبلاغه المسؤولين هناك بإمكان وقوع هجوم أميركي كبير ضد المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، أطلقت إيران فوراً مناورات عسكرية شملت اختباراً للصواريخ غرب البلاد أول من أمس الثلاثاء وأمس الأربعاء.
النظام الإيراني والولايات المتحدة الأميركية وصلا إلى نقطة يمكن أن نشهد فيها هجوماً ضد القدرات الصاروخية والمنشآت النووية.
وهذا الهجوم لا يهدف إلى إسقاط النظام وستستمر الولايات المتحدة الأميركية بمواصلة الأسلوب الذي اتبعته مع صدام حسين، إذ تمكنت من تدمير قدراته العسكرية والدفاعية عام 1990 في عملية “طوفان الصحراء”.
والحرب في أوكرانيا وكذلك في غزة شكّلتا فرصة للنظام الإيراني من أجل توسيع برامجه النووية.
هذه الفرصة يبدو أنها لم تكُن خافية على الولايات المتحدة، فالتقرير الذي ورد إلى الكونغرس يكشف لنا عن أن الحشد العسكري الأميركي في المنطقة من شأنه القضاء على البرنامج النووي الإيراني وعلى برنامجها الصاروخي.
وورد في هذا التقرير أن “لدى طهران بنى تحتية وتجارب ضرورية من أجل الإنتاج السريع لليورانيوم المخصب لاستخدامه لأغراض عسكرية”.
وهذه الجملة تكفي لتذكيرنا بأن اغتيال إسماعيل هنية في طهران وبرنامج الانتقام الإيراني و”حزب الله” وجميع الميليشيات المنتمية لإيران في المنطقة، يمهدان أمام أميركا الطريق للردّ على الشكوك والقلق الذي يساور البرنامجين النووي والصاروخي لإيران.
يذكر أنه حتى حلفاء إيران مثل الصين وروسيا لن يدعما حصولها على قنبلة نووية.
هل لدى طهران قنبلة نووية أم أنها تقترب من الوصول إليها؟، هذا السؤال سنجد الإجابة عنه خلال الأيام المقبلة.
نقلاً عن “اندبندنت فارسية”